دعا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، إلى بذل المزيد من الجهد لتعزيز المسيرة الاتحادية لتمكين مؤسسات الدولة للتصدي للهموم الوطنية بكل مسؤولية وشفافية، حفاظاً على الوطن قوياً حر الإرادة، معلناً سموه عن إطلاق مشروع إنشاء 10 آلاف وحدة سكنية في إمارات الدولة، كما وجه سموه بإنشاء هيئة للتوطين في القطاعين العام والخاص، وسن التشريعات للتأمين ضد التعطل عن العمل. وقال صاحب السمو رئيس الدولة في كلمة وجهها بمناسبة اليوم الوطني ال41، إن الاستقرار الذي تنعم به الإمارات هو من ثمار الإرادة القوية لأبناء الشعب وقيادته الذين اتخذوا من روح الاتحاد مصدر الإلهام لمشروع وطني خالص، وتجربة حضارية جوهرها هوية وطنية وقيم واعراف وتقاليد أصيلة. وأعلن سموه بهذه المناسبة اطلاق مشروع اسكاني متكامل جديد، يشتمل على بناء 10 آلاف وحدة سكنية، على امتداد امارات الدولة ومناطقها، مكلفاً سموه لجنة متابعة المبادرات التي كان سموه قد وجه بتشكيلها، بالتنسيق مع الجهات الاتحادية والمحلية لتنفيذ هذا المشروع، الذي يأتي استكمالاً لمبادرات سموه، تكريساً لمبدأ التنمية المتوازنة بين مناطق الدولة، التي تهدف من خلال هذه المبادرات الى تركيز الجهد الحكومي وتوجيه الموارد المالية للارتقاء بالبنية التحتية والخدمات الأساسية في جميع امارات الدولة ومناطقها، مع اعطاء أولوية قصوى للمشروعات التطويرية ذات العلاقة المباشرة بحياة الناس. وأكد سموه أن الجهود الاتحادية والمحلية تتكامل لحماية الأسرة ورعاية الأمومة والطفولة وتعزيز آليات تمكين المرأة ودعم حقوقها. كما وجّه سموه بإنشاء هيئة تتبع مجلس الوزراء تكون من مهامها الرئيسة التوطين في القطاعين العام والخاص، وسن التشريعات اللازمة للتأمين ضد التعطل عن العمل والقيام بتأهيل الشباب. وقال سموه إن الدولة لم تتوانَ عن توفير الضمانات الاجتماعية للمواطنين في مختلف الحالات الاجتماعية اضافة الى رعاية مختلف العلوم والآداب والفنون وتطوير التعليم وتشجيع البحث العلمي. وأوضح سموه ان «الدولة تبنت استراتيجية التنوع الاقتصادي والتوظيف الجيد لموارد النفط في تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة، كما أولت القضايا البيئية اهتماماً لما لها من أهمية محورية في حياة الإنسان ورفاهيته ومستقبله، والعمل على تكاتف الجهود لجعل الإمارات مركزاً عالمياً للممارسات الخضراء». وأكد سموه مضي الدولة في المسار المتدرج لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وصولاً الى نموذج سياسي يعبر عن الواقع ويتلاءم مع طبيعة المجتمع. شمس النهضة وفي نص الكلمة، قال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة: في ذكرى هذا اليوم الخالد، الذي أرسيت فيه دعائم الدولة، وأشرقت شمس النهضة؛ أتقدم لكم بأحر التهاني وأنتم تنهضون بالوطن، وتدافعون عن قيم الاتحاد وثوابته، واقفين كعهدكم دوماً حصناً منيعاً له وقلباً نابضاً بالمحبة والولاء تجاهه، وراية خفاقة عالية في سمائه، وباسمكم أهنئ أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وهم يتصدون للمسؤوليات الوطنيةِ المتعاظمةِ المتمثلة في الحفاظ على منجزات الحاضر وبناء مستقبل زاهر كريم. إن الثاني من ديسمبر، الذي نحتفل اليوم بذكراه ال41، هو يوم لترسيخ ثقافة المواطنة وتعميق حب الوطن، وتأكيد الولاء الدائم له، وتعزيز التلاحم والتواصل القائم بين الشعب وقيادته، يوم نستحضر فيه بالثناء والوفاء والعرفان سيرةَ مؤسسِ الدولة، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ونتذكر إخوانه الكرام الذين أرسوا دعائم دولة