آفة دنيئة يربأ عنها أفاضل الناس، وتعمل على تقويض المجتمع، وتنشر الفوضى والاضطراب بين أفراده. إنها الشائعة، وكيف تُستخدم على رفات الطفلة "لمى" منكوبة البئر - رحمها الله وشفّع بها! إن الشائعات لا تنتهك شؤون أفراد فحسب، لكنها تهديدٌ للاستقرار للنسيج الاجتماعي، وتعمل على تقويض ثقة مجموع الناس بأنفسهم وبمن يعمل لإنقاذهم وحمايتهم والعمل على راحتهم من أجهزة الأمن والدفاع المدني. كما تسبب الشائعة ارتباكاً فكرياً، يؤثر في ثقة الناس بتكاتفهم وترابطهم، ليس في حادثة واحدة، بل في كل حادث يطرأ، ويصل للرأي العام؛ فيبدأ الإرجاف والخبط والتخوين والتقليل من جهود الآخرين! وكأننا أعداء في ساحة تصفية حسابات! وما هكذا يكون المجتمع المسلم ونحن الموصوفون به. فاجعة "لمى" ضحية البئر المكشوفة - جبر الله مصاب والديها، وربط عليهم بالصبر والسلوى– يلوكها لسان دنيء، تنعدم فيه إنسانية العقل، ورحمة القلب، ومشاعر النفس، وعاطفة الروح بكذب وافتراء وظلم. ثم تنتقل تلك الشائعة بسرعة البرق في أصعب ساعات الترقب والقلق والألم من انتشال جثة الطفلة إلى ألسنة حدادٍ من أُناسٍ لا خلاق ولا ضمائر لهم، بحبك الدجل والإفك بأقوالٍ ذاعت وانتشرت وتكاثرت كتكاثر الدود على الرفات، يدعم اضطرام نارها وسائل التواصل الاجتماعي بوسائلها المتعددة، وتنتشر في لحظة كانتشار النار في الهشيم. الشائعات أسوأ وأقبح وأرذل وسيلة مؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس! ونقول لمن ظُلم بكذب وافتراء: لا تحزن؛ فقد ابتُلي الأنبياء يوسف ومحمد وغيرهم عليهم الصلاة والسلام فصبروا وظفروا وأُجروا. ولأصحاب الشائعات قوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدّ مِنَ الْقَتْلِ}؛ لأن القتل يقع على نفس واحدة لها حرمة مصانة، أما الفتنة فتهدم بنيان الحرمة، ليس لفرد وإنما لمجتمع بأسره. والآية: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. والآية: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا}. والحديث النبوي:"كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ". والحديث: "بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَموا". وكم من كلمة قالت لصاحبها "دعني". ولنا جميعا قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}. وصدق القائل: إذا المرء أخطأه ثلاثٌ *** فبعه ولو بكفٍ من رمادِ سلامة صدره والصدق منه *** وكتمان السرائر في الفؤاد صان الله الأنفس والأعراض من هؤلاء المرجفين، وهداهم للحق والصواب والصدق في الأقوال والأفعال. صحيفة سبق