د. قيصر حامد مطاوع انطلقت مبادرة الملك عبد الله للحوار بين الأديان منذ عام 2007م وعقدت العديد من الاجتماعات والحوارات في هذا الخصوص، والتي تم على إثرها إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) في فيينا في عام 2012م، ليعزز لغة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وفهم الآخر واحترام معتقداته. ورغم ما تقوم به المملكة في الخارج من جهود لتعزيز الحوار بين الأديان منذ أكثر من خمس سنوات، إلا أن ذلك لم ينعكس بشكل كبير في الداخل حتى الآن ولم نشعر بأنه قد أدى إلى تغير ملحوظ في الخطاب الديني من قبل البعض لتعزيز لغة الحوار بين الأديان المبني على احترام الآخر ونبذ روح الكراهية والحقد والإقصاء. وبلا ريب، إن البعض مازال ينظر إلى حوار الأديان على أنه غير مرغوب فيه ولا جدوى منه. وإذا كان هناك حوار، فإن الغرض الوحيد منه هو إقناع الآخر بالدخول في الإسلام، وإذا لم يتحقق ذلك فإنه يجب أن يتوقف الحوار. وهذا يتضح جلياً من الخطاب الديني المتشدد من قبل البعض لدينا، والذي لا يصب في مصلحة الحوار، بل يوقد نار البغض والضغينة على أتباع الأديان الأخرى. فكيف سنعزز لغة الحوار والبعض لدينا مازال يدعو من منابر المساجد على أصحاب الأديان الأخرى؟ وماذا ستكون ردة فعل غير المسلمين الذي يسكن البعض منهم بالقرب من المسجد ويسمع الدعاء عليه بشكل مستمر؟ أي مصداقية ستكون لنا من قبل هؤلاء عندما نتحدث عن حوار الأديان! في الحقيقة بعضنا يشبه إلى حد كبير من لديه انفصام في الشخصية، حيث يوجد لدينا خطاب متسامح في الخارج يختلف عن الخطاب المتشدد من البعض في الداخل. وليس مستغرباً أن يواجه حوار الأديان في الداخل كل هذه المعوقات، فقد واجه الحوار مع أتباع المذاهب والطوائف الأخرى التي تدين بالإسلام ذات الصعاب. مع الأسف، إن ريح التشدد من قبل البعض، تعصف بأي حوار بنّاء ينبذ التطرف وإقصاء الآخر. إن حوار الأديان سيظل يعاني من العديد من المعضلات التي تشل مفاصله، ما لم يكن هناك خطوات ملموسة في تأهيل المجتمع من الداخل لحوار الأديان المبني على الاحترام والتسامح مع الآخر، ويكون ذلك بعدة طرق، منها إعداد مناهج التعليم والتدريس المساعدة وبرامج التوعية وغيرها، بالإضافة إلى نبذ الخطاب الديني الداخلي للتطرف وكره الآخر وتقبل أتباع الأديان الأخرى واحترامهم، حتى لا ندور في حلقة مفرغة دون أن نخطو خطوات إيجابية في هذا الموضوع. إذا أردنا أن يصل صوتنا المتسامح للخارج لتعزيز حوار الأديان واحترامها، فإنه يجب أن يكون هناك تأهيل للمجتمع من الداخل ليحترم أتباع المذاهب والطوائف والأديان الأخرى (الآخر)، ولنزرع في نفوس الأجيال القادمة روح التسامح. [email protected] تويتر: Qmetawea [email protected]