نفتخر بالانتماء إليها والدفاع عنها، ندعو الله أن يسكن الراحلين من آبائنا المؤسسين فسيح جناته. وفي هذا اليوم ندعو إلى المزيد من الجهد لتعزيز المسيرة الاتحادية، فحماية الاتحاد هدف وطني ثابت يتطلب منا جميعًا وعيًا ووحدةً وتلاحماً إعلاءً لقيمه وتوطيداً لأركانه، وتطويراً للتعاون القائم بين الأجهزة الاتحادية والمحلية، وتنسيقاً للسياسات والاستراتيجيات والبرامج، بما يمكّن مؤسسات الدولة من التصدي للهموم الوطنية بكل مسؤولية وشفافية، حفاظاً على وطننا قوياً حرّ الإرادة يتفانى أبناؤه في خدمته والانتماء إليه، والدفاع عنه لتظل قامته شامخة ومكانته راسخة بين الشعوب والأمم. إن ما تعيشه بلادنا من استقرار هو من ثمار الإرادة القوية الأبية لأبناء هذا الشعب وقيادته، الذين اتخذوا من روح الاتحاد مصدر الإلهام لمشروعٍ وطني خالص وتجربةٍ حضاريةٍ، جوهرها هوية وطنية وقيم وأعراف وتقاليد أصيلة مرتكزها إنسان آمن في مجتمعه، مطمئن على رزقه، مساهم بالمعرفة والعمل في بناء وطنٍ يسوده العدلُ ويعمّه الرضا ويتشارك جميع أبنائه مسؤولية إدارة شأنه وصناعة مستقبله. وتكريساً لمبدأ التنمية المتوازنة بين مناطق الدولة، وإيماناً بأنه روح الاستقرار وأساس البيئة المثالية المنشودة لتنشئة الأجيال في أسرٍ تنعم بالعيش الكريم، أطلقنا حزمة مبادراتٍ هادفة غايتها تركيز الجهد الحكومي وتوجيه الموارد المالية للارتقاء بالبنى التحتية والخدمات الأساسية في جميع إمارات الدولة ومناطقِها، مع إعطاء أولويةٍ قصوى للمشروعات التطويرية ذات العلاقة المباشرة بحياةِ الناسِ في رفاهيتهم ومصادر رزقهم، وعلى رأسها برامجُ الإسكان وإمدادات المياه والكهرباء وشبكات الطرق والجسور والسدود والمستشفيات والمدارس والمساجد وموانئ الصيادين، وما يرتبط بهذا من زيادةٍ في الإنفاقِ العام، وخلقٍ للمزيد من فرص التشغيل المستدامة، بما يعزز جهود التوطين ويحفز الموارد البشرية على المشاركة الفعالة في سوق العمل. وإيماناً منا بأن السكن هو أساس الاستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأسر المواطنة، وضمن السعي المستمر لتوفير الحياة المستقرة الكريمة لكل مواطن ومواطنة، نعلن اليوم إطلاق مشروعٍ إسكانيٍ متكاملٍ جديد يستهدف بناء 10 آلاف وحدة سكنية على امتداد إمارات الدولة ومناطقها، على أن تتولى لجنة متابعة المبادرات التي وجهنا بتشكيلها التنسيق الفوري مع الجهات الاتحادية والمحلية المعنية بما يعجّل بتنفيذ المشروع ويحقق غاياته. هيئة للتوطين في سياق اهتمامنا البالغ بتطوير القوى البشرية الشابة وتنميتها، فإننا وجّهنا بإنشاء هيئة تتبع مجلس الوزراء، وتكون من مهامها الرئيسة التوطين في القطاعين العام والخاص، علاوة على سن التشريعات اللازمة من أجل التأمين ضد التعطل عن العمل والقيام بتأهيل الشباب بالتعاون مع القطاع الخاص وتدريبهم وتزويدهم بالمهارات الضرورية وزيادة الفرص الوظيفية للكوادر الوطنية في قطاعات العمل المختلفة العامة والخاصة، وما يترتّب على ذلك من آثار إيجابية اجتماعياً واقتصادياً يقود إلى تحقيق الغايات الأساسية لخطط التنمية الرامية إلى بناء الإنسان وتطوير قدراته وخبراته من أجل توفير الرفاه والاستقرار الاجتماعي. وتابع سموه: وتعزيزاً للقدرة الوطنية الذاتية وحفاظاً على حقوق الأجيال القادمة، تبنت الدولة استراتيجية التنويع الاقتصادي والتوظيف الجيد لموارد النفط في تنمية القطاعات الاقتصادية الواعدة والصناعات ذات القيمة المضافة العالية وتشجيع القطاع الخاص للإسهام الجاد في عملية التنمية وتوفير المناخ الملائم لجذب الاستثمارات وإنشاء المناطق