اختتم الوفدان السوريان الرسمي والمعارض، أمس، اجتماعاً مباشراً مع المبعوث الأممي العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي، في جنيف . وقالت مصادر في جنيف: إن الجلسة التي بدأت صباحاً، انتهت بعد حوالي 40 دقيقة من انعقادها، واقتصرت على كلمة ألقاها الإبراهيمي، وترأس سفير سوريا لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري الوفد السوري الرسمي . وأعلنت المعارضة أن المحادثات ستكون بمثابة اختبار حقيقي وجدي للنظام من خلال استجابته الفورية لمطالب السوريين والمجتمع الدولي وفق مقررات "جنيف1" . وقال قيادي في وفد المعارضة: "نبحث ترتيبات لاختبار جدية النظام، بينما ستبدأ المفاوضات الاثنين بمناقشة إنشاء هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات"، وأضاف أن "الإبراهيمي أكد لنا أن هدف المؤتمر الوصول إلى سوريا الجديدة الديمقراطية التي يحكم فيها الشعب نفسه، والطريق إلى ذلك يكون بتشكيل هيئة حكم انتقالي وتنفيذ بنود "جنيف 1" . وجلس وفدا الحكومة والمعارضة وجهاً لوجه عبر طاولة تفاوض في مقر الأممالمتحدة في جنيف في حضور الإبراهيمي، وبعد يوم من التأجيل وتبادل الاتهامات جلس الوفدان صامتين نصف ساعة فيما حدد الإبراهيمي خططه التي تعتمد على التركيز المباشر على المساعدات الإنسانية التي وصفها دبلوماسيون بأنها إجراء لبناء الثقة يتبعها محادثات سياسية لحل الصراع . وقال أنس العبدة من وفد المعارضة بعد الاجتماع، إن الوفدين اللذين دخلا إلى الغرفة وغادراها من بابين مختلفين، من المقرر أن يجتمعا ثانية، والموضوع الأول المطروح للنقاش سيكون التوصل إلى وقف قصير لإطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة التي تسيطر عليها المعارضة في حمص (وسط)، وأضاف أن الإبراهيمي أبلغ الجانبين أن المفاوضات الأوسع ستركز على حل الصراع وستتمحور حول إعلان جنيف، وقال أعضاء وفد الحكومة إنهم يقبلون بشكل عام إعلان جنيف ،1 لكنهم أكدوا من جديد معارضتهم لتشكيل هيئة حكم انتقالية قائلين إنها غير ملائمة وغير ضرورية . وقال مصدر دبلوماسي: إن التقدم بطيء مشيراً إلى التلاسن في المؤتمر الدولي حول سوريا الذي عقد في مونترو الأربعاء، وأضاف "قطعنا خطوات صغيرة، لكن الخطوات الصغيرة أفضل من عدم وجود خطوات" . وقد يتم الاتفاق سريعاً على دخول المساعدات الإنسانية إلى حمص، وقال العبدة: إن وفد المعارضة السورية طلب بالفعل من مقاتليه في الميدان احترام وقف لإطلاق النار وحماية قوافل المساعدات حالما يتم التوصل للاتفاق، وأضاف أن المعارضة أعدت اقتراحاً بخصوص قضية المساعدات قبل بدء المؤتمر، وتحدثت عنه مع الصليب الأحمر والدول المقربة من النظام مثل روسيا وكذلك مع الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة . وقد يؤدي الاقتراح الذي يشمل منح المدنيين ممراً آمناً، إلى وقف إطلاق النار في حمص أسبوعاً أو أسبوعين وهو أمر قد يمتد في حال نجاحه لباقي المحافظة في وسط سوريا وهي ساحة رئيسية للصراع المستمر . وقال العبدة إن حقيقة إن الإبراهيمي أثار القضية بعد محادثات الجمعة، تعني أن الفكرة نالت قدراً من توافق الآراء . وقال مصدر "اتفقوا على العمل خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة على إتاحة وصول المساعدات الإنسانية إلى حمص"، وأضاف "تم بحث الجوانب العملية، الأمور جاهزة ويمكن أن يحدث الأمر سريعاً ما لم تعرقله الحكومة" . ويقود وفد التفاوض من جهة النظام المندوب السوري لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري، بينما سمت المعارضة عضو الائتلاف هادي البحرة كبير مفاوضيها، وقال المتحدث باسم وفد المعارضة منذر أقبيق: إن البحرة "سيقود وفد التفاوض"، مشيراً إلى أن رئيس الائتلاف أحمد الجربا "باق في جنيف طالما المفاوضات مستمرة، لكنه لن يكون داخل القاعة" . وقال العبدة: إن الإبراهيمي تكلم عن "مبادئ التفاوض وأهداف التفاوض وطبيعة التفاوض والنتائج المتوقعة من المفاوضات، ولم يحصل حديث من الطرفين"، وأضاف "قناعتنا أن هذا المقترح قطع مسافة لا بأس فيها، ونأمل الوصول به إلى نتيجة، بمعنى أننا سنطلب منهم