صنعاء - "الخليج": في ظل إجراءات أمنية مشددة وانتشار عسكري واسع وحضور عربي ودولي كبير، احتضن القصر الجمهوري في العاصمة اليمنيةصنعاء فعاليات الحفل الكبير الذي نظمته الرئاسة اليمنية لمناسبة اختتام مؤتمر الحوار الوطني، وتدشين مخرجاته التي أعلنت بصورة نهائية التوافق على بناء دولة اليمن الاتحادية . وفي الجلسة الافتتاحية رفع الرئيس عبد ربه منصور هادي وثيقة الحوار الوطني التي طبعت في كتاب تضمن البيان الختامي للحوار والتقارير النهائية لفرق العمل التسع المنبثقة من المؤتمر وكذلك الخطة الانتقالية وضمانات تنفيذ مؤتمر الحوار الوطني، الذي قال إنه مثل انتصاراً كبيراً لليمن مشيراً إلى أن يوم ال 25 من يناير سيكون علامة فارقة في تاريخ وحياة الشعب اليمني . وقال هادي خلال حفل بث وقائعه التلفزيون الرسمي "سنعمل في أقرب وقت لبعث لجنة الأقاليم التي ستشكل الدولة الاتحادية، وتشكيل لجنة صياغة الدستور" . وأشاد ب "نجاح" الحوار الوطني الذي أسفر عن اتفاق حول ضرورة إقامة قانون أساسي جديد ودولة فدرالية، معتبراً أنه يشكل "علامة فارقة في حياة الشعب اليمني" . وأوضح في هذا السياق "اختتمنا بنجاح منقطع النظير الحوار الوطني وتمكنا من التغلب على كافة الصعوبات" . وتابع "لقد استغرق الأمر عشرة أشهر بدلاً من ستة أشهر" مؤكداً أن "كل الأطراف قدمت تنازلات مؤلمة والحصيلة هي لا غالب أو مغلوب ولا ظالم أو مظلوم" . يذكر أن الحوار الوطني برعاية الأممالمتحدة والدول الخليجية كان أبرز نقاط الاتفاق الذي سمح لهادي مطلع 2013 بخلافة الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي واجهته موجة من الاحتجاجات الشعبية استمرت أكثر من عام . وتلحظ الوثيقة النهائية التي أقرها الحوار الوطني إقرار دستور جديد في مهلة سنة عن طريق الاستفتاء وتحول اليمن إلى دولة فدرالية حيث تتمتع الأقاليم بحكم ذاتي . ويتعين على لجنة الأقاليم اتخاذ قرار حول تشكيل إقليمين كبيرين في الجنوب والشمال أو ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنين في الجنوب، أو اعتماد اقتراحات أخرى . ولم يخف الرئيس اليمني المصاعب التي ستظهر في بلد تركيبته قبلية وحيث "تبث "القاعدة" الرعب في صفوف المواطنين إلى درجة تأثر الاقتصاد بذلك، في حين لا يزال الفساد مستشرياً" بحسب قوله . وتدارك "لكننا كيمنيين ليست لدينا خيارات أخرى إلا ترك معاول الهدم والبدء بورشة إعادة الإعمار" . من جهته، أشاد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر بالنجاحات المحققة في مؤتمر الحوار الوطني ونتائجه التي قال إنها ستعزز من خيار الدولة السلمية على حساب العنف والتخريب . وقال إن الحل الذي توافق عليه الأطراف السياسيون للقضية الجنوبية يعد تاريخياً، مشيراً إلى أنه "سينقل للعالم عبر مجلس الأمن الدولي تقريراً جديداً يستعرض فيه قصة الإنجاز التاريخي الذي حققه الشعب اليمني عبر مؤتمر الحوار الوطني وسأنقل صورة اليمن الحضاري الذي أصبح ملهماً لتجارب كثير من الشعوب" . بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في كلمة متلفزة ألقيت في ختام الحفل، إن هذا اليوم التاريخي أظهر فيه الشعب اليمني صوابية قراراته وفضل التوافق بدل الانقسام . وأضاف أن مؤتمر الحوار الوطني عالج القضايا الصعبة وتحديداً قضيتي الجنوب وصعدة، وفي المرحلة المقبلة سيكون مهماً جداً تطبيق حزمة ما خرج به مؤتمر الحوار . وشدد بان على أن الأممالمتحدة ستبقى ملتزمة بدعم العملية الانتقالية، وقال إن مهمة الدكتور جمال بن عمر ستستمر . وتزامن الحفل مع فعاليات نظمتها القوات الجوية بإنزال مظلي لقوات سلاح الجو، كما أطلقت آلاف البالونات والحمام الزاجل من داخل القصر الجمهوري، الذي شهد إجراءات أمنية مشددة لاحتضان الحفل . لقطات من شرفة الاحتفال بوثيقة الحوار الوطني صنعاء - عبدالرحمن أحمد عبده: مع المشاركة الإقليمية والدولية الواسعة في احتفال اختتام الحوار الوطني في اليمن، لاحظ المتابعون تغيب رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، الذي صادف أن كان متغيباً عن جلسته الأولى الافتتاحية في مارس/آذار العام الماضي، وهو الذي واجه مطالب بتغيير حكومته القائمة على التوافق بناء على التسوية السياسية التي أبرمتها أطراف النزاع في اليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2011م . كما لاحظ متابعون غياب ممثلي جماعة أنصار الله (الحوثيين) عن الجلسة الاحتفالية، وعلى الرغم من موافقة الحركة على المقررات الختامية إلا ممثليها أبدوا احتجاجاً على التمديد للحكومة الحالية في وثيقة الضمانات . ومن بين الغائبين ايضا أمين عام الحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان الذي غادر البلاد في رحلة علاجية، وشغل نعمان موقع نائب رئيس مؤتمر الحوار، وسجل حضوراً لافتاً خلال المداولات، وموقفاً متشدداً لجهة اعتماد الدولة الاتحادية كشكل للدولة المقبلة للحوار والتمسك في المقابل برؤية حزبه الداعية لتبني قيام الدولة الجديدة بإقليمين شمال وجنوب، حلا للقضية الجنوبية . وخلال فعاليات الاحتفال ظهرت بشكل واضح ملامح التأثر على وجوه عدد من أعضاء المؤتمر، وهم يشعرون بأنهم أنهوا عملاً وطنياً كبيراً، في وقت كانت أربعة مقاعد خالية تمثل الأعضاء الذين فارقوا الحياة أثناء انعقاد المؤتمر وهم عبدالكريم جدبان وأحمد شرف الدين اللذين قضيا اغتيالاً والقاضي عبدالجليل نعمان الذي سقط في العملية الإرهابية التي استهدفت مجمع العرضي بوزارة الدفاع وأخيراً القيادية النسائية البارزة رمزية الأرياني، التي توفيت إثر عملية جراحية . وبالمقارنة بين أبرز الحاضرين على منصة رئاسة الحوار في بداية جلسات مؤتمر الحوار في مارس/آذار 2011م والحاضرين في احتفالية الختام، يلحظ الفارق في غياب قياديين جنوبيين هما الشيخ أحمد الصريمة كرئيس لمجموعة الحراك الجنوبي، ومحمد علي أحمد الذي خلف الصريمة بعد انسحابه من المؤتمر، لينسحب لاحقاً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي . وفي الصورة البارزة للمشهد استمر الحضور القوي لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر الذي رافق مسيرة الحوار منذ تحضيراته الأولى وحتى انتهائه، كما كان لافتاً حركة الدينامو الرئيسي في مؤتمر الحوار د . أحمد بن مبارك الذي شغل موقع الأمين العام للمؤتمر وأبرز قدرة إدارية كبيرة ومرونة في إدارة عمل شاق استمر عشرة أشهر . رمزية الثورة الشبابية حضرت بصورة واضحة من عدد من ممثلي الشباب في الحوار وآخرين، حيث رفعوا في الجلسة شارة النصر . وكان جزء من خطاب الرئيس عبد ربه منصور هادي موجهاً إليهم عندما قال، "إن ثورة الشباب التي انطلقت في 11 فبراير/شباط عام 2011م هي استكمال لثورة سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول" . الخليج الامارتية