الخرطوم - عماد حسن: وسط احتدام المعارك بين طرفي الصراع في جنوب السودان وجهود دولية لحضهما على التحاور لوقف الأزمة المستفحلة، اكتشفت الأممالمتحدة مقابر جماعية في ثلاث مناطق على الأقل في جنوب السودان لتعزز بذلك التقارير عن وجود مذابح عرقية وقبلية في هذا البلد، في وقت احتدمت فيه المعارك بين طرفي الصراع وسط جهود أمريكية ودولية لحضهما على الحوار، وفر حاكم ولاية أعالي النيل، كما توقف ضخ النفط من ولاية "الوحدة" بعد سيطرة المعارضين . وأكدت الأممالمتحدة العثور على مقبرة جماعية تضم قرابة 75 جثة في ولاية الوحدة بجنوب السودان ومقبرتين جماعيتين أخريين في جوبا بعد أعمال عنف عرقية، بعد نحو 10 أيام من اندلاع القتال بين نظام الرئيس سلفاكير والموالين لنائبه السابق رياك مشار . وأكد رئيس البعثة الإنسانية للأمم المتحدة في جنوب السودان توبي لانزر أن الآلاف قتلوا في أسبوع من المواجهات . وطالبت نافي بيلاي المفوضة العليا في الأممالمتحدة المكلفة حقوق الإنسان طرفي الصراع بحماية المدنيين، وحذرت من أن القادة العسكريين والزعماء السياسيين قد يمثلون للمحاكمة لارتكاب جرائم . وقالت في بيان "حالات القتل الجماعية التي تتم خارج نطاق القضاء والتي تستهدف أشخاصاً على أساس العرقية والاعتقالات الاستبدادية تم توثيقها في الأيام الأخيرة، اكتشفنا مقبرة جماعية في بنتيو بولاية الوحدة، وهناك تقارير بوجود مقبرتين جماعيتين في جوبا" . وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامداساني أن جثث الاشخاص البالغ عددهم 75 جثة والتي عثر عليها في مقبرة جماعية في بنتيو التي زارها موظفو حقوق الإنسان بالأممالمتحدة يعتقد أنهم تابعون للجيش الشعبي لتحرير السودان . ولوح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بملاحقة دولية للمتورطين في انتهاكات راج أنها ارتكبت على نطاق واسع خلال الأيام ال9 الماضيات . وحذر كي مون طرفي الصراع من أنه سيتعين عليهما تحمل مسؤولياتهما في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقال بان إن العالم يراقب ما يحدث عن كثب وأن الهجمات ضد المدنيين وقوات حفظ السلام يجب أن تتوقف فوراً . ومن جهتها أكدت منظمة الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" أن العنف الذي اندلع في جنوب السودان أجبر نحو 81 ألف شخص على مغادرة مساكنهم . وأشارت إلى أن تداعيات النزاع في جنوب السودان أسوأ مما كان يعتقد حتى الآن . وذكرت المنظمة أن معسكرات الأممالمتحدة في جنوب السودان وحدها استقبلت نحو 45 ألف لاجئ طلباً للحماية . وقالت المنظمة إن الصراع المسلح في جنوب السودان طال نصف ولايات جنوب السودان العشرة، وإن ما لا يقل عن عشرين ألف شخص لجأوا إلى معسكرات الأممالمتحدة في العاصمة جوبا، وإن نحو 17 ألف لاجئ يعيشون في معسكر الأممالمتحدة في مدينة بور، عاصمة إقليم جونقلي، ونحو سبعة آلاف شخص في بانتيو، عاصمة ولاية الوحدة "يونيتيه" الغنية بالنفط، وهما المدينتان اللتان يسيطر عليهما الثوار . وأعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، أمس الثلاثاء، عن قلقها البالغ إزاء مخاطر انزلاق دولة جنوب السودان نحو كارثة على شعبها والمنطقة . وقالت أشتون، في بيان، "إن مثل هذا الوضع يمكن ويجب تجنبه"، مؤكدة أن قادة الدولة السياسيين تقع عليهم مسؤولية ضمان ألا تنزلق جنوب السودان نحو هذه الكارثة . في الأثناء، أعلن وزير النفط بجنوب السودان ستيفن ديو داو، أمس، توقف ضخ النفط من ولاية الوحدة التي سيطر عليها المتمردون الذين يقودهم نائب الرئيس السابق رياك مشار، في وقت تحدثت مصادر عن انتقال المعارك لولاية أعالي النيل . وقال الوزير ديو عبر الهاتف ل"رويترز"، إن إنتاج بلاده من النفط الخام تراجع بمقدار 45 ألف برميل إلى 200 ألف برميل يومياً بعد توقف حقول ولاية الوحدة جراء القتال . وأفاد شهود عيان بأن اشتباكات اندلعت، أمس، داخل مقر القيادة العسكرية للجيش الشعبي في ملكال عاصمة ولاية "أعالي النيل"، الواقعة شمالي دولة جنوب السودان، وسط أنباء عن فرار حاكم أعالي النيل، سايمون كون فوغ، إلى مقر بعثة الأممالمتحدة بمدينة ملكال عاصمة الولاية . ولم ترد أي تصريحات رسمية من قيادة الجيش أو حكومة الولاية حول هذه الاشتباكات حتى الآن . ووسط تضارب الأنباء حول موافقة طرفي الصراع على عملية تفاوض لإنهاء الأزمة المستفحلة منذ نحو عشرة أيام، صرح مسؤول أمريكي بأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حض الثلاثاء رياك مشار على وقف القتال والتحاور مع خصمه الرئيس سلفاكير . وقال المسؤول إن وزير الخارجية الأمريكي دعا خلال اتصال هاتفي مع مشار إلى "وقف القتال وبدء مفاوضات سياسية" . وفي جوبا، قال مسؤول أمريكي بعد أن اجتمع مع سلفاكير إن كير ملتزم ببدء محادثات مع مشار لإنهاء القتال في البلاد . وأضاف المبعوث الأمريكي الخاص إلى جنوب السودان دونالد بوث "الرئيس كير تعهد لي بأنه مستعد لبدء محادثات مع ريك مشار لإنهاء الأزمة من دون شروط مسبقة بمجرد أن يكون نظيره مستعداً لذلك .