وقتاً محدداً لإعلان وقف إطلاق النار في حمص القديمة لتدخل إليها فرق الإغاثة"، واعتبر أن ذلك "سيشكل بداية جيدة للمفاوضات"، وأشار إلى أن المفاوضات حول تشكيل حكومة قد تبدأ الاثنين أو الثلاثاء . إلا أن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري نفى أن تكون حمص على جدول الأعمال، وقال: "الوضع في حمص وحلب وغيرهما يستحق أن يناقش، لكن لن نتناول اليوم هذه الجوانب التي تحتاج إلى وقت ومشاورات، بل سنتحدث في جوانب عامة وجوانب أساسية لا يختلف عليها السوريون"، وعما إذا كانت المفاوضات ستتطرق مباشرة إلى "جنيف-1"، قال "جنيف-1 ليست وثيقة مشروحة واضحة، بل هي نتيجة مقاربات دولية وتوافقات، وفيها متناقضات"، وأضاف "مهمتنا أن نقول جنيف-1 قالت كذا، وهذا الجانب أو ذاك مستعد للتعاون مع هذه المسألة أو تلك، لكن الوثيقة تحتاج الآن إلى عمل حقيقي وليست جاهزة للتنفيذ" . وكان العبدة قال صباحاً قبل بدء الاجتماع "نحن حذرون ومتفائلون في الوقت ذاته" . وقالت متحدثة باسم الأممالمتحدة: إن الوفدين اجتمعا مجدداً حوالي الساعة الرابعة عصراً بالتوقيت المحلي (1500 بتوقيت غرينتش)، ومن المتوقع أن يناقشا اتفاقاً محتملاً على وقف إطلاق النار لفترة قصيرة للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في حمص . وقال المتحدث باسم وفد المعارضة لؤي صافي: إن التركيز خلال اليومين المقبلين سينصب على الأوضاع الإنسانية والسماح بدخول الأغذية إلى المناطق المحاصرة، وأضاف أن الوفدين سيناقشان أيضاً إطلاق سراح سجناء الرأي، مشيراً إلى أن هناك أعداداً كبيرة منهم، وتابع أنه سيتم البدء بالنساء والأطفال أولاً . وكشف الجعفري عن تفاؤل الحكومة بشأن المباحثات المباشرة، وأكد أن الوفد سيدخل الاجتماع مع وفد المعارضة لوضع قواسم مشتركة للانطلاق إلى ما هو جوهري . وقال وزير الإعلام عمران الزعبي قبل وقت قصير من بدء أول محادثات مباشرة مع المعارضة: إن هناك موقفاً رسمياً سورياً أبلغ للأمم المتحدة والقوى الكبرى بخصوص التحفظات على نتائج مؤتمر جنيف1 وكونهم فوجئوا الآن بالموضوع فإن ذلك شأن يخصهم، وأكد أن الوفد السوري قادر على إجراء محادثات والبحث في التفاصيل والعمل على تهيئة أجواء تقود إلى جهد مشترك لإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا . وقال مسؤولون من الوفدين: إنهم يحاولون التغلب على عواطفهم السلبية، ويقبلون الجلوس معاً من أجل مصلحة بلدهم، وقال الجعفري "نحن هنا لحماية مصالح بلدنا والمضي قدما في الدفاع عنها"، وأضاف ردا على سؤال حول شعوره بالجلوس مع وفد المعارضة "لسنا هنا لنتحدث بالعواطف، قد نكون نعض على جرحنا، لكننا جادون، لدينا تعليمات واضحة، أتينا بعقلية منفتحة وبنفسية إيجابية لإخراج البلد من هذا الوضع، وفق المصالح العليا السورية"، وتابع أن خطاب الإبراهيمي "اقتصر على الإحاطة بتصوره للمفاوضات، وقد تحدث عن الإجراءات من ناحية الشكل، لم ندخل في أي تفصيل، ولم يتم الاتفاق على شيء، ليس لأننا لا نريد الاتفاق بل لأن الحوار لم يبدأ"، وتابع أن "أي حديث عن اتفاق هو قراءة مزاجية استنسابية، ولا أجندة أعمال بعد" . وقال العبدة: إن "المشاعر كانت متداخلة، ليس سهلاً علينا أن نجلس مع الوفد الذي يمثل القتلة في دمشق، إلا أننا فعلنا ذلك في مصلحة الشعب السوري"، ونقل عن الإبراهيمي قوله: إن "هذا المؤتمر سياسي بامتياز ويجب الحديث فيه عن مستقبل سوريا، عن هيئة الحكم الانتقالي، عن بناء سوريا والحفاظ على مؤسسات الدولة . ثم تطرق إلى القضايا الإنسانية"، وأكد "لدينا كارثة إنسانية في سوريا نريد أن نحاول من خلال هذه المفاوضات أن نصل إلى حل لها" . إلى ذلك، كشف قيادي بارز في وفد الائتلاف أن عدداً من ممثلي معارضة الداخل السوري قد يلتحقون بوفد المعارضة في المفاوضات، لأن ذلك يساعد على التعاون و التشبيك أكثر، وأضاف أن "ذلك لم يأت بضغط من أحد، اجتمعنا بقيادات من معارضة الداخل قبل أكثر من شهر من مؤتمر جنيف 2 وتفهمنا موقفهم والحساسية الأمنية التي يعانون منها من نظام بشار الأسد المجرم، لذلك لم نتمكن من وضع أسمائهم في العلن" . (وكالات) الخليج الامارتية