الحرة، وتكوين الشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية وتحديث القوانين والتشريعات وتوسيع إسهام القطاع المالي وقطاع الخدمات اللوجستية في الناتج المحلي الإجمالي، التي وجدت ترحيباً من الأوساط المالية العالمية. ولا يفوتنا في خضم ذلك كله إيلاء الاهتمام الكبير للقضايا البيئية لما لها من أهمية محورية في حياة الإنسان ورفاهيته ومستقبله، وفي هذا المجال تتكامل جهودنا اتحادياً ومحلياً لجعل الإمارات مركزاً عالمياً للممارساتِ الخضراء، بتبني أفضل الحلول والتطبيقات، وما يرتبط بها من تطويرٍ واستحداثٍ للتشريعات ذات العلاقة بحمايةِ البيئة وتنميتها والمحافظة عليها وإدارةِ الموارد الطبيعية والمائية وضبط استهلاك المياه والطاقة وزيادة مساحة المحميات البرية والبحرية ومكافحة التصحر وحماية الحيوانات المهددة بالانقراض وتحسين الجاهزية للتعامل مع الأزمات والكوارث البيئية، خصوصاً أن الحفاظَ على البيئةِ هو حفاظ على الإنسان الذي هو أغلى ما تمتلكه هذه الدولة وأكثر ما تهتمّ به، ولن تألو الدولة جهداً في تلبية الاحتياجات والتطلعات المتنامية وتوفير كل ما من شأنه تحسين مستوى المعيشة وحماية المستهلك وضمان الأمن الغذائي وتأمين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين والمقيمين. إن كل ما نطلقه من مبادراتٍ ذات علاقة مباشرة بحياة الناس وتطلعاتهم هي أوامر واجبة النفاذ غير قابلةٍ للإبطاءِ أو التأخير، وعلى الجهات المعنية بالتنفيذ تذليل العقبات وتجاوز الصعوبات لترجمة مبادراتنا إلى مشروعات ملموسة يستشعرها الناس. إننا ماضون في المسارِ المتدرج الذي ارتضيناه لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار وصولاً إلى نموذجٍ سياسي يعبر عن الواقع ويتلاءم مع طبيعةِ المجتمع ويتناسب في قيمتهِ مع ما حققه أبناء شعبنا من تطور اقتصادي وعمراني وحضاري وإنساني، وإذ يحدونا الشعور بالرضا عما تحقق فإننا متفائلون بما يحمله المستقبل من آمال و طموحات، واثقون من أننا سنبلغ أهدافنا التي تنطلق من مجتمعنا وتعبر عن تطلعات المواطنين. سياسة إنسانية وذكر سموه أن نجاح سياستنا الخارجية هو أحد أبرز الإنجازات المشهودة لدولتنا، ذلك أنها سياسة إنسانية العمق، قائمة على الحكمةِ والاعتدال، تستمد مبادئها من ثقافتنا العربية الإسلامية الأصيلة، ومن ميثاقِ الأممالمتحدة، وأحكامِ القانون الدولي، الداعية إلى التعايشِ السلمي وبناءِ الثقة وحُسنِ الجوار والاحترامِ المتبادل وعدمِ التدخل في الشئون الداخلية للدول واتباع الوسائل السلمية لتسوية النزاعات والخلافات. وأكمل: والتزاماً بهذه المبادئ، نكرر الدعوة للحكومة الإيرانية للجلوس إلى طاولة الحوار وارتضاء التحكيم الدولي حلاً لقضية جزرنا الثلاث المحتلة بما يرسخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، وهو التزام وأولوية قصوى في سياستنا، فما يربطنا بمحيطنا الخليجي يتجاوز حدود التاريخ والجغرافيا إلى روابط الدم والدين والمصالح المشتركة، وهي علاقات مصيرية راسخة نعمل على تعزيزها تنسيقاً وتكاملاً وتقارباً لما فيه مصلحة دول المنطقة وشعوبها. وإيماناً بالمبادئ نفسها نتابع باهتمام التحولات التي تشهدها بعض الدول العربية الشقيقة، مؤكدين احترامنا لسيادتها ودعمنا لخيارات شعوبها وحرصنا على الإسهام في حل ما تواجهه من مشكلات وتحديات وما تمر به من أزمات، داعين إلى تبني الحوار وتحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية، رافضين أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، كما نرفض أي تدخل في أمننا أو سيادتنا أو شؤوننا الداخلية.