محمد الحميدي رغم التجار ب النضالية والخبرات القتالية التي أمتلكها شعب الجنوب خلال مختلف مراحل تاريخه السياسي في المقاومة والكفاح المسلح لصد الغزاة وإخراج المحتلين بدئاً من الغزو البرتقالي في عام 1507م وانتهاءً بالبريطاني في عام 30نوفمبر1967م إلا إننا نراه اليوم يأثر الخيار السلمي على خيار العنف في صراعه القائم مع الاحتلال اليمني الجاثم على أرضه وفي إطار رده على كل أعمال العنف والإرهاب والقتل والبطش والتنكيل التي تمارس بحق أبنائه منذ اجتياح أرضهم وإسقاط دولتهم في يوليو الأسود/1994م0 في اعتقادي أن المدنية التي تقوم عليها التركيبة الاجتماعية في الجنوب والمستوى الفكري والحضاري التي يتمتع به سكانه وكذلك متغيرات السياسة الدولية منذ انتهاء الحرب الباردة في اوخر الثمانينات من القرن الماضي ونتائج حرب 1994م قد لعبت دوراً مهماً في ترسيخ هذا الخيار الحضاري في فكر ونهج شعب الجنوب لحل قضيتهم بأتباع مبدأ إلا عنف 0 حيث انه بانتهاء الحرب الباردة بدأت مرحلة عالميه جديدة بين دول العالم تقوم على أساس المصالح والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ونبذ ا العنف في حل الصراعات والنزاعات الداخلية والخارجية وجعل الحوار الوسيلة الأمثل لحلها وهو ما تجسد بانفراج دولي لعدد من القضايا الدولية التي مثلت محور ارتكاز الأمن والسلم العالميين كالقضية الفلسطينية وقضية الفصل العنصري(الابرتايد) في جنوب افريقيا وحصول عدد من دول اورباء الشرقية على استقلالها وتوحد الألمانيتين والوحدة الطوعية بين الشمال والجنوب في اليمن لولا انقلاب نظام صنعاء على ذلك الخيار وفرض خيار القوه وإلغاء مشروع دولة الوحده0 إن نظرية الخيار السلمي(الساتيا جراها) لحل الصراعات ليست وليدة ذاتها بل هي خيار سياسي استخدمه المهاتما غاندي خلال قيادته لمرحلة النضال التحرري للشعب الهندي ضد الاحتلال البريطاني منذ مطلع عشرينات القرن الماضي حتى نال الهند استقلاله الوطني في أغسطس 1947م وهو أيضا الخيار الذي تبنته حركة أتبور الطلابية في يوغسلافيا السابقة (صربيا) ضد الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش في أكتوبر 1998م وأدت إلى إسقاطه المشكلة التي يواجها الجنوبيين اليوم في خيارهم هذا إن النظام اليمني لا يؤمن بهذا الخيار ويؤمن بخيار العنف والقوه للاستجابة لمطالب الآخرين وفقاً لثقافته ومفاهيمه وهذه هو ما تحدده العلاقة القائمة بين القبائل ومختلف فئات المجتمع اليمني كما يعتقد في حساباته إن لجوء الجنوبيين للخيار السلمي يأتي من مصدر الضعف وليس القوه 0 أن فشل المرحلة الانتقالية لبناء الدولة الاتحادية بين كل ًمن الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقيام الأولى بإعلان الحرب واجتياح الأخرى وضمها إلى كيانها في 1994م دفع أبناء الجنوب إلى تبني إشكال عديدة من النضال لاستعادة حقوقهم بدئاً بالمقاومة المسلحة ثم المعارضة السياسية و المقاومة الشعبية في أواخر التسعينات ولكن واجهة السلطة كل مطالبهم بعنف وصلف شعبي وسلطوي ومزيداً من الانتهاكات فأعلنوا في 7يوليو2007 ثورتهم السلمية التحررية ( الحراك السلمي) لنيل حريتهم واستقلالهم واستعادة دولتهم0 وعلى مدى خمسة أعوام من النضال التحرري و (13) عام من النضال المطلبي قدم شعب الجنوب مئات الشهداء وآلاف الجرحى ومئات ألاف من المعتقلين والمسرحين من وظائفهم واللاجئين والمشردين داخل الوطن وخارجه وارتكب الاحتلال اليمني بحقه الكثير من الجرائم التي ترتقي إلى مستوى جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ودمر مقدراته ونهبت ثرواته إلا انه رغم ذلك بقى صامداً مستبسلاً ولم تغيير خياراته0 إن صمود أبناء الجنوب إمام جرائم الاحتلال اليمني المحاطة بتجاهل إقليمي ودولي وتكتم إعلامي لم يثني أبناء الجنوب عن ثورتهم لنيل حريتهم واستقلالهم الأمر الذي جعلهم محل إعجاب الكثير من الشعوب المستبدة من حكامها ودفعها للقيام بما عرف اصطلاحاً بثورات الربيع العربي ومنها اليمن 0 ولكن مع الأسف فبدلاً من إن تشكل تلك الثورات عاملاً مساعداً لانتصار ثورة الجنوب التي لعبت دوراً ريادياً في قيامها نراها اليوم قد تجاهلتها وأدارت لها الظهر بل إن ثورة اليمن