تسريبات وتكهنات وفبركات صحفية في مواجهة قرارات مرتقبة للرئيس هادي المصيرأون لاين /صنعاء/عبدالرحمن احمد عبده ما زال الوسط السياسي والاعلامي وقطاع واسع من الرأي العام اليمني منشغلا حتى اللحظة بالجدل حول شكل الحكومة المقبلة، في ظل تسريبات وتكهنات وفبركات مُغرضة سياسيا، لجهة الضغط على الرئيس هادي المخول بإتخاذ القرارات المرتقبة وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي تم التوافق فيه على إجراء تغيير محدود في حكومة رئيس الوزراء اليمني الحالي محمد سالم باسندوة والتمديد له للبقاء على رأسها. خوض الجدل في شكل الحكومة المرتقبة، كان قد بدأ قبل الخطوات الاخيرة لإنتهاء مؤتمر الحوار، إلا ان منسوب الجدل إرتفع وزاد حدة بعد توعُّد الرئيس اليمني عبدربه منصور بإجراء تغييرات فورية في الاجهزة الامنية والعسكرية إثر إغتيال عضو مؤتمر الحوار د. احمد شرف الدين عن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، قبل حضوره الجلسة الختامية للمؤتمر يوم 21 يناير 2014م، وتوقيعه المفترض على واحدة من أهم وثائق المؤتمر وهي وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار. وأدت تلك التسريبات والتكهنات والفبركات الى تشتيت الرأي العام، وعكست حالة من الصراع المحتدم بين قوى النفوذ والخصومة السياسية التي افرزت اداءأ اعلاميأ أفتقد الى المهنية وطوّع وسائل الاعلام لخدمة أحزاب وساسة وقوى نفوذ، كل يستثمرها في مواجهة الاخرين وتشويه مواقفهم، ومست الرئيس هادي بصورة مباشرة وصوّرته كمن وقع تحت الضغوط والخضوع لأطراف سياسية وقوى نفوذ في مواجهة اطراف أخرى، وهو الامر الذي وضع الرئيس اليمني في حرج وحيرة كما تفيد مصادر مختلفة وما آخره عن إصدار قرارته التي كان قد توعّد بان تكون قوية في كلمته الارتجالية بالجلسة الختامية للمؤتمر. وبُنيت تسريبات الوسائل الاعلامية المختلفة القدرات والامكانيات حول طبيعة التغيير في الحقائب الوزارية، خاصة تلك التي يُثار حولها الجدل، على المشاورات والنقاشات التي جرت وتجري في كواليس الاحزاب السياسية وقوى النفوذ المتصارعة، والاسماء التي رشحتها لتولي تلك الحقائب، وطبيعة الاعتراضات على الاسماء المرشحة من الاطراف السياسية الاخرى، في ظل عدم رضا شعبي على اداء الحكومة الحالية. وعلى خلفية تلك التسريبات تبقى المواجهة شرسة بين تكتل احزاب اللقاء المشترك وشركائه والشخصيات العسكرية والقبلية النافذة المتحالفة معه من جهة وحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وقوى النفوذ القبلي من جهة اخرى، وهما الفريقان اللذان يقتسمان حقائب الحكومة الحالية التي يرأسها باسندوة، منذ توقيع اتفاقية التسوية السياسية في نوفمبر العام 2011م بعد الاطاحة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، عقب ثورة احتجاجات شبابية شعبية واسعة اندلعت في فبراير قبل ثلاث سنوات. وكشف كل ما نُشر بغض النظر عن عدم مصداقية الكثير منه عن تمترس كلا الفريقين وراء الحفاظ على مصالحه ومصالح الشخصيات النافذة فيهما، وصراع للاستحواذ على الحقائب السيادية في التركيبة الجديدة وعلى المواقع الامنية والعسكرية الهامة لتُسخّر تاليا في خدمة مصالح تلك القوى والشخصيات وعدم فقدانها لمصالحها المفترض ان تكون مهددة بالمتغيرات المرتقبة او على الاقل الاضرار بها. وفي المشهد العام المرتبط بمعركة التغييرات المرتقبة في الحكومة يبدو الحزب الاشتراكي اليمني بعيدا عنها، وإن كان منخرطا في عضوية تكتل احزاب المشترك، فهو قد حدد موقفا مبكرا حيال ذلك من خلال موقفه من وثيقة ضمانات تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، حيث طالب بإجراء تغيير كامل للحكومة الحالية، وليس تغييرا محدودا، كما اقرته الوثيقة بصيغتها الاخيرة والمقرة في جلسة إختتام مؤتمر الحوار، بعد الانقلاب على الصيغة الاولى كما يقول الاشتراكي التي أُقرّت قبل شهر من إنتهاء المؤتمر عبر لجنة رأسها امين عام الحزب الاشتراكي نائب رئيس مؤتمر الحوار د. ياسين سعيد نعمان. ونفس الموقف كانت قد أتخذته جماعة أنصار الله (الحوثيين)، والتي قالت في بيان لها عقب انتهاء مؤتمر الحوار "انها تبارك ما وصل إليه أعضاء مؤتمر الحوار الوطني من توافق في أغلب القضايا الوطنية، وأنها ستمضي في تحقيق ما تم التوافق عليه"، الا انها عبرت عن تحفظها على ما ورد في وثيقة الضمانات من تجاهل "لتشكيل حكومة وطنيه قادرة على تحقيق ما تم التوافق عليه". أما قوى الحراك الجنوبي فهي قد حددت موقفها مبكرا من مؤتمر الحوار واعتبرت ان المبادرة الخليجية التي يمