أعلن كل من المتمردين وجيش جنوب السودان السيطرة على مدينة ملكال الاستراتيجية، أمس، بينما تجري في نيروبي مساعٍ دبلوماسية تحاول احتواء الأزمة التي دفعت نحو 122 ألف شخص من جنوب السودان للنزوح من منازلهم منذ اندلاع النزاع منتصف ديسمبر، حسب ما أعلن في جنيف مكتب الأممالمتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية. وتفصيلاً، صرح الناطق باسم المتمردين موزس رواي، بأن «ملكال تحت سيطرة كاملة للقوات الموالية لنائب الرئيس سابقا رياك مشار»، مؤكداً أن القوات الحكومية رحلت. ورد وزير الدفاع في جنوب السودان كوول مانيانغ جوك متحدثاً عن «تضليل إعلامي»، ومؤكداً في المقابل أن المتمردين انسحبوا وأن ملكال باتت بالكامل تحت سيطرة القوات الحكومية. وقال إن «عناصر رياك، وهم في الواقع بعض عناصر الشرطة والجيش، قد هزموا ولم يبق منهم احد في ملكال». واندلعت معارك عنيفة في 15 ديسمبر، وتكاد تتحول إلى حرب اهلية، وذلك بسبب عداوة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق المقال في يوليو رياك مشار. ويتهم الاول الثاني بأنه حاول القيام بانقلاب، بينما ينفي الثاني، مؤكداً أن الرئيس يريد القضاء على كل أعدائه، وفضلاً عن بور سيطرت قوات مشار على مدينة استراتيجية اخرى وهي بانتيو، كبرى مدن ولاية الوحدة النفطية، وبور في ولاية جونقلي، التي استعادها الجيش الثلاثاء. واشنطن تحذر من انقلاب قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن موفد الحكومة الأميركية إلى السودان وجنوب السودان، السفير دونالد بوث، لايزال في جوبا، حيث يحض القادة الجنوبيين على التوصل إلى «حل سلمي للازمة». وأضاف «قلنا بوضوح إن أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية ستؤدي إلى إنهاء دعم الولاياتالمتحدةلجنوب السودان». وجددت واشنطن، راعية استقلال الجنوب، وأكبر داعميها سياسياً، التأكيد إلى الطرفين أنها ستوقف مساعدتها إذا وقع انقلاب عسكري. وتقع مدينة ملكال في شمال جنوب السودان، وهي كبرى مدن ولاية أعالي النيل التي تزخر بالنفط، وتتواجه فيها القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير مع المتمردين منذ الاثنين. ويقوم النزاع في هذه الدولة الفتية التي استقلت عن السودان في يوليو 2011، على عداوة قديمة بين قبيلة الدينكا التي ينتمي اليها سلفا كير، وقبيلة النوير التي يتحدر منها رياك مشار، لكنه يكتسي ايضا بعدا سياسيا. ومنذ أيام عدة تفيد معلومات بأعمال عنف واغتيالات وعمليات اغتصاب ومجازر ذات طابع قبلي. وأعلنت الاممالمتحدة أن حصيلة المعارك التي اندلعت منتصف ديسمبر بلغت آلاف القتلى، مشيرة إلى العثور على مقابر جماعية. وأعلنت الاممالمتحدة العثور على مقبرة جماعية في بانتيو وحصيلة تشمل مجمل أنحاء البلاد، بسقوط آلاف القتلى. ويكثف المجتمع الدولي (الاممالمتحدةوالولاياتالمتحدة والدول الافريقية والصين) جهوده من أجل تفادي نشوب حرب أهلية. وعلى الصيعد الدبلوماسي، عقدت أمس في نيروبي، قمة طارئة للهيئة الحكومية للتنمية (ايغاد) المنظمة الاقليمية الفرعية التي ساهمت في ابرام اتفاق السلام بين حركة التمرد والخرطوم في 2005، ما وضع حدا للحرب الاهلية بين الشمال والجنوب، وافسح المجال أمام استقلال جوبا. وتأتي القمة غداة زيارة الرئيس الكيني اوهورو كينياتا ورئيس الوزراء الاثيوبي هايلي ميريام ديسيلين إلى جوبا في وساطة لدى الرئيس سلفا كير. وقال وزير الخارجية الاثيوبي إن «تقدماً كبيراً أحرز خلال الزيارة»، وتأتي هذه الوساطة الجديدة بعد الوساطات التي قامت بها الاسبوع الماضي دول من شرق إفريقيا المجاورة لجنوب السودان. وفي الأثناء تحاول الأممالمتحدة التي هدد أمينها العام، بان كي مون، الأربعاء، المسؤولين على ارتكاب تجاوزات بعقوبات، إرسال تعزيزات من القوات الدولية. وقررت الاممالمتحدة التي تجاوزتها الاحداث مع بداية المعارك، ارسال 6000 جندي دولي إضافي ووسائل جوية (ست مروحيات قتالية ومروحيات نقل وطائرة نم طراز سي 130) من أجل حماية المدنيين الذين احتمى عشرات الآلاف منهم في قواعدها. وفي جنيف قال مكتب الأممالمتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية في بيان «نزح ما لا يقل عن 121 ألفاً و600 شخص، بسبب الازمة الخطرة في جنوب السودان»، معرباً عن خشيته من ارتفاع العدد لقلة المعلومات المتوافرة لدى الوكالات الانسانية على الارض في هذا الملف. وبين هؤلاء النازحين لجأ 63 ألفاً إلى قواعد للامم المتحدة، خصوصاً في جوبا وبور ومالاكال وبانتيو. وفي العاصمة جوبا وحدها ترك 25 ألف شخص منازلهم، وفقاً لمكتب الاممالمتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية. ولتمويل عملياتها في البلاد وجهت الوكالات الانسانية نداء للاسرة الدولية لجمع 166 مليون دولار.