حسنين كروم أبرز ما في صحف امس الاثنين 20 كانون الثاني/يناير كان الكلمة التي وجهها الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور الى الشعب بمناسبة نجاح الاستفتاء على الدستور، وأبرز ما فيها قوله: ‘ان ما شهدناه معاً من إقبال كبير على المشاركة في الاستفتاء على الدستور وإقراره بهذه النسبة غير المسبوقة في تاريخ الديمقراطيات الوليدة، انما يدلل على اننا نحن المصريين، بدأنا طريقاً قد يكون صعباً، لكنه الطريق الصحيح، سنجني بعون الله من خلاله ثمار ثورتين مجيدتين ضمتا شبابا لم يبخل في التضحية بروحه لتحيا أمته، وأنني لعلى ثقة في أن من ستقررون تسليمه راية الوطن سيكون لديه نفس العزم وذات الإرادة، لنبني وطنا جديداً يجمع ولا يفرق، يجذب ولا يطرد، يقيم أسس العدل ويرسي قيم الحق والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع، تجسيدا للمطالب الثورية المشروعة لأهداف ثورتي 25 كانون الثاني/يناير و30 حزيران/يونيو النبيلة، ولنا في ثورة تموز/ يوليو 1952 تجربة حية شاهدة، تلك الثورة البيضاء التي انجزها رجال من خيرة ابناء مصر الأوفياء، التي أسست لنهضة صناعية وزراعية حديثة ونشرت قيماً سامية ومعاني اجتماعية وتكافلية جليلة مازالت حية في ذاكرتنا ووجداننا'. أما الخبر الثاني المهم في رأيي، رغم ان الصحف لم تركز عليه، وهو إعلان الجيش ان قواته مع الشرطة استهدفت قائد الجناح العسكري لجماعة التوحيد والجهاد في شمال سيناء أحمد حمدان المنيعي، وشهرته أبو مريم وقتلته مع 5 آخرين، والملاحظ هنا انها لم تحاول القبض عليهم للحصول على معلومات منهم، وإنما بادرت بإطلاق النار فورا، رغم ان الجيش لم يؤكد انه نصب كميناً لهم. وأشارت الصحف الى الاستعدادات لتأمين احتفالات ثورة يناير وزرع الإخوان عددا من القنابل اليدوية بدائية الصنع. وإلى بعض مما عندنا: عند نزول الفتن تعمى العين عن رؤية الحق ونبدأ تقريرنا اليوم بالمعارك المتواصلة بين حزب النور السلفي والإخوان المسلمين، وبعض من شايعوهم من التيار الديني، ففي جريدة ‘الفتح' لسان حال جمعية الدعوة، يوم الجمعة كتب عصام حسنين يقول: ‘لم يكن هدف لنا التصدر في المشهد السياسي وكانت هذه نصيحتنا لجميع التيارات التي تقول: ان مرجعيتها إسلامية لكنا غلبنا وتحملنا أخطاء غيرنا، وكنا نعلم علماً يقينياً إن هذا ليس نهاية الطريق، بل أول الطريق الشاق ونحتاج الى مجهودات كبيرة للتهيئة وتعليم الناس أمر دينهم مع إسداء النصح والتصحيح لأخطاء غيرك حتى لا يكون السقوط الذي تتأثر به مصالح الناس الضرورية، هذا كان علمنا وثبتناه بين إخواننا، لكن البعض ظن أنها الخلافة والتمكين وظل يشيع ذلك مع أنها ليست كذلك، فلم توجد شرائط التمكين ولا لوازمه، فكيف يكون تمكينا وخلافه! ثم لما كان السقوط الذي رأى الجميع أسبابه شعر هؤلاء بالإحباط والخيبة التي نتكلم عنها، بل وساعدت عليها هذه الفعاليات التي أتت بنتائج كارثية محبطة حذرنا منها مراراً وتكراراً، ولكن قدر الله وما شاء فعل. فحقاً عند نزول الفتن تعمى العين عن رؤية الحق وتصم الاذن عن سماع النصيحة، ومازال الأرجاف ونشر أخبار الإحباط من هنا وهناك والتي تهدف الى إسقاط الدولة ونشر الفوضى وغيره، وسؤالنا لجماعة الإخوان وغيرها هبان د. أبو الفتوح مكان د. مرسي وحدث هذا السقوط، هل يكون موقفكم منه كموقفكم الآن؟ التاريخ يقول: لا، ومع ذلك ننصح كما نصحنا من قبل مراراً، لا بد من مراجعة فكرية ومنهجية تنضبط بها المواقف، واستدراك الأمر قبل انفراطه أكثر، وإلى إخواننا الذين تركوا أنفسهم للشبهات والأخبار السلبية تأكلهم أكلاً: احذروا مشاعر الإحباط واليأس أن تشيع بينكم من جراء الأخبار السلبية التي تشاع عمداً، نحن دعاة الى الله تعالى وأصحاب دعوة والدعوة حياتنا ننفق لها حياتنا والغالي والنفيس عندنا، ونقدمها على كل شيء وندعو الى الله تعالى في كل حين وفي كل حال، ولن نقف أو يوقفنا أحد عنها مهما كان شأنه، ثم نحن في خير وعافية، والحمد لله في دعوتنا والتزامنا بديننا ونرجو بدعوتنا بالحكمة والموعظة الحسنة أن نغير الصورة الذهنية السلبية الموجودة عند طوائف عديدة من المجتمع عنا. يا إخواننا: العالم ينتظركم وقد هيأ الجو لدعوتكم فقد كنتم من قبل تطبعون النشرات والكتيبات ليعرف الناس من أنتم؟ واليوم قد سمع العالم عنكم ويريدون أن يعرفوا من أنتم؟ وما دعوتكم؟ فانشطوا لدينكم وحذار من التكاسل أو الأخبار السلبية المحبطة وتوكلوا على الله تعالى وأملوا خيرا'. كل ما دون ‘الرصاص' يعتبر سلمياً ونظل في العدد نفسه من صحيفة ‘الفتح' لنكون مع المهندس عبدالمنعم الشحات، نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية وقوله:' لنفسح المجال أمام مناقشة أوفي من الخيار الثاني المرفوض بالنسبة لنا، تيار المناداة بعودة الشرعية، نادى هذا الفريق بمواجهة سلمية وصفوها بكونها ‘ثورية'، وهي تختلف عن السلمية الإصلاحية المتدرجة، كتلك التي مارستها جماعة الإخوان بداية تأسيسها كما مارستها طوال حكم مبارك. تلخيص أهم الفروق بين المنهجين في النقاط التالية: الأولى: في ما يتعلق بمفهوم السلمية ذاته حيث بدأت مواقع شبابية ومسؤولين في أحزاب تحالف دعم الشرعية تتحدث أن كل ما دون ‘الرصاص' يعتبر سلمياً، مما يعني أن الطوب والمولوتوف بل حتى قاذفات المولوتوف كل هذا داخل في مفهوم السلمية عندهم، بينما كان قادة الإخوان يرددون في لقاءات إعلامية وسمعناه منهم في مجالس خاصة انهم عذبوا في السجون ابشع تعذيب ثم خرجوا وكان الواحد منهم يقابل جلاده فلا يؤذيه ولو بشطر كلمة، الثانية: الموقف من التعامل مع الأزمات الاقتصادية والأمنية وغيرها، فبينما كانت سلوك الجماعة تجاه الأزمات الاقتصادية والكوارث من سيول الى حوادث قطارات وعبارات وغيرها هو محاولة رفع المعاناة عن كاهل الناس تحت شعار ‘نحمل الخير لمصر' ‘رغم تحميلهم الحكومة المسؤولية' ولكن المنهج الثوري الذي تسير عليه الآن يقتضي ترك المشكلات تتفاقم ‘مثل منع الأضحية' وربما تعداها الى افتعال أزمات ‘حملة جمع العملة المعدنية وعطل عربيتك وايجاد تكدس في المترو وغيرها'.. الثالثة: وهي الأخطر على الإطلاق ويمكن وصفها بأنها فرض الخطأ على الطرف الآخر ‘الذي هو هنا الجيش والشرطة' التكفير الصريح أو الضمني، سواء للشرطة كقول بعضهم: ‘داخلية لا دين لها' أو حتى للشعب كقول البعض تعليلا لحملة منع الأضحية: ‘شعب لا يستحق'، كذلك فإن الدعوة إلى مواجهة الرصاص بصدور عارية، فضلا عن تضمن هذا استفزازاً لمن يملك الرصاص، يجعل صاحب هذه الدعوة مسؤولا عن هذه الدماء ‘مع عدم إعفاء صاحب الرصاص قطعاً'، بالإضافة الى مخالفة أصل الفعل للشريعة، فيبقى أن هذه الفتاوى سرعان ما تتغير أثناء المواجهات بعد سقوط بعض الضحايا، مما يجعل الأمر يبدو متناقضاً، فلو كان الواجب الثبات ولو بصدر عار، كما يقال في أول الأمر، فلماذا يتغير لاحقا؟...'. الطريق الذي يقودنا فيه رجال 30 يونيو وعر وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، ونبدأها من يوم الخميس مع زميلنا في ‘الشروق' أشر البربري: ‘أكبر خطايا النظام الجديد تصور أن الدعم الشعبي الحالي هو شيك على بياض وبرصيد لا ينفذ، لأن دعم نظام 30 حزيران/يونيو لا يمكن ان يقارن بما حصل عليه الإسلاميون مثلا في استفتاء 19 اذار/مارس ولا بما حصلوا عليه من تأييد شعبي في انتخابات مجلس الشعب، ومع ذلك لم يغفر لهم الشعب فشلهم ولا رغبتهم في الاستحواذ على السلطة، إن الطريق الذي يقودنا فيه رجال 30 يونيو لا يقل وعورة عما سار فيه الإخوان قبل عام، ولا أظن أن النتيجة ستكون مختلفة، إذا لم ينتبه نظام 30 يونيو قبل فوات الأوان، فلا يجب النظر الى تصويت المصريين في هذا الاستفتاء على انه اكثر من مجرد إقرار لوثيقة دستورية تضمن حقوقاً وتقضي بواجبات، من دون أن يعني ذلك تفويضاً بأي شيء يتجاوز هذه الحقيقة'. شعب مصر فاجأ العالم كله بأنه مازال حياً أما ثاني المعارك فستكون يوم السبت من ‘أخبار اليوم' لزميلنا صابر شوكت ومعركة عن اندفاع المصريين للإدلاء بأصواتهم في الدستور. ‘كان طعم هذا الاستفتاء يختلف عما سبق من استفتاءات طوال حقبة مبارك وما بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير، لذلك كان لا بد ان يندهش وينبهر العالم من شعب مصر، الذي ظن الجميع انه قد مات بسبب قسوة فساد ثلاثين عاما عاشها مع مبارك، ثم فترة بؤس ويأس بعد ثورة 25 يناير بسبب جرائم الإخوان وسرقتهم لأحلام وثورة شعب وأمة لم تبخل بأبنائها فداء لتحقيق احلامها في الحرية، صدموا وهم يتابعون مهازل ‘لحى مشايخ' أحلت مكان بلطجية الحزب الوطني، وفوجئ فقراء العشوائيات بكراتين الزيت والسكر وجميع رشاوي الحزب الوطني يقدمها لهم مشايخ الإخوان، لذلك فاجأ شعب مصر العالم كله بأنه مازال حياً ويثق في جيش وأبناء مصر بجهاز الشرطة وقضاء مصر الشامخ وأن 30 يونيو قررت وداع عصر تزوير الإخوان والوطني إلى الأبد'. استفيقوا أيها المصريون واطلبوا العدل وقاوموا الظلم فالوطن قدر ومن ‘أخبار اليوم' إلى ‘الشروق' في اليوم نفسه، ومقال الدكتور عمرو حمزاوي الذي يقول فيه:'وطني خرج عن مسار التحول الديمقراطي بعد أن جدد الجيش تدخله في السياسة في تموز/يوليو 2013 وعزل رئيساً منتخباً كنت قد طالبت بتغييره عبر أداة الانتخابات المبكرة الديمقراطية، بعد ان فقد شرعيته الأخلاقية ‘انتهاكات حقوق الإنسان' والسياسية ‘بتجاهل فرض التوافق المجتمعي' وحين تدخل الجيش لم يكن لي ومنذ اللحظة الأولى إلا أن أعارض وأرفض وأنبه الى خطر عسكرة السياسة والدولة والمخيلة الجماعية للناس، وطني حدثت به خلال الاشهر الماضية انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان