محمد هلال الخالدي شدد المفكر السعودي أستاذ علم الاجتماع السياسي د.خالد الدخيل على أهمية قمة دول مجلس التعاون الخليجي 34 التي تجري حاليا في الكويت، وقال في لقاء خاص مع «الأنباء» ان المنطقة تمر بمنعطف خطير جدا يتطلب مواقف حاسمة وإعادة حسابات جذرية من قبل قادة دول المجلس، وحدد بدقة عاملين اعتبر أنهما يشكلان ضرورة قصوى للبدء بهما وهما أولا الاصلاحات الداخلية في كل بلد من بلدان دول مجلس التعاون الخليجي، وثانيا تعزيز منظومة دول المجلس نحو مزيد من الوحدة بأي صيغة ممكنة تضمن لهذه الدول قوة أكبر من قوة كل دولة على حدة، خاصة في ظل التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها المنطقة مع التغيير الكبير الذي تشهده خارطة التحالفات الدولية، كما شدد على ضرورة أن تلعب دول المجلس دورا أكبر لضمان استقرار مصر كونها الداعم الأكبر لأمننا، وتطرق كذلك لمواضيع ذات أهمية بالغة نفصلها في الحوار التالي: بداية كيف تقرأ مستقبل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي في ظل التصريحات الأخيرة حول الاتحاد؟ ٭ لا شك ان هذه القمة تنعقد في فترة حرجة جدا، صحيح أنه يقال مثل هذا الكلام في كل قمة خليجية، لكن هذه المرة تختلف تماما، فهي تمثل بالفعل نقطة مفصلية في واقع المنطقة نتيجة لتتابع الأحداث الكبرى التي تجري حاليا في مساحة واسعة من الوطن العربي والشرق الأوسط عموما وفي وقت واحد، وأخشى حقيقة ألا تكون هذه القمة بمستوى الحدث خاصة في ظل غموض القرار الخليجي الموحد تجاه ما يجري في سورية ومصر والاتفاق الأميركي الإيراني، فهذه القضايا تحتاج لحسم وموقف موحد يعبر حقيقة عن دول المجلس بوصفها منظومة واحدة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى التصريح المفاجئ الذي أعلنه وزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي حول رفض التحول إلى صيغة اتحاد بين دول المجلس يشكل تهديدا حقيقيا لأمن هذه الدول، ليس لأن سلطنة عمان ضد فكرة الاتحاد، فهذا من حقهم أن يوافقوا أو يرفضوا، لكن المشكلة في توقيت طرحها قبل انعقاد القمة بيومين. لكن هذا الموقف العماني ليس جديدا، سبق ان ردده وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي سابقا، فلماذا تتفاجأون الآن؟ ٭ صحيح، والاشكالية ليست في موقف سلطنة عمان من فكرة الاتحاد، فهذا كما قلت من حقهم، وبالامكان مناقشة هذا المشروع داخل القمة والخروج بموقف يرضي جميع الأطراف، كأن تتفق الدول الخمس الأخرى المؤيدة للاتحاد وتعتذر سلطنة عمان في هذا الجانب، ثم تناقش صيغة الاتحاد هل هي كونفيدرالية أم فيدرالية أم توحيد وزارات معينة وغيرها.. الاشكالية تكمن في التهديد بالانسحاب من المنظومة. ماذا تتوقع لمستقبل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي في ظل التهديدات العمانية بالانسحاب في حال اقرار الاتحاد؟ ٭ أولا تم الاعلان أنه لن يتخذ قرار حاسم حول مسألة الاتحاد في هذه القمة، لكن من الممكن مناقشة الموضوع وموقف سلطنة عمان واستطلاع مواقف بقية الدول، ونحن نعرف على الأقل أن السعودية والبحرين وقطر مع فكرة الاتحاد، في حين لم تعلن الكويت والامارات موقفها بعد، وعمان أعلنت رفضها. أعتقد بالامكان إيجاد صيغة توافقية تضمن بقاء سلطنة عمان في المنظومة وبعلاقات طيبة مع دول المجلس الأخرى التي يمكن أن تعقد اتحادا يضمن لها موقفا موحدا وقويا تجاه المتغيرات الاقليمية، وفي حال إقرار صيغة تحول التعاون إلى اتحاد كامل فبالامكان مواصلة المسيرة بدون عمان، وستبقى أيضا دولة شقيقة وجارة مهمة، هذا لا يخلق تعارضا وعداء بالتأكيد، بل أعتقد أن سلطنة عمان عندما ترى الاتحاد ناجحا ستعود وتنضم إليه. وما الخيارات الأخرى المتاحة لدول مجلس التعاون الخليجي؟ ٭ أولا: علينا أن نفهم أن الدول العربية بأكملها أصبحت أشبه بجدار متصدع، فقدت الكثير من عوامل القوة، ولم يتبق من الدول الكبرى سوى مصر والسعودية، ومن هنا يجب أن نفهم موقف السعودية مما حدث في مصر، لكن ما الخيارات المتاحة؟ لا يوجد، ولا يمكن للمملكة أن تقف متفرجة على انهيار مصر التي تعتبر أهم وأكبر الدول العربية، وهي الداعم الأول لأمن واستقرار دول الخليج، يجب أن يفهم أبناء دول مجلس التعاون الخليجي أن استقرار مصر وقوتها هما ضمانة لنا نحن في الخليج، والمسألة ليست كرها في الاخوان المسلمين على الاطلاق كما يروج البعض. من هنا أقول بكل وضوح وأشدد على ضرورة أن تلعب السعودية والكويت وبقية دول المجلس دورا أكبر وفاعلا في رأب الصدع بين الأشقاء في مصر، فيجب أن تبادر السعودية الى عقد مؤتمر مصالحة وطنية تجمع فيه الأطراف والقوى الوطنية المصرية ويتم الاتفاق على برنامج عمل وصيغة توافقية للحكم قبل انهيار الدولة.