جمع المعرض التشكيلي الذي نظمته مؤسسة العويس الثقافية، ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي المصري، الأسبوع الماضي، بعنوان "ليالي المحروسة" ثلاثة فنانين، كل منهم نسيج وحده. أي لكل منهم نكهته الخاصة الذي تميزه عن الآخرين، سواء بشطَحًاته الجمالية وفلسفته الفنية، أو بتفلّته من القوالب أو الأطر المعتادة في اللعبة البصرية، على مستوى التناغم بين اللون والخطوط والضوء والظل، والعمق أو البعد المشهدي في اللوحة، كون اللوحة هي الإطار، الذي يجمع رؤى وإشراقات الفنان، التي تختزل الواقع، بل الوجود برمته، وتتجاوزه إلى عَتَبَات أخرى، وزمن آخر، مختلف بكل إيقاعاته عما هو مألوف، ما يؤسس لعملية خلق جديدة، تعيد اكتشاف الذات والواقع بصيغة أكثر إنسانيةً، صيغة تؤسس بالضرورة لوعي جديد، يجعل الواقع أقل قباحة، والوجود أكثر جمالاً. معرض جورج بهجوري، وعبدالوهاب عبدالمحسن ومحمد طوسون، في مقر مؤسسة العويس الثقافية، الذي ضم حوالى خمسين لوحة، بدى وكأنه ثلاثة عوالم متمايزة، لكل منهم خصوصية متفردة ومتمردة في الوقت عينه. الفنان بهجوري، الذي انطلق إلى عالم الكاريكاتير والسخرية مبكراً يقول "لأن الناس كانوا يصادرون حريتي في التعبير والكلام، فتحول الغضب والرفض إلى الشخبطة على الورق والجدران، وعندما دخلت كلية الفنون الجميلة في الخمسينيات التقيت بالفنان الشهير حسين بكار، ومنه تعلمت الرسم كفن وتشكيل، فواصلت رفضي للواقع التعليمي بالرسم، وكنت أسخر من الأحياء والكيمياء. وتطورت الحكاية حتى صارت الشخبطة توزع الآلاف من مجلة روز اليوسف، إلى أن وصلت إلى تشابك الخطوط في "الخط الواحد" في زاويتي بجريدة "الأهرام"، أي لا أرفع يدي عن الورقة حتى تنتهي الرسمة، بالعودة إلى النقطة التي إنطلقت منها لتأكيد رؤيتي الأولى". وإذا كان الأمر في اللوحة الكاريكاتورية بمثابة رفض للقيود والحدود من خلال السخرية، فإن بهجوري في اللوحة التشكيلية لايقل تمرداً. وعندما قلنا له، أليس الكاريكاتير أكثر بهجة وأقرب إلى الناس من الفن التشكيلي؟ أجاب بثقة كبيرة إن العالم العربي مهيأ لتلقي اللوحة التشكيلية أكثر من أي منطقة في العالم، نحن أصل الفنون وروادها" ويضيف "وعلينا أن لا ننسى أن الإحساس بالفن التشكيلي عند العرب عال جداً، فالناس في الأرياف يبيضون البيت ويزينونه بالرسوم لاستقبال الحجاج، وكذلك يفعلون في تزيين المدافن". ولما سألناه عن حوافزه للرسم؟ قال "هناك الكثير من الأشياء أو الأمور التي تشدني إلى الرسم ولكن في مقدمتها الموسيقى، ولعل لوحة المايسترو من أقرب اللوحات إلى نفسي، عندما يقف في مسرح أوبرالي ويقود عشرات الموسيقيين للخروج بنغمة متجانسة، فإن هذه المشهدية تبهرني، والموسيقى تحملني بعيداً عن كل البشاعات. ولما سألناه بخصوص الأحصنة التي يفرد لها عدداً لا بأس به من اللوحات، وماذا أراد أن يقول من خلالها؟ أجاب: لا شيء، كل ما في الأمر هناك حصان عامل، وحصان بطل، وحصان نجم، كل حسب موقعه ومكانته. بحيرة البرلس ... المزيد