تحاول حتى اللحظة تجييرها وتحويلها من ثورة تحرير إلى ثورة تغيير باعتبار إن صالح ونظامه الذي منحوه صك الغفران هو من خان الوحدة وارتكب الجرائم بحق الجنوب وشعبه وبذلك يكونوا قد ضربوا عصفورين بحجر واحد الأول تحويل الثورة الجنوبية من ثورة مصير إلى ثورة تغيير والثاني تحصين أنفسهم وأبناء شعبهم من جرائم الحرب والإبادة وجرائم نهب الأرض والثروة وكل الانتهاكات والجرائم الأخرى التي ارتكبوها بحق الجنوب وشعبه0 ويتجسد ما سبق في المحاولات التي تقوم بها حكومة الإصلاح والمشترك للزج بقضية الجنوب كطرف في التسوية السياسية بينها وبين صالح وحزبه بموجب المبادرة الخليجية التي خرجت بها ثورة اليمن وممارستها الضغط على الدول الراعية لتلك لتسوية بواسطة قيادات جنوبيه اختيرت بعناية لتمرير مؤامرتهم تلك بهدف إطفاء صبغه قانونيه ودوليه لتشريع احتلالهم للجنوب 0 في المقابل يرى المراقب للأوضاع في الجنوب مدى التأييد المتزايد بين السكان للحركة الوطنية التحررية (الحراك السلمي )في مختلف مناطقه وزيادة نسبة و اتساع فعالياته ومسيراته ومختلف أنشطته الثورية التي تنفذ في مختلف مدنه رغم مواجهة السلطة لها ومحاولاتها المستميتة لإعاقتها وقمعها واعتقال ناشطيها بين الحين والاخر0 إن المسيرات المليونية التي نفذها الحراك الجنوبي في عام 2012م أثبتت للعالم في الداخل والخارج بأن خيار التحرير والاستقلال واستعادة ألدوله خيار كل الشعب في الجنوب وليس ثلة أو جماعه كما تروج السلطات اليمنية ويكفي إن نشير إلى الرفض الشعبي التام والشامل في كل مناطق الجنوب للاستفتاء على تعيين عبدربه منصور هادي رئيساً انتقالياً لليمن وفقاُ لمبادرة التسوية بين نظام الحكم والمعارضة في 23نوفمبر2012م وكذا احتفالية الذكرى49 لثورة أكتوبر و45 للاستقلال0 كما أكدت دراسات بحثيه أجرتها لسلطات اليمنية بسريه تامة تحت مسميات شتى إن الحراك السلمي في الجنوب يسيطر فعلياً على ما نسبته 87% من ارض الجنوب وشعبه وان الجنوب عملياً يعتبر خارج سيطرة ألدوله المركزية لولا الحضور الفاعل والقوي لمؤسساته العسكرية وان تلك المعطيات قد مكنته من ممارسة سلطة الواقع و تأسيس تيارات وكيانات ثوريه حزبيه ونقابيه, مهنيه واجتماعيه على طريق الاستقلال واستعادة ألدوله الجنوبية ومكنت أيضا تلك القوى من عقد مؤتمراتها التنظيمية في الداخل والخارج وإيصال قضيتها إلى أروقة الأممالمتحدة ومجلس الأمن ومختلف المنظمات الدولية أي أخرجها بقوه وشجاعة من الشأن المحلي إلى الشأن الدولي لتصبح اليوم قضية دوليه بامتياز تنتظر دورها على طاولة الجمعية العمومية للأمم المتحدة. أخيراً نقول أن قوى التغيير في اليمن لم تتعض من المتغيرات الدولية والاقليميه ولا إحداث ثورات الربيع وعدم جدوى سياسة القمع ونكران الحق التي انتهجها صالح مع الجنوب والتي كانت سبباً في وصول قضيه الوحدة إلى سدرت المنتهى بل مارست سياسة استعماريه مقززه من خلال الدفع بأنصارها في المحافظات الجنوبية وجلبت شباب الساحات في الشمال إلى الجنوب للسيطرة على الشارع الجنوبي وإنشاء ساحات باسم ثورة التغيير اليمنية بدل التحرير الجنوبية لتسويق واحديه الثورة وواحدية الهدف كما أسلفنا وما زاد الطين بله هو قيامها باستغلال نفوذها في الحكم لشراء الذمم والزج بميليشياتها المسلحة لقمع أنشطة وفعاليات حراك الجنوب والدفع بقوات الأمن والجيش لقصف المدن والساحات وقنص النشطاء واعتقالهم فقتلت من الأطفال والنساء أكثر مما قتل صالح وكانت جريمة المعلا والمنصورة اكبر الجرائم التي ارتكبتها في مدينة عدن بالإضافة إلى جرائم أخرى في محافظة حضرموت. الضالع. لحج.وشبوه بالإضافة إلى أبين التي سلمتها للقاعدة لتضع الجنوب بين خيارين الوحدة والحوار أو الفوضى والإرهاب والحرب والدمار. يا هولا شعب الجنوب رقم صعب تجاوزه ولن يقبل بالضم والإلحاق وإلغاء تاريخه وهويته وما ترونه اليوم في الساحات في ذكرى أعياد أكتوبر ونوفمبر ومن مسيرات واعتصامات مليونيه إلا استفتاء يبين إصراره وعزيمته في المضي قدماً لاستعادة دولته فلا تستنزفوا خياراته وتجبرونه في البحث عن خيارات بديله قد تكون صعبه ومؤلمه ومقوضه للأمن والسلام ليس في الجنوبواليمن بل المنطقة العربية والعالم اجمع.