والحريات، وعودة واضحة لممارسة الدولة الأمنية وسط ترويج إعلامي مرعب لفاشية تبرر الانتهاكات وتنزع الوطنية عن المعارضين، وتقنع الناس بقبول مقايضة فاسدة من الأمن والحرية، لم يكن لي ومنذ اللحظة الأولى إلا أن أعارض وأرفض وأتوقع تضييق مساحات حركتي وتواصلي السياسي والإعلامي مع الناس، لم يكن لي إلا ان اعارض وأرفض ولست بمتراجع قيد أنملة عن قناعاتي ومواقفي، ولن أقبل أبدا الصمت عن الحق ما حييت وسأواصل وبالأدوات المتاحة لي استصراخ الناس ان استفيقوا واطلبوا العدل وقاوموا الظلم فالوطن قدر!'. القرضاوي يفتي بمقاطعة الاستفتاء ثم أتوجه الى مجلة ‘المصور' وزميلتنا الجميلة والرقيقة سناء السعيد التي شنت هجوما ضد الشيخ يوسف القرضاوي وحملته مسؤولية ما يحدث بسبب فتاواه، قالت: ‘لم اتخيل في يوم من الأيام ان يطرح احد علماء الدين، وأحد دعاة العقيدة الإسلامية فتاوى تسعى الى شق الصف وإثارة الفتنة في دولة من المفروض انه ينتمي اليها، لقد فعلها يوسف القرضاوي من خلال فتوى دبجها ودعوى ظلامية اطلقها تدعو المصريين في الداخل والخارج الى مقاطعة الاستفتاء على الدستور بعد ان أفتى بحرمة المشاركة فيه'. اتخاذ مواقف معارضة يغيب وجوها خلف القضبان وقضية الشباب عالجها يوم الأحد زميلنا ب'الأهرام' الدكتور عماد جاد، في عموده اليومي ‘درة الشرق' بقوله: ‘الأمر المؤكد ان غالبية الوجوه التي تصدرت مشاهد الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير غابت عن الساحة اليوم، ما بين خلف قضبان السجون باتهامات مختلفة، ومجموعة احتجبت عن المشهد بعد تشوه صورتها بالكامل وبطرق مختلفة وبسبب اتخاذها مواقف غير موضوعية لما جرى في الثلاثين من حزيران/يونيو وما ترتب عليها، بدءا من الحديث عن الانقلاب العسكري، ووصولا الى معارضة ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسي لمنصب رئيس الجمهورية، مرورا بالحديث عن دستور مصر 2014 باعتباره دستور الفاشية العسكرية، والأمر المؤكد ايضا ان انصار الثلاثين من يونيو ينطلقون برؤية وطنية خالصة، يضعون خارطة طريق للبلاد ويسيرون نحوها بخطى ثابتة، بينما يخرج اصحاب الرؤية الضيقة للخامس والعشرين من يناير الذين يتبنون رؤية الجماعة، يخرجون عن حدود العقلانية والمنطق ويطرحون افكارا تتصادم والضمير الشعبي المصري، ومن ثم باتوا اليوم في نظر القاعدة العريضة من الشعب خارج الإطار الوطني'. تهميش الشباب خطر على نظام الحكم القادم ونعود الى صحيفة ‘الشروق' التي عالج كاتبها مصطفى كامل السيد موضوع تحديات ما بعد الاستفتاء والشباب المحبط بقوله: ‘هنيئا لمصر أولا بأن معركة تعديل الدستور قد مرت. فمصر تدخل مرحلة جديدة أهم معالمها العمل على تطبيق أحكام هذا الدستور، ليس فقط في مجال استكمال مؤسسات الدولة المنتخبة من مجلس نيابي ورئاسة، ولكن الالتزام الصارم بما جاء في الدستور في باب الحريات، خصوصا أن ظروف المواجهة مع الإخوان أدت إلى ممارسات لا تتفق مع المضمون العالمي لحقوق الإنسان، التي طالت الإخوان وغيرهم، وإذا كان ذلك يجري، كما في دول أخرى، في حالات الاستقطاب والصراع السياسي الحاد، فإنه لا ينبغي السماح به أو التهاون إزاءه بعد أن تم إقرار الدستور، وإلا تكون معركة التعديل الدستوري وذهاب ما يتجاوز عشرين مليون مصرية ومصري إلى صناديق الاستفتاء بلا أي معنى. ولكن كشفت المشاركة في الاستفتاء عن سمة مهمة هي واحدة من ملامح الحياة السياسية في مصر في الشهور الأخيرة، وهي تواري دور الشباب بعد الدور القيادي الذي لعبه في الموجتين الثوريتين في 25 كانون الثاني/يناير و30 حزيران/يونيو. لم يكن هناك حضور بارز للشباب بين صفوف من توجهوا للجان الاستفتاء في 14 و15 يونيو الماضيين. ليست المسألة مسألة صور يجرى التقاطها في لحظات معينة، ولكن هناك مؤشرات عديدة على مشاركة أقل من جانب الشباب من الفئات العمرية من 18 34 سنة في هذا الاستفتاء، مقارنة باستفتاءات سابقة.. يجب عدم التغافل عن مغزى قلة حضور الشباب في لجان الاستفتاء، والاستسلام للشعور بالطمأنينة أنه طالما أن هناك مشاركة أكبر من جانب المتقدمين نسبيا في العمر، وأن غالبية هؤلاء الشباب هم غائبون عن قنوات المشاركة السياسية الأخرى في الأحزاب والحركات الاحتجاجية، باستثناء شباب الإخوان المسلمين، فلن يترتب على غياب الشباب عن المشاركة السياسية أي خطر على الاستقرار السياسي في مصر. لقد كان ذلك هو نفس الشعور المخادع الذي ارتكن إليه قادة نظام مبارك، الذين كانوا يعرفون بالدعوة لمظاهرات كبرى في 25 يناير 2011، ومع ذلك لم يطرأ على بالهم ولا على بال قيادات حزبية يسارية وليبرالية أن هذا الشباب الذي تصوروا أنه مهتم فقط، إما بمتابعة أحدث الأغاني والأفلام الأجنبية أو بالسعي للقمة العيش، قادر على أن يسقط نظاما بعنفوان نظام مبارك وبمعظم أجهزته الأمنية. وإذا كان من المسلم به أن معظم الأوضاع التي أدت إلى ثورة يناير من انتشار الفقر وارتفاع معدلات البطالة وتردي الخدمات العامة وغياب آفاق الحياة الكريمة لأغلبية المواطنين ما زالت قائمة، فلن يكون من الحكمة استبعاد أن تؤدي هذه الأوضاع إن لم تتغير إلى موجة ثالثة لثورة يناير.... لم يؤثر غياب هؤلاء الشباب بكل خلافاتهم على مصير الدستور المعدل فقد حظي بأغلبية طاغية، ولكن سوف تكون مخاطرة كبرى لنظام الحكم المقبل في مصر الاستمرار في تهميش الشباب. لولا هؤلاء الشباب لاستقر مبارك في الحكم. وهم قادرون على تكرار المحاولة مع كل من يحكم مصر لو تجاهل أحلامهم'. مستقبل الفلول في دولة السيسي وننتقل الى صحيفة ‘المصريون' ومع الكاتب محمود سلطان ومقاله امس الاثنين عن مستقبل الفلول في دولة السيسي:'التصريحات المنسوبة إلى الفريق عبد الفتاح السيسي، التي قطع خلالها بأنه لن يسمح بعودة نظام 25 يناير إلى صدارة المشهد السياسي مجددا.. أصابت ‘الفلول' ب'الجنون'.. وتهكم البعض على تصريحاته على ‘تويتر'.. وقال: الحكومة الحالية كلها ‘فلول'.. و30 يونيو صنعها الفلول.. يعني الفلول منتشرون في كل مكان.. ولسان حاله يقول: فما عساه يصنع السيسي؟ غير أن البعض الآخر، أخذها بمحمل الجد، وشرع سدنة نظام مبارك، ممن يمتلكون قوى مالية وإعلامية كبيرة ومؤثرة.. شرع في التحوط لنفسه.. وفضل جزء منه اتباع طريقة ‘الهجوم خير من الدفاع′. مساء 19 يناير 2014، ولأول مرة بعد 30 يونيو تنظم لميس الحديدي، سهرة ‘شتيمة' في الفريق السيسي، واستضافت شخصية مجهولة كالت الاتهامات له ووصفته ب'القاتل' ليلة أول أمس، كانت بداية تدشين حملة عاتية ضد وزير الدفاع في الإعلام المعبر عن القوى المالية الطفيلية التي انتفخت جيوبها وكروشها وحساباتها البنكية في عهد حكم عائلة مبارك! ويبدو أن الأيام القادمة، سينقلب ذات الإعلام الذي هز عرش الإخوان، على السيسي، وربما يتعمد ‘تخويفه' وحمله على التراجع عما سكن في ‘دماغه' وكف يده عن ملاحقة الطبعات المستنسخة لمبارك في كل مؤسسات الدولة.. وهي منظومة ممتدة وعميقة يساند بعضها بعضا، وهي لم تعد ‘دولة سرية' بل إنها خرجت من جحورها منذ 30 يونيو.. والخريطة معروفة تضاريسها بدقة، وتحتفظ بها الأجهزة الأمنية التابعة للجيش في أدراجها. وفي تقديري أن السيسي لم يكن ‘يهدد' أو ‘يهوش'.. فالتركيبة الحالية التي ظهرت بعد عزل مرسي، المترعة باللون الفلولي المحض.. ودخول قادة ثورة 25 يناير السجن.. والتشهير بهم من خلال التسريبات التي تعرضها فضائية أحمد شفيق، وعزوف الشباب عن المشاركة في الاستفتاء على الدستور المعدل.. هذا كله كان يبرق رسائل شديدة السلبية، مفادها أن النسق السياسي الحالي، بات عبئا على السيسي وطموحاته، وقدرته على الحشد والمصالحة الوطنية وبناء المؤسسات وإخماد الفتن والحرائق الاجتماعية والسياسية وإنعاش الاقتصاد وتقديم نفسه بوصفه ابن ثورة يناير وليس ‘عدوا' لها.. وباختصار، الفلول بكل نسخهم المختلفة لم يعد لهم مستقبل في دولة السيسي، وذلك إذا شاء أن يحقق حلمه في قيادة دولة هادئة ومستقرة ومتصالحة مع ذاتها في الداخل... شرعية السيسي الحقيقية.. لن يجدها إلا لدى الشباب، وهي شرعية عفية وممتدة .. ولن ينالها إلا بطي صفحة مصر ما قبل 25 يناير.. بكل مفرداتها وأحزابها وشخصياتها وإعلامها ونخبها التي تجري في دمائها جينات عصر مبارك... ويبدأ بصفحة جديدة بوجوه جديدة مستحضرا ما ينسب إلى الأثر بأن ‘العرق دساس′. ونبقى في ‘المصريون' ورأي رئيس تحريرها جمال سلطان عن الخريطة السياسية في مصر يقول:' الذين نظروا إلى ما فعلته الإعلامية لميس الحديدي أمس في برنامجها المذاع على قناة سي بي سي ‘الصديقة' للإمارات، ومالكها المهندس محمد الأمين ‘الصديق' لبعض كبار رجال الأعمال في الخليج، من التعريض بالفريق السيسي واتهامه بالقتل، أقول: الذين نظروا إلى الواقعة على اعتبار أن ذلك تصرف عفوي وغير مقصود هم من المفرطين في حسن النية، وإذا كان من المفيد أن نعرض خلفية بسيطة لبدهيات فنية في إعداد البرامج التلفزيونية الكبيرة والمهمة، فإن فريق الإعداد يحرص على أن ينتقي الضيف وفق معايير خاصة جدا ودقيقة جدا، وتزداد تلك المعايير الخاصة والدقيقة كلما كانت الفضائية صاحبة موقف سياسي محدد وصارم وتعبر عن اتجاه بعينه، في الغالب الأعم لا يتم إتاحة الفرصة للرأي الآخر المعادي لتوجه القناة أن يظهر ابتداء، وهو ما درج عليه الإعلام الخاص المصري منذ 3 يوليو وحتى الآن، فهناك الرأي الواحد والصوت الواحد ولا مكان للآخر لأنه ‘خائن' وغير وطني وداعم للجماعة الإرهابية، والتنويعات في الضيوف تكون في درجات الولاء والحماسة للتيار السائد والمرغوب ، لكن الجميع داخل الإطار، وتجري العادة على أن يكون الضيف من ‘الأرشيف' المحفوظ لدى القناة والمعروف سلفا ما يقوله، لضمان عدم الخروج على النص، وإذا حدث أن تمت دعوة شخصية جديدة فإن فريق الإعداد يجري عملية بحث دقيق وشامل عن سيرته الذاتية ومواقفه السياسية وكتاباته إن كانت له كتابات وتصريحاته إن كانت له تصريحات ونحو ذلك، سواء كان البحث عبر شبكة الانترنت أو من خلال أدوات معاونة سياسية وإعلامية، أو حتى من خلال الاتصال الهاتفي اللطيف بالضيف والدردشة لاستطلاع وجهة نظره ومعرفة توجهاته، ومن المعروف أن لميس الحديدي تحتفظ بفريق عمل كبير خاص بها وببرنامجها في قناة سي بي سي، وبالتالي، من الناحية المهنية البحتة لا يمكن أن أطرح فكرة الخطأ غير المقصود في ما تم بثه من هجوم عنيف على الفريق أول عبد الفتاح السيسي ووصفه على شاشة السي بي سي وليس الجزيرة بأنه ‘قاتل'، ولكن المعطى المهني البحت أن ما تم بثه كان رسالة قصيرة إلى من يهمه الأمر . منذ اللحظة التي قال فيها الفريق السيسي أنه لا عودة لوجوه نظام ما قبل 25 يناير 2011، بدأت بعض الوجوه تتغير، وأخرى تصفر، وثالثة تبدي تأففها، ورابعة تتحدث عن ‘جميلها' على السيسي بأنها هي التي حشدت لمليونية 30 يونيو التي أطاحت بالإخوان ومهدت الطريق أمامه، وطرحت في هذا السياق إشارات تتحدث عن أن القضاء سوف يعيد الفريق أحمد شفيق لرئاسة الجمهورية بوصفه المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية مع مرسي وسيثبت أنها زورت وبالتالي من حقه أن يكمل المدة الرئاسية ثلاث سنوات... الملعب انفتح في مصر، ودخلنا في مرحلة المطبات الصعبة كما يقول معلقو مباريات الكرة، ولم تعد المباراة بين الإخوان والعسكر فقط، فهناك أطراف أخرى بدأت تعيد توجيه البوصلة، وهناك حسابات يجري إعادة النظر فيها من قبل أطراف عديدة، وخريطة30 يونيو ستختلف جذريا في الأسابيع القليلة المقبلة، وشبكة التحالفات ستتبدل، كما أن لعبة التسريبات المسلية ربما تتوسع أيضا ولكن مع جبهات أخرى ورموز كان كثيرون يحسبونها على جبهة العسكر، والمباراة السياسية في مصر ستزداد سخونة والدوري ها يحلو'. قطط وماء مثلج وأغطية بالية في المستشفيات الكاتبة نيفين مسعد تروي لنا من صحيفة ‘الشروق' عن حال المستشفيات في مصر والقطط السمان التي تسرح فيها تقول:' هذا العنوان لا شأن له بالمصطلح الاقتصادي الذي ظهر في مرحلة السبعينيات ليصف حال الأشخاص الذين تربحوا وكونوا ثروات هائلة من سياسة الانفتاح التي اتبعها الرئيس الراحل أنور السادات، لكن المصطلح يتعلق بحال الصحة في مستشفياتنا الحكومية العامرة. جلست رجاء، عاملة الأسانسير بأحد فنادق القاهرة الكبرى، تحكي لي في جلسة فضفضة عن أيامها ولياليها في مستشفى الصدر بالمقطم، الذي دخلته مرافقة لأخيها الوحيد الأعزب، فكمال هو آخر طوبة تسند رجاء وتصلب طولها كما قالت بعد أن ذهب الأحبة ولم يبق منهم أحد. تتجنب أن تتلاقى عيوننا، وتخفض صوتها فلا أكاد أسمع منها حرفا وهي تفصح لأول مرة عن أن التدخين والتاريخ الطويل مع الإدمان لهما دورهما في تعقيد حالة أخيها. تقرأ في عيني أنني أفهم وأقدر وأعذر فتطمئن وتحكم الطرحة السوداء فوق رأسها لتخفف من صداع هاجمها فيما يبدو، وتواصل الحكي والفضفضة. من فرط ما ترددت رجاء على مستشفى الصدر تكاد تعرف شخصيا أعضاء هيئة التمريض وتعد على أصابعها أسماء الممرضات كل واحدة منهن يسبقها لقب أبلة. تحكي عن غرفة المستشفى شديدة البرودة التي يرقد فيها مرضى يُفترض أنهم يعانون من مشكلة في الصدر، عن الماء المثلج الذي يجمد أطرافهم عند الوضوء ويضطرهم إلى التيمم، عن الأغطية التي يأتي بها أهل المرضى من منازلهم ليدفئوا الأجساد الناحلة التي لا يرفق بها أحد، عن الملاءات البالية التي لا تغطي الأسِرة إلا لدقائق يمر خلالها مدير المستشفى ثم تنزع مجددا توفيرا لجهد التنظيف، عن الطبيب إياه المنقطع عن المستشفى من فترة طويلة وليس له بديل يقول البعض إنه في إجازة، ويدعي آخرون أنه اختفى بعد فض رابعة. تحكي رجاء عن موبايل كمال، وآه من هذا الموبايل فإن له قصة تروى، إنه وسيلتها الوحيدة للاطمئنان على أخيها حين تغيب، يجيب بنفسه إن استطاع ويجيب عنه آخرون حين يضع قناع الأكسجين. من أجل ذلك استماتت رجاء في الدفاع عن موبايل أخيها حين سُرق منه مرتين، في المرة الأولى لم يهدأ لها بال حتى أعادته، أما في المرة الثانية فقد بحثت وفتشت لكنها فشلت، وحتى يأتي الفرج من عند الله فإنها ستظل تطلبه على موبايل امرأة طيبة تتردد على زوجها بانتظام فى المستشفى. يريدون أن يقطعوا صلتنا بمرضانا يا دكتورة حتى لا نطمئن عليهم ولا يشكون إلينا من الإهمال الذي يتعرضون له، هكذا قالت لي. وقعت رجاء فريسة نظرية المؤامرة، استبعدت أن تكون سرقة الموبايل بغرض الحصول على المال فالموبايل من طراز قديم لا يساوي شيئا، ومالت إلى الاعتقاد أن إخفاء الموبايل هدفه الوحيد حجب الحقيقة عن أهالى المرضى... عندما ذهبَت رجاء إلى المستشفى هذه المرة أيضا وجدت أن كل شيء على حاله، ربما كانت الملاحظة الوحيدة التي لفتت نظرها هي أن القطط التي تتجول بين أسرِة المرضى وأحيانا تقفز فوقها صارت أكبر من المعتاد، تتعثر فيها من دون قصد كلما غدت أو راحت، وتخشى منها وهي تتربص بكل لقمة تتناولها أو تلح بها على أخيها كمال. تحكي رجاء بهذه البساطة عن قطط مستشفى الصدر وكأن المشكلة تتركز في حجم القطط وليس في وجودها نفسه، لا علِم لها أن القطط تزيد من حساسية الصدر ومن أين لها أن تعلم، بل إنها حتى لو علمت فإن ذلك ما كان سيغير من الأمر شيئا، فليس أصعب من العثور على سرير لمريض في مستشفى حكومي. يا الله! كم يمكن للبساطة أن تكون مؤلمة، تدفع رجاء وأخوها ثمن ذلك الإهمال الشديد الذي تتغذى عليه القطط وتسمن وترتع، إنها تستسلم مع كمال إلى وجود حيوانات أليفة تمشي بينهما وكل ما ترجوه أن تظل هذه الحيوانات على ألفتها فلا تتوحش ولا تنشب أظافرها في جسد المريض أو مرافقيه. هذا الأمل على سذاجته بعيد المنال، ففي مكان تحاصره القمامة من الخارج وتنتشر في داخله الفضلات لا نتوقع للقطط أن تنحل وتضمر. لا أحد يدرى كم سيمضي من الوقت على كمال وهو راقد في فراشه، تهاجمه نوبات السعال فلا يُجدي معها قناع الأكسجين نفعا، لكننا جميعا نعلم أنه إن خرج فهو لا بد عائد من جديد، ليس فقط لأنه مدخن شره أو لأنه مدمن سابق، بل أيضا لأن البرودة التي تحاصره في المستشفى والقطط السمان التي تمرح في غرفته أمور تجعل من عودته مجددا مجرد مسألة وقت'. ايلاف