د. عبد العزيز حسين الصويغ موضوع جميل نشره الزميل المهندس طلال القشقري على موقع كُتاب المقال في السعودية، في موقع (واتس أب WhatsApp) عن رئيس وزراء تركيا السابق عدنان مندريس -رحمه الله- (1899 17 سبتمبر 1961) هو أول زعيم سياسي منتخب ديمقراطيًّا في تاريخ تركيا. أعدمه العسكريون شنقًا بعد انقلاب سنة 1960، مع اثنين من أعضاء مجلس وزرائه، ليكون آخر سياسي تركي يُعدم بعد انقلاب عسكري، وواحدًا من ثلاثة سياسيين في تاريخ الجمهورية التركية يُقام له ضريح تكريمًا لذكراه (السياسيان الآخران هما أتاتورك، وتورغوت أوزال). *** ولا أدري لماذا عندما شاهدت صور إعدام منديس على بعض مواقع الشبكة العنكبوتيه تداعت أمامي صورة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. فقد عبرت الصور الفوتوغرافية التي التقطت لإعدام عدنان مندريس عن شخصية الرجل الذي ظل رأسه شامخًا بشجاعة، وشدّة مراس ذكّرتني بالفيديو الذي نقل مشاهد من عملية إعدام صدام حسين. فرغم كل تحفظاتنا علي ممارسات صدام التي ساهمت في تعجيل مُخطط تفتيت العراق، وإنهاء القوة العسكرية للعراق، الذي كان العرب يعتبرونه حارس البوابة الشرقية للأمن القومي العربي، إلاَّ أن الرجل مات عالي الرأس شامخًا، كما قال فيه الشاعر العراقي عباس جيحان: «ما دنق براسه وانحنى لجلاد رغم سلسلوا رجله وشدوا كفوفه رفض يلبس نقاب الموت وضحك عالموت سنه وعينا تشوفه» *** لكن ورغم هذا شتّان بين عدنان مندريس، وصدام حسين. فبينما ساهم صدام بإرادته، أو بغفلة منه في النهاية المأساوية التي انتهت إليها العراق، فإن مندريس نقل بلاده نقلات أدهشت المراقبين، وحطمت كل توقعاتهم بفشل برنامجه الانتخابي الذي قدمه للشعب التركي مُرشحًا للحزب الديمقراطي عام 1950، ليفوز بأغلبية ساحقة، شكّل على إثرها حكومة جديدة وضعت حدًّا لهيمنة حزب أتاتورك، وعكفت على تحقيق وعوده الانتخابية المتمثلة بالتالي: أعاد الأذان إلى العربية. أدخل الدروس الدينية إلى المدارس العامة. فتح أول معهد ديني عالٍ إلى جانب مراكز تعليم القرآن الكريم. كما قامت حكومة عدنان مندريس بحملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة، وافتتاح المصانع، وتشييد شبكة طرقات، وجسور، ومدارس، وجامعات، الأمر الذي أدّى إلى تراجع حدّة التوتر السائد بين الشعب والدولة بسبب الإجراءات المناهضة للإسلام. *** وجاءت انتخابات عام (1954) ليكتسح فيها حزب مندريس الفوز مُجددًا، ويستكمل برنامجه فيسمح بتعليم اللغة العربية، وقراءة القرآن الكريم، وتدريسه في جميع المدارس حتى الثانوية، وأنشأ (10 آلاف) مسجد، وفتح (25 ألف) مدرسة لتحفيظ القرآن، وأنشأ (22) معهدًا في الأناضول لتخريج الوعاظ والخطباء وأساتذة الدين، وسمح بإصدار المجلات والكتب التي تدعو إلى التمسك بالإسلام، والسير على هديه، وأخلى المساجد التي كانت الحكومة السابقة تستعملها مخازن للحبوب، وأعادها لتكون أماكن للعبادة. وتقارب مندريس مع العرب ضد إسرائيل، وفرض الرقابة على الأدوية والبضائع التي تصنع في إسرائيل، وطرد السفير الإسرائيلي سنة (1956م). *** كانت إجراءات مندريس أكثر ممّا تتحمّله القوى العلمانية، أو يهضمه أعداء الإسلام، فحشدت هذه القوى أنصارها لإحداث أعمال شغب ومظاهرات في شوارع المدن الكبرى، تمهيدًا للانقلاب على حكومة مندريس، وعقدت محاكمة شكلية انتهت بسجن رئيس الجمهورية مدى الحياة، والحكم بإعدام مندريس ليحكم مجلس عسكري من 38 ضابطًا برئاسة زعيم الانقلاب الجنرال جمال جورسيل، فوق إرادة الشعب التركي. نافذة صغيرة: (لقد كان السبب المباشر الذي قاد مندريس إلى حبل المشنقة، سياسته التي سمحت بالتقارب مع العالم الإسلامي، والجفاء، والفتور التدريجي في علاقتنا مع إسرائيل). الصحفي سامي كوهين. [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain