GMT 0:03 2013 السبت 7 ديسمبر GMT 1:08 2013 السبت 7 ديسمبر :آخر تحديث علي الرز قامت الدنيا ولم تقعد... من البانيا الى كل جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق الى غيرها من الدول التي اشتمت رائحة نية المجتمع الدولي دفن مخزون بشار الاسد الكيماوي في اراضيها او التخلص منه في منشآتها. هتف المتظاهرون امام عدسات الكاميرات:"رئيسنا سيسقط وحكوماتنا ستسقط واحزابنا السياسية ستسقط ان تم تمرير هذا المشروع"، وعندما قيل لهم ان عملية اعدام الكيماوي ستتم باشراف منظمة حظر الاسلحة الكيماوية التابعة للامم المتحدة ولن تؤثر في البشر، اسهب المتظاهرون في الحديث عن مضار الكيماوي على النبات والشجر والهواء والبيئة، ثم شكلوا سلسلة بشرية في الموقع الذي يفترض ان يتم فيه جلب كيماوي الاسد كي لا يمر المشروع الا على اجسادهم. توقفت الخطة الاولى لكن المشروع يجب ان يمر. هكذا تقتضي المسرحية التي اخرجها الروسي ولعب دور البطولة الخائبة فيها الاميركي وتولى الايراني فيها ادارة مشهد تحريك الدمية الدموية. الستارة لم تسدل هنا ولا يجب ان تسدل والا فما معنى تحريك الاساطيل واجتماعات الكونغرس والحل الذي قضى بحفظ ماء وجه باراك ابن حسين اوباما. النهاية تقتضي ان يقف الرئيس ويقول انه حقق بالديبلوماسية ما قد لا يحققه العمل العسكري متمتعا بتلحين صوته ومحاضرته عن الغد الجديد وتصفيق النخبة المنتقاة من قبل ادارة العلاقات العامة. حسنا، اقترح الروسي ان يتم دفن كيماوي الاسد في المحيطات الآسيوية. استنكرت هيئات بيئية دولية الاضرار بالثروة السمكية والشعب والنباتات في قيعان البحار. ما العمل؟ الروسي مستعجل والاميركي مستعجل اكثر وستارة مسرحية انقاذ الدمية الدامية يجب ان تغلق في حد اقصاه الربيع المقبل. فكروا في صيغة قد تجد طريقها الى الحل وهي ان يتم اتلاف جزء من كيماوي الاسد فوق سفن اميركية بتقنية المياه المفتتة للمركبات القاتلة، اما الجزء الآخر فستجرى مناقصات بين شركات عالمية لتكليف الفائزة بالعقد مهمة تدمير الجزء الباقي انما في اطار الشروط الجديدة... سترسو السفن الاميركية في ميناء اللاذقية وتبحر بالكيماوي لكن عقدة الموانىء التي ستستقبلها بقيت موجودة. ارتبك العالم حقيقة في كيفية تدمير كيماوي الاسد. تعامل مع القضية بكل شفافية. احترم خيارات الشعوب الرافضة لدفنه في اراضيها واستجاب لاحتجاجات هيئات البيئة الرافضة لدفنه في بعض البحار. العالم لا يمزح في قضية حماية النبات والشجر والهواء والبيئة والسمك والشعب المرجانية... كله الا الشعب المرجانية فهي ثروة لها دورها في تحصين الطبيعة البحرية. كان يمكن لرؤساء العالم المتحضر المتمدن الحر ان يعفوا انفسهم من الارتباك مع انصار البيئة والسلام الاخضر. كان بامكانهم توفير المصاريف التي تكبدوها نتيجة اضطرارهم الى تغيير خططهم والاتفاق مع شركات عملاقة. كان بامكانهم تلافي كل هذا الارباك لانقاذ الدمية الدموية بتركها تجتر الدم فيتخلصون من الكيماوي ومن الشعب السوري في الوقت نفسه. لا مشكلة لدى العالم في ان يؤخذ طفل سوري من منزله ويعود اليه بلا احشاء، فالجريمة هنا حصلت بالسكين لا بالكيماوي. لا مشكلة لديه في ابادة تظاهرة بالرصاص او اسقاط براميل البارود من الطائرات او سير الدبابات على الاجساد والاشلاء او قصف طوابير الخبز امام الافران... هذه كلها اسلحة تقليدية. بل لا مشكلة في استخدام الكيماوي خمس مرات من باب دراسة الموضوع والتحقق منه، اما وقد حصل ما حصل في الغوطة و"زل" لسان وزير الخارجية الاميركي ومسؤولي الاستخبارات وقالوا ان الصور والدلائل تؤكد ان الدمية الدموية هي من امر بهذه الابادة فلا بد من تصحيح ال"زلة" وايجاد مخرج لمرتكبيها لا لمرتكب الجريمة. العالم الذي انسحب من واجباته وغض النظر عن مجزرة القرن مرتبك في كيفية تدمير كيماوي الاسد من دون الاساءة الى البيئتين البرية والبحرية، والمواطن السوري الذي ارتكب فعل المطالبة بالحرية والديموقراطية والتغيير يعيش يوميا في معسكر الابادة مترقبا الطريقة التي سيذبح بها. ما اصعب ان يتمنى الانسان الذي يموت مرتين كل اليوم ان يصبح سمكة، نبتة، شجرة، هواء، ماء... فربما دخل في اهتمامات العالم المرتبك بيئيا... الساقط اخلاقيا.