لم تشهد البشرية من أوبئة تحصد البشر، يفوق تأثيرها الطاعون والإيدز، مثل وباء المخدرات، لكن الاختلاف الكبير الذي يقدم إدمان المخدرات عما سواه، أن أي وباء يمكن محاصرته والتعامل معه مهما كانت خطورته. لكن المصيبة الأكبر تكمن في استحالة محاصرة آثار الإدمان المدمرة وقصرها على الشخص المدمن فقط، بل إنها تمتد لتشمل أسرته والمجتمع الذي يعيش فيه بأسره المخدرات.. باتت وباءً عالمياً يفوق جسامة مخاطرها ما أحدثته كافة الحروب التي دارت في أنحاء العالم على امتداد العصر الحديث مجتمعة دون أدنى مبالغة. آخر تقارير الأممالمتحدة يؤكد أن من أهم الأسباب الرئيسية لوصول تعاطي المخدرات إلى المستوى الوبائي الذي نراه عليه اليوم، هو فشل كثير من الدول والحكومات والمؤسسات المعنية في إيصال المعلومات الصحيحة حول خطر استخدام المخدرات والإدمان عليها إلى الناس، في ظل عوامل ومتغيرات عالمية عديدة خلفت ظلالاً سلبية عديدة على اتجاهات وسلوكيات الصبية والمراهقين والشباب. "الاتحاد" وبالتعاون مع "المركز الوطني للتأهيل" في أبوظبي، تطرح هذا الملف الشائك من خلال التعريف بالمشكلة، وأهمية التوعية المجتمعية في ضوء المتغيرات الثقافية الجديدة، واستعراض جوانب الإدمان وأهم المخاطر النفسية والأسرية والاجتماعية، وكيفية التعامل معها على صعيد العلاج والتأهيل، على امتداد خمسة أيام. لا يمكن الحديث عن توعية المجتمع بكافة شرائحه العمرية إزاء أهمية مكافحة المخدرات والمسكرات والعقاقير المخدرة بكل أصنافها وأنواعها من دون نشر حالة طموحة من الوعي والقناعة والاستبصار الصحيح لمفهوم الاستراتيجية الوطنية لهذا المشروع الوطني الذي يستند إلى شعار:" خفض العرض.. وتقليل الطلب"، وهو الشعار الذي يتبناه العالم بأسره. إن ترجمة أبعاد هذا الشعار إلى حالة من "الوقاية المجتمعية" تصب في النهاية في خانة وعي الناس بتلك الأضرار الجسيمة المدمرة حقاً، ومن خلال استهداف حالة وعي أكثر الشرائح العمرية لديها قابلية للانزلاق إلى هذا المصير المجهول المدمر والمميت، ولا سيما أن واقع الحال في كافة المجتمعات المهددة بهذا الخطر يؤكد أن هناك استحالة محاصرة أضرار الإدمان على المخدرات أو المسكرات أو العقاقير المخدرة على الشخص المدمن فقط، وإنما تمتد بآثارها الخطيرة لتشمل الأسرة وكياناتها، ومن ثم المجتمع بأسره، ومن ثم تتأتى أهمية وقاية وتحصين المجتمع بالعلم والوعي والمعرفة، ونشر ثقافة مناهضة لهذا الوباء. كبح «العرض» يوضح الدكتور حمد الغافري المدير العام للمركز الوطني للتأهيل في أبوظبي أبعاد هذه الاستراتيجية ويقول: «إن المركز بصدد إطلاق برناج متكامل للوقاية في ضوء توجيهات القيادة الرشيدة، ويرتكز هذا البرنامج على عدة محاور أهمها المقاربات الممنهجة والمسندة علمياً. فالدراسات والتقارير والأبحاث على مستوى العالم تؤكد على أن مشكلة تعاطي المخدرات في ازدياد رغم الجهود الدولية لمكافحتها. فيبدو أن عصابات التهريب من القوة بحيث إنها تتغلب على كثير من الحواجز وقوى المكافحة. وهي بما تملكه من مال وقدرة على تسييل أموالها الحرام قادرة على التأثير والإفساد الكبير والاستمرار في ترويج بضاعتها الآثمة. ... المزيد