جمع المعرض الفني الذي أقيم في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، والذي اختتم أمس، ثلاثة أنماط فنية بدأت مع الكبتوغراف أو الخط التصويري الذي قدمه الفنان محمد طوسون، لتصل إلى الوجدان الذي يربط الإنسان بالأرض والطبيعة من خلال لوحات الفنان عبدالوهاب عبدالمحسن، وصولاً إلى الكاريكاتير الساخر مع الفنان جورج البهجوري. ويأتي هذا المعرض جزءاً من فعالية «ليالي المحروسة» التي أقامت مجموعة من الأنشطة، ومنها ندوة حول القضايا العربية في السينما المصرية، وأخرى حول الرواية العربية بعد نجيب محفوظ، كما استضافت فرقة الإسماعيلية للفنون الشعبية، والفرقة القومية العربية للموسيقى. قدم الفنان محمد طوسون الحروف العربية والكتابة ضمن أسلوب يقوم على الجمع بين التصوير والخط والتشكيل، فتبدو النصوص التي يضعها كأنها جزء من مشهد تتداخل فيه الكواكب والمخلوقات. يوجِد طوسون في أعماله مساحة للجمع بين عوالم مختلفة، فهو يجذب الكواكب إلى المخلوقات البرية والبحرية، ثم لا يلبث أن يلبس اللوحة رداء الحروفية باللون الأصفر الذي يمنحها الإيحاء بأنها حروف مذهبة. تتداخل الحروف والرسومات وفق تركيبات معقدة فيخوض الفنان من خلال التركيب اللوني غمار تجربة تقوم على الإبحار في عالم اللون والاستمتاع به إلى أقصى درجاته، لكنه لا يلبث أن يمنح التعقيد بعضاً من الحلو فيجعلها في متناول كل من يشاهد اللوحة، فيضمنها أجنحة الطاووس المنفردة، أو حتى سمكة تسبح في محيط مفعم بالألوان. تحمل أعمال طوسون الكثير من الدلالات الروحية، فهي تميل إلى الجوانب الصوفية التي توحي بكثير من الصفاء ولاسيما مع الألوان التي يستخدمها والتي تمنح اللوحات هذا الجو. ألوان طوسون التي تتدرج بين الأصفر والبرتقالي بشكل أساسي في معظم الأعمال تأخذ من الأزرق والأخضر ليكون الكون هو الملهم الأول لأعمال طوسون. أما النصوص التي يختارها طوسون في أغلب لوحاته فهي غالباً ما تحمل معاني دينية، فتوجد بعض الآيات القرآنية كاللوحة التي حملت اسم «الإخلاص»، والتي قدم في نصها سورة الإخلاص مع الطاووس، إلى جانب لفظ الجلالة (الله) الذي وجد في مختلف الأعمال بسياقات متباينة. أنماط فنية قدم المعرض ثلاثة أنماط فنية بدأت مع الكبتوغراف، أو الخط التصويري، الذي قدمه الفنان محمد طوسون، لتصل إلى الوجدان الذي يربط الإنسان بالأرض والطبيعة، من خلال لوحات الفنان عبدالوهاب عبدالمحسن، وصولاً إلى الكاريكاتير الساخر مع الفنان جورج البهجوري. الرسم وسيلة للتعبير لا يستخدم البهجوري الرسم وسيلة للنقد وإنما للتعبير، وكذلك لتقديم هذا الفن برؤيته هو، فيصور الشخصيات العالمية ويتناول أعمال فنانين عالميين من خلال رسم لوحاتهم، وهذا ما يوجد بين المتلقي والعمل علاقة لا يمكن أن يوجدها رسام الكاريكاتير العادي المنشغل بهموم الوطن والسياسة. أما التركيب والتقسيم الخاص باللوحة فهو متميز عند البهجوري كونه يدمجها بضربات تشكيلية، تزيد من الحركة في اللوحة، وتجعلها أكثر زخماً بالتقطيعات. أما اعتماده على الأسود في الرسومات فيجعله يرتكز على التظليل في الرسم كي يتمكن من إيجاد كل هذه التقاسيم والحركات اللونية. والى جانب اللوحات قدم الفنان المصري المقيم في فرنسا، الذي لقبته الصحافة الفرنسية ببيكاسو مصر، مجموعة من الأعمال حول فرق الأوركسترا الموسيقية، التي شخّص فيها العازفين، ما يؤكد على أن البهجوري لا يترك حياة الناس البسطاء جانباً، ما يجعل أغلب أعماله تتسم بالصفاء والنقاء. وفي سياق تقديم الطبيعة، ومن خلال الرصاص والألوان، يقدم الفنان عبدالوهاب عبدالمحسن تكوينات الطبيعة بأسلوب تعبيري قائم على علاقة متينة تجمع الفنان بالأرض. يفصح عبدالمحسن من خلال لوحاته عن الوجدانيات التي تربطه بالطبيعة، ويحاول أن يقدم هذه العلاقة من خلال التضاريس الطبيعية المتباينة. يأخذ تارة من مياه البحر ثم الأعشاب، ثم لا يلبث أن يصور المساحات الواسعة في الطبيعة مع الاعتماد على التكرار في الكثير من المشاهد التي قدمها. يجرد عبدالمحسن طبيعته من البشر ليتركها مسكونة بالعشب والماء والنور والظلال، فتبدو اللوحات كأنها أماكن دافئة تبعث على الانكفاء على الذات، كما يمنحها النزعة التجريدية من خلال التقاطعات اللونية. ولا يمكن وصف الطبيعة التي يقدمها عبدالمحسن بالساحرة، فهو يبتعد عن الصخب في اللون كي يقدمها هادئة، وغالباً ما يعتمد على الثنائية اللونية في العمل، كأن تكون بالأبيض والأسود فقط، فتبدو مفعمة بالصدق ما يمنحها إيحاء الصوفية إلى حد ما. هذه المعالجة للطبيعة تجعل الفنان يبدو كأنه يعالجها معالجة فطرية تنطلق من الانتماء، فالعزلة التي يفرضها مع تنحية البشر عن لوحاته لا تلغي فكرة الانتماء إلى العالم والبيئة والمحيط. هذا الانتماء إلى العالم محفوف بالحلم بكونه جميلاً وهادئاً ولا يتحمل الكثير من الألم الذي تفرضه الحياة على البشر، أو أنه أشبه بحالة هروب إلى واقع أفضل حال، فالطبيعة هي المكان الذي مازال يستطيع تحمل المعاني الجميلة في الحياة المثقلة بالهموم اليومية. أما فنان الكاريكاتور جورج البهجوري فقدم مجموعة من الاسكتشات الساخرة التي كان من خلالها يلقي الضوء على بعض الأعمال الفنية أو مشاهد مرتبطة بالموسيقى. الأعمال التي قدمها البهجوري حملت بعض الاسكتشات التي رسمها على أعمال لبيكاسو، وإلى جانب بعض الأعمال الفنية، وكذلك بعض الرسومات من المجموعة التي قدمها في معرض خاص في مصر حول أم كلثوم. لا يتوجه البهجوري إلى المتلقي بثوب رسام الكاريكاتير العادي، فهو يلبس أعمال بعض الدراما ليجعلها أكثر التصاقاً بأفكاره وتصوراته عن القضايا التي يتناولها. لا يستخدم البهجوري الرسم وسيلة للنقد وإنما للتعبير، وكذلك لتقديم هذا الفن برؤية خاصة. يصور الشخصيات العالمية ويتناول أعمال فنانين عالميين من خلال رسم لوحاتهم، وهذا الذي يوجد بين المتلقي والعمل علاقة لا يمكن أن يوجدها رسام الكاريكاتور العادي المنشغل بهموم الوطن والسياسة. أما التركيب والتقسيم الخاص باللوحة فهو متميز عند البهجوري كونه يدمجها بضربات تشكيلية، تزيد من الحركة في اللوحة، وتجعلها أكثر زخماً بالتقطيعات. أما اعتماده على الأسود في الرسومات فيجعله يرتكز على التظليل في الرسم كي يتمكن من إيجاد كل هذه التقاسيم والحركات اللونية. والى جانب اللوحات قدم الفنان المصري المقيم في فرنسا، الذي لقبته الصحافة الفرنسية ببيكاسو مصر، مجموعة من الأعمال حول فرق الأوركسترا الموسيقية، التي شخّص فيها العازفين، ما يؤكد أن البهجوري لا يترك حياة الناس البسطاء جانباً، ما يجعل أغلب أعماله تتسم بالصفاء والنقاء. بهجوري حصل البهجوري على دبلوم في الفنون الجميلة في القاهرة عام 1955، ثم درس الفنون الجميلة في باريس عام 1971. أقام وشارك في أكثر من 100 معرض. فاز بجوائز عديدة في مجال الكاريكاتور، ومنها الجائزة العالمية الأولى في روما لعامي 1985 و1987، وجائزة بينالي إيطاليا للكاريكاتور1978. من مؤلفاته كتاب «بورسعيد 56»، «السادات 80»، و«باريس 1990». عبدالوهاب عبدالمحسن ولد الفنان عبدالوهاب عبدالمحسن عام 1951 في كفر الشيخ، تخرج من كلية الفنون في الإسكندرية عام 1976. أقام وشارك في العديد من المعارض الجماعية والفردية في مصر وخارجها، ومنها في القاهرة وإخناتون ومركز الجزيرة للفنون، والهند وموسكو والنرويج. حاز مجموعة من الجوائز المحلية والدولية، ومنها جائزة شرفية في ترينالي الغرافيك الدولي في مقدونيا 2006. محمد طوسون ولد الفنان محمد طوسون في القاهرة، وتخرج في كلية الفنون الجميلة شعبة التصوير الزيتي. قدم مجموعة من المعارض، منها معرض خاص بدار الأوبرا، ومعرض صالون القاهرة، ومعرض أتيليه القاهرة، ومعرض ملتقى الفنانين العرب. أما أعماله فقد اقتنيت من قبل متحف الفن الحديث 1989 (إسبانيا أميركا انجلترا - فرنسا - الإمارات - السعودية - الأردنقطر).