حاصر المسلمون قريظة خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار، فقال لهم كعب بن مالك رئيسهم: يا معشر اليهود اني عارض عليكم ثلاثة سبل فخذوا أيها شئتم أولها نتابع هذا الرجل (يقصد النبي صلى الله عليه وسلم) فوالله لقد تبين لكم انه لنبي مرسل وانه للذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم! قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره! كعب: فإن أبيتم هذه، فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج الى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف، فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه، وان ننتصر سنجد النساء والأبناء. قالوا: نقتل هؤلاء المساكين؟ فما خير العيش بعدهم؟ كعب: فإن أبيتم هذه علي، فإن الليلة ليلة السبت، وان عسى ان يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها، فانزلوا من الحصون لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة. قالوا: نفسد سبتنا علينا، ونحدث فيه ما لم يحدث ممن كان قبلنا إلا من قد علمتم فأصابهم ما لم يخف عليكم من المسخ؟ ولم يبق أمام قريظة إلا الاستسلام للنبي صلى الله عليه وسلم، فاستسلموا وعندئذ قال قائل من الأوس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ان يهود قريظة كانوا موالينا دون الخزرج وقد وهبت بني قينقاع الى اخواننا الخزرج. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون يا معشر الأوس ان يحكم فيهم رجل منهم؟ قالوا: بلى، فأوكل الأمر الى سعد بن معاذ، فحكم سعد بأن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء،. وكان ذلك جزاء ما اقترفه يهود قريظة من غدر وخيانة لعهدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم.