لتطوير أي منظومة تربوية تعليمية لا بد من العمل في أربعة أضلع (المنهج، الطالب، المعلم والبيئة). وقد تحدثت عن ثلاثة منها في مقالاتي السابقة بهذه السلسلة، ويتبقى ضلعا المعلم والبيئة. فالكادر التربوي لدينا بحاجة ماسة إلى وقفة متأنية وعميقة من أجل تطوير مهارات وكفايات العمل لديه. فلا كليات معلمين قادرة على تخريج كوادر تربوية مؤهلة، ولا برامج تدريبية لدى وزارة التربية قادرة على تأهيلهم بطريقة علمية وعملية عالية، مع كل التقدير لكل الجهود التي تُبذل في هذا الإطار. وهنا يأتي دور وزارة التعليم العالي بغربلة مناهج كليات المعلمين، والكليات التربوية كلها؛ حتى تضمن تخريج كوادر تمتلك مهارات عالية في التعليم والتربية، بعيداً عن التعليم التقليدي الذي يُخرج تربويين غير متمكنين من الأساليب التعليمية الحديثة. ولا بد أن يكون لوزارة التربية والتعليم دور كبير في الشراكة مع وزارة التعليم العالي ومطالبتها بذلك؛ فهي في الأخير مصب لخريجي تلك الكليات، وضررها سينعكس سلباً على العملية التربوية لديها. أما برامج التدريب في وزارة التربية والتعليم فهي وإن كانت حركت المياه الراكدة إلا أنها بحاجة لحراك تطويري شامل، يستقطب خلاصة التجارب العالمية في تدريب المعلمين، وتهيئة مدربين متمكنين في ذلك، بل إن الوزارة بحاجة إلى إنشاء مركز وطني لتدريب المعلمين، يُستقطب له خبراء عالميون. وفي الشق الآخر، فإن السلم الوظيفي للمعلمين بحاجة أيضاً إلى مراجعة وتطوير ورفع للرواتب، مع وضع حوافز للكفاءات المتميزة. وأقترح على الوزارة أن تستفيد من تجربة وزارة الصحة في بدل التمييز وغيره من البدلات التي تحسّن من الوضع الوظيفي للموظف. أما البيئة المدرسية فقد جفّت حُلُوق المهتمين في التحدث عنها، وما زالت تعاني الأمرين في إدارتها وصيانتها، ولا أدل على ذلك من عزوف العديد من الطلبة والطالبات عن استخدام دورات المياه!! وهذا أقل ما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال ونحن في بلد النفط!! وإلا فالوضع حرج، وخصوصاً في المدارس الطرفية، ناهيك عن المقصف المدرسي، وانتهاك الاشتراطات الصحية للمقاصف عياناً بياناً!! وبيع منتجات هي أقرب للمرض منها للصحة!! ويأتي الأمير خالد الفيصل على دفة وزارة التربية والتعليم وهي تحمل الكثير من المعوقات والصعوبات الجوهرية التي لا مناص من مواجهتها لتطوير التعليم العام في السعودية؛ من أجل تخريج أجيال قادرة على المشاركة في التنمية المستدامة. ونتطلع من الوزير الأمير، بأسلوبه الإداري الحازم المعتصر بالرغبة في الابتكار والتجويد، أن يكون عصره عصراً ذهبياً لتطوير التعليم في السعودية، مازجاً فيه أفضل الخبرات العالمية بقيمنا وثوابتنا الإسلامية بعمق ومتانة. صحيفة سبق