تطالعنا وسائل الإعلام خلال الفترة القصيرة الأخيرة بزيادة تثير القلق حول قضايا ضبط ترويج المخدرات بأنواعها، وفي ذلك تعارض واستراتيجية مكافحة المخدرات والإدمان عليها، من خلال تقليل العرض، وخفض الطلب.. هذا في الوقت الذي تؤكد فيه تقارير الأممالمتحدة، بأن من الأسباب الرئيسة لوصول تعاطي المخدرات للمستوى الوبائي اليوم هو فشل المؤسسات المعنية في كثير من دول العالم في إيصال المعلومات الصحيحة حول خطر استخدام المخدرات. ولقد بدأت كثير من الدول والمؤسسات اليوم تعي أهمية إعطاء معلومات صحيحة ودقيقة، وذلك لمساعدة الشباب في التعرف على القيم الإيجابية من عدم تعاطي المخدرات، ومن ثم التعرف على أساس هذه القيم.. دراسات متخصصة عديدة تؤكد أن أحد أهم أسباب تعاطي المخدرات هو الاعتقاد الزائف بفائدتها وقلة الضرر منها، وعدم الاستبصار بمآلها الطبي والنفسي والاجتماعي، ومن ثم يجب أن تكون برامج الوقاية والعلاج والتأهيل تستند إلى معرفة طبيعة اتجاهات المراهقين والشباب نحو المخدرات والإدمان عليها، وكيفية الوقاية منها، ولا بد من التعرف على اتجاهات المتعاطين المرتبطة بهذه المشكلة، والتعرف على طبيعتها، وكيفية توجيه وتغيير الاتجاهات السلبية نحو المشاركة في برامج الوقاية من الإدمان إلى اتجاهات إيجابية مما يدعم فاعلية البرامج وتأثيرها. خبراء التربية والعلوم السلوكية يجمعون على أن أفضل سبل الحماية الأسرية للأبناء ووقايتهم من أي انحراف، تتمثل في تنشئة الأبناء بعيداً عن التفكك أوالتصدع الأسري، وحمايتهم من كل مظاهر الإيذاء النفسي أو الجسدي، وتحصينهم بسياج آمن من المبادئ والقيم الأخلاقية والسلوكية منذ نعومة أظافرهم، وتربيتهم على وازع ديني قوي، وفضائل أخلاقية وسلوكية تتمثل في قدوة حسنة، وتجنيبهم ازدواجية المعايير والضوابط بما لا يشتتهم بين ما هو صحيح وما هو خطأ، وأن ينشأ الطفل في بيئة اجتماعية صحية، ويتعلم مبكراً «كيف.. ومتى يقول «لا»، وكيف لا تصبح شخصيته فريسة سهلة للانقياد والتبعية لرفاق السوء. من الأهمية أن يعي الطفل مبكراً «الخطوط الحمراء» التي يجب أن يقف عندها، مع أهمية عدم الإسراف في التدليل والحماية المبالغ فيها حتى لا يكتسب «الاعتمادية»، ويألف تحمل المسؤولية وتشجيعه على السؤال والاستعانة بوالديه أو مدرسيه عند الحاجة، وأن يدرك أن قيم الأسرة هي مرجعيته الأولى، إلى جانب تكامل وتناسق المتابعة والتعاون بين الأسرة والمدرسة، ومتابعة علاقته برفاقه، وملاحظة نشاطاته وهواياته واهتماماته عن كثب.. هذا يتطلب وجود مناخ صحي للحوار والمكاشفة، وإذا تورط الفتى في أي من مشاكل التعاطي، يجب على الوالدين استيعابه سريعاً والوقوف على الأسباب الحقيقية للانحراف، والاستعانة بأهل التخصص والخبرة إن دعت الحاجة، والابتعاد في التعامل مع المراهق عن لغة النصح المباشر لأنه لا يحبذ هذا النوع من النصح ويعتبره نوعا من فرض الوصاية والمواجهة التي لا بد أن ينتصر فيها، بل ندعه يشعر أننا نقف معه ولسنا خصما له، وأن كل من يحبونه سيساعدونه على الخلاص من المشكلة التي تورط فيها. المحرر | [email protected]