شدد المشاركون في مؤتمر إعاقة إدمان المخدرات المنعقد اليوم بصنعاء على ضرورة خلق شراكة فاعلة بين كافة المؤسسات المجتمعية والمؤسسات الأمنية لمواجهة ومكافحة مشكلة المخدرات كونها آفة خطيرة تهدد أمن وسلامة واقتصاد الأوطان، ووباءً مدمراً لا يختلف أبداً عن الأوبئة الأخرى التي تهدد العالم بل هو أخطر من ذلك. وزير الداخلية اللواء الركن مطهر رشاد المصري أوضح في كلمته في حفل افتتاح المؤتمر المنعقد تحت شعار (يداً بيد لحماية الإنسان من آفة المخدرات) أن الأجهزة الأمنية تمكنت في المرحلة الأخيرة من القبض على 14 مليون قرص مخدر و29 طناً من الحشيش إلى جانب القبض على 250 شخصاً من المتعاملين مع هذه الآفة الخطيرة. وفي المؤتمر الذي أقامته الإدارة العامة لمكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية ومركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان والمستشفى السعودي الألماني أكد وزير الداخلية على أهمية إصدار أجهزة العدالة ممثلة بالنيابة والقضاء أحكاماً قاسية وقوية ضد كل من يتعاطى أو يتاجر بالمخدرات، مشيداً بالوقت ذاته بأجهزة العدالة التي لم تألُ جهداً في معاقبة كل من يتعامل مع المخدرات من خلال إصدارها أحكاماً قاسية ضدهم. وأبدى الوزير تأييده لك الأحكام التي وصفها بالقوية والتي منها السجن لمدة 20 عاماً كأدنى مستوى، أو الإعدام، لافتاً إلى أن الشهر الماضي شهد تنفيذ إعدام شخصين من المتاجرين بالمخدرات، مشيراً إلى أن العقوبة هي أساس الردع، وأن إدارة مكافحة المخدرات تتخذ كافة الوسائل للتوعية بالمخاطر سواء بعقد الندوات والمؤتمرات أو بعرض الأفلام التوعوية والتثقيفية أو عبر وسائل الإعلام، مؤكداً أن على الأجهزة الأمنية اتخاذ كافة الإجراءات الرادعة والقوية والتعامل بحزم وقوة مع كل من يتعاطى المخدرات أو يتاجر بها. من جانبه أوضح العميد خالد الرضي مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أن الهدف من هذا المؤتمر هو خلق شراكة فاعلة بين المؤسسات الحكومية والرسمية وبين منظمات المجتمع المدني لاستنهاض دور الجميع في مكافحة هذه الآفة الخطيرة بالتوعية السابقة والرعاية اللاحقة وتطبيق القانون بحق من يتاجر ويعبث بأرواح البشر. ودعا كافة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية لبذل الجهود والتنسيق والتعاون من أجل تحقيق الهدف المنشود المتمثل في توعية وإرشاد الجميع إلى الكيفية المناسبة لمواجهة هذه الآفة التي أوضح أنها لا تسبب إعاقة واحدة فقط بل تسبب عدة إعاقات منها نفسية وخلقية وذهنية وصحية وما يترتب عليها من إعاقة المجتمع أمنياً واقتصادياً وصحياً. مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أوضح من خلال كلمته في افتتاح المؤتمر أن الإحصائيات حول آفة المخدرات لا تمثل الحجم الحقيقي من الكمية التي تعبر البلاد إلى الدول المجاورة من هذه المادة الخطيرة. رئيس مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان البروفسور محمد الطريقي قال في كلمة الحماية الإنسانية: لا تزال مشكلة انتشار استخدام المخدرات وتعاطيها وزيادة عدد المدمنين تحتل أولويات اهتمام كل بلدان العالم، فمعظم المتعاطين والمدمنين من الشباب وهم طاقة المجتمع الحقيقية وبناة مستقبل الوطن وعماد نهضته، لما تمتلكه هذه الفئة من طاقات هائلة وما لديها من استعداد للبذل من أجل التقدم والنماء فإذا فسد الشباب فسد الوطن وسقط وانهار. واعتبر تعاطي المخدرات والإدمان عليها من أكبر معوقات التنمية الإنسانية، مشيراً إلى أن تقارير منظمة الصحة العالمية تحمل مؤشرات تدعو للقلق والتشاؤم حول الانتشار الهائل للمخدرات في أوساط الشباب وصغار السن في دول شرق المتوسط، حيث تضاعفت النسب، وأن هذه التقارير حذرت من الآثار السلبية المتوقعة من ذلك وأجمعت مع مصادر عديدة على أن هناك خطراً كبيراً يتفاقم مع الوقت وينذر بسوء العواقب، مناشداً الحكومات العربية باتباع الأساليب التربوية العلمية المتطورة في المناهج التعليمية لبناء جيل المستقبل على قاعدة متينة من الوعي بمخاطر المخدرات وأبعاد ترويجها وتعاطيها. أرقام منظمة الصحة العالمية حول حجم مشكلة المخدرات اعتبرها الدكتور لطفي الشربيني رئيس مركز الشربيني للطب النفسي وعلاج الإدمان بالإسكندرية بمصر نوعاً من التكهنات، موضحاً من خلال كلمته عن الخبراء والمدربين المشاركين في المؤتمر أنه من الصعب تحديد حجم هذه المشكلة وتحديد عدد المدمنين، وأشار إلى أن مجموعة المدمنين أصبحت في الوقت الراهن متغيرة عاماً عن عام، إذ أصبحت الآن من الصغار والكبار والشباب والذكور والإناث والطبقات العليا والدنيا خلافاً لما تعارف عنها في السابق على أنها مجموعة من الشباب أو البالغين المعروفين، لافتاً إلى أن الإدمان ينتشر كالوباء غير أنه وباء مدمر لا يختلف أبداً عن الأوبئة الأخرى التي تهدد العالم كالايدز والسرطان وغيرهما، بل هو أكثر بكثير وهنا تجب مقاومته ومكافحته ومحاولة القضاء عليه بشتى الجهود ومنها التعليمية والتدريبية وغيرها. وكان الدكتور صلاح حامد ألقى كلمة ترحيبية من المستشفى السعودي الألماني رحب من خلالها بالمشاركين في المؤتمر، مبدياً استعداد المستشفى للتعاون مع العاملين والناشطين لمواجهة معضلة المخدرات وكبح جماحها وغيرها من القضايا التي تهم المجتمع. تخلل حفل الافتتاح عرض فيلم تطرقت أحداثه لمخاطر المخدرات، وأكدت على أهمية استغلال أوقات الشباب وتوظيفها في خدمة الوطن، وحاز على إعجاب الحاضرين، وحظي بتكريم وزير الداخلية لدوره الرسالي في توعية الشباب بمخاطر المخدرات، كما تم على هامش الفعالية إقامة معرض يحمل الأهداف ذاتها للمؤتمر. يذكر أن فعاليات المؤتمر تنقسم إلى قسمين، الأول يتعلق بأوراق العمل المقدمة للمؤتمر، فيما يتعلق الثاني بالجانب التدريبي، وتتضمن أوراق العمل 4 محاور، هي محور الإعاقة الناتجة عن إدمان المخدرات ويتكون من عدد من أوراق العمل هي علاقة الإدمان بالأمراض الطبية الروماتيزمية وأمراض المفاصل والعظام للدكتور تامر غيته الأستاذ بكلية الطب بجامعة القاهرة، وآلية الإدمان "منظور عام للمخدرات والإدمان الصحية على أجهزة ووظائف جسم الإنسان للدكتور سالم الذيب الأستاذ بكلية الطب بجامعة الزقازيق بمصر، وإرشاد الأسر لأفضل الطرق لوقاية الأولاد من المخدرات للمستشار في العلاج النفسي عبد الله عبد العزيز المنيع من المملكة العربية السعودية. المحور الثاني (الإعاقات النفسية والاجتماعية والأخلاقية) يتضمن أوراق عمل منها الإعاقة النفسية والاجتماعية للحدث، والتربية ودورها في الوقاية من المخدرات، والمؤثرات العقلية المراقبة دولياً في اليمن، فيما يتضمن محور (الإعاقات التنموية والتهيؤ لمواجهة الإدمان) وهو المحور الثالث 4 أوراق عمل، ويتضمن المحور الرابع (محور دور المنظمات والإعلام في مواجهة هذه المشكلة) 3 أوراق عمل، هذا بالإضافة إلى النقاشات التي أثرت على كل محور على حدة.