بقلم : عبدالجبار عوض الجريري الاحد 2013-12-01 23:31:59 عبدالجبار الجريري حتى تكون إيجابياً في الطرح والنشر هناك مبادئ جميلة وسهلة جداً يجب أن يتحلى ويتصف بها كل عامل في حقل الإعلام إن أراد أن يظهر الحقيقة للرأي العام . على الإعلامي التحلي بالمسؤولية في أن يكون مسؤول عن كل ما ينشره من معلومات وبيانات للجمهور،لا أن يكون متجنياً على الآخرين مختلقاً لأخبار كاذبة لا أساس لها من الصحة أبداً ! ربما يذهب البعض من الإعلاميين إلى بث شائعات وأكاذيب مغرضة يهدفون من ورائها إلى لفت انتباه القراء والجمهور ،غير مبالين بأن هذا الأسلوب سيكون السبب في إحالتهم إلى حظيرة الكذابين النمامين الذين لا قيمة لهم بين الناس . التفكير الأخلاقي من أهم الأمور التي ينبغي على الإعلامي التحلي بها خلال ممارسته مهنته ، حيث يتوجب عليه قبل أن يقدم على نشر ما يود نشره أن يفكر في مدى فائدة هذه المعلومات بالنسبة للرأي العام والجمهور ،فإذا كانت مضرة ما يود نشره أكبر من فائدته من منظور الرأي العام لا من منظوره هو ،لأنه ربما ترى أنت بعينك شيء تستحسنه ولكنه في نظر الآخرين قبيح سيء لا ينبغي نشره فيحبذ أن لا تنشر ما ترى في نشره مضرة على الجمهور. كثيرون هم الإعلاميون اليوم الذين تناسوا هذه الصفة التي من المفترض أن تكون ملازمة لهم أينما كانوا ! عدم الانحياز في تغطية الأحداث ونشر الأخبار من الأشياء التي قلما تجدها اليوم في الإعلاميين الذين صار الكثيرون منهم لا يتقنون فن الحياد في نشر الأخبار،ناسون القاعدة الرئيسية التي تقول ( الرأي حر ، والخبر مقدس ) ،فأضحوا يدسون أرائهم وسط الأخبار، ولا يتنزهوا عن سرد الحقائق والوقائع والأحداث بشكل موضوعي صادق غير منحاز . مما سبب لهم ضعفاً في شعبيتهم لدى الرأي العام ،وجعل البعض يشكك في مدى صحة و حقيقة هذه المعلومات التي ينشرونها ومصداقيتها . للأسف الشديد احترام حقوق الآخرين من القيم الإعلامية التي تكاد تكون مغيبة تماماً عن الكثير من وسائل الإعلام في محيطنا المحلي والعربي ربما لسبب أن البعض يعتقد بأنه لا توجد هناك حقوق للآخرين يتوجب احترامها سوى حقوقه هو فقط ! وهذه أنانية تخطت كل القيم والأخلاق والمبادئ التي يتوجب على المسلم أن يتحلى بها فضلاً عن الإعلامي الذي من المفترض أن يكون قدوة في هذا المجال . إن الإعلامي الناجح هو من يتعامل مع حقوق الآخرين وكأنها حقوقه ،فلا يتعدي عليهم لا بالكذب ولا بالاتهام الباطل الذي ليس له وجهُ حق ؛ بل يتجنب التجريح والسب والشتم والقذف ،ولا يحاول أن يكون محققاً جنائياً ،أو قاضياً أو نائباً عاماً يفصل في القضايا، بل ينشر الحقائق كما هي دونما زيادة أو نقصان ؛ بيد أنه لا يمنع من نشر تفاصيل تتعلق بجرائم أو غيرها إذ أن ذلك لا يدخل في إطار المساس بحقوق الآخرين، وإنما في إطار إطلاع الرأي العام على حيثيات هذه الحوادث لأخذ العبرة والعظة . اشتهرت الصحافة الصفراء في السابق بعدم التزامها المصداقية والموضوعية في الأخبار،حيث عمدت إلى خلق شائعات وأكاذيب وأراجيف وتهويل الأحداث لكي تلقي إقبالاً للشراء من قبل الجمهور، مما جعلها في نهاية الأمر تكون منطوية على نفسها ،خسرت الناس ومكانتها في الوسط الإعلامي . ولا عجب إن قلنا بأن هناك وسائل إعلام في وقتنا هذا تعمل مثل ما عملت الصحافة الصفراء إن لم يكن أشد، فصارت أخبارها سوداء ملفقة مصنوعة في أروقة مكاتب هذه الوسائل ،فيتم تصديرها مباشرة دون أي فحص أو عرضها على المقاييس المعمول بها في الإعلام ! مما جعلها تفقد مصداقيتها لدى القراء وتقل شعبيتها . الناس عادة لا يثقون في من كذب عليهم مرة واحدة ..فما بالك بمن يكذب مراراً وتكراراً ؟ لذلك التزام الدقة والصحة في نشر الأخبار والمعلومات من أهم مقومات العمل الصحفي ،التي يتوجب التحلي بها لمن يريد أن يرتقي برسالته ، ويبث الفكر النير لدى قرائه . بعض الصحفيين والإعلاميين وللأسف لا يرتقون إلى مستوى العمل الإعلامي الصحفي ،حينما نجدهم بكم صم لا يفقهون ولا يعقلون .عندما الناس يتكلمون في الشام مثلاً وهم يحاولون إبعاد الناس عن هذا الحديث من خلال حديثهم عن آواني صينية جديدة نزلت في الأسواق ، أو فتح نقاشات بيزنطية عقيمة عن أيهما الأجدر بالاحترام الحمار أم الكلب ! غير أن صنف آخر من الإعلاميين والصحفيين أقرب للهمجية في طرحه وحديثه وتناوله للقضايا ، فتراه عنيداً جاهلاً بأبسط الأمور التي يعرفها الكبير والصغير ويخوض جدلاً واسعاً عن أمراً الناس يتحدثون فيه من جانب واضح الكل متفق عليه، وهو يحدثهم في نفس القضية ولكن من جانب لا ينتج غير الجدل والتقوقع في مربع مقولة " حماري أقوى من حمارك "؛ حيث نجد الناس على سبيل المثال يتحدثون عن حضرموت ، ويأتي بعض الإعلاميين المتبجحين يحدثونهم عن الأحقاف وما هي الأحقاف !! يا زلمة – على قولة السوريين – مش هذه الأحقاف هي حضرموت ؟ تعددت الأسماء والمكان واحد . البعض منا لا يتقن سوى السب والشتم واللعن والكذب والافتراء والتضليل على الحقائق وتزوير الوقائع والانتقاص من الآخرين ! وكأن القواميس العربية لا يوجد بها غير التهجم على الآخرين ؛ عملياً هذا هو أسلوب الفاشلون العاجزون عن الإتيان بمثقال ذرة من الحق.. أما صاحب الحق فهو الذي يتحدث من باب المنطق والعدل والحق والعقل لكي يصل للحقيقة ،لا يلجا للسب ،لأن السب لن ينفع ولو كان ينفع لنفع كفار قريش حينما كانوا يسبون الصادق الأمين الرسول صلى الله عليه وسلم . ينبغي على الإعلاميين والصحفيين أن تكون لهم رسالة هادفة يعملون على إيصالها للقراء بشفافية تامة دونما التباس،وأهداف نبيلة يسعون لتحقيقها ،وزيادة على هذا كله يستشعروا الأجر من الله وحده ولا ينتظروا أن يشكرهم أحداً على صنيعهم ، أو يتم منحهم وسام رئيس الجمهورية أو الملك الفلاني على جهودهم التي يقومون بها ؛ ينبغي على كل صحفي وإعلامي أن يخلص عمله لله تعالى ولا ينتظر هبة أو ثناء أو إطراء من زيد ولا عمرو ؛ من يجعل وجه الله مراده ومبتغاة فلن يخيب ولن يخسر أبداً ،بل سيفوز وسينجح ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قل خيراً أو أصمت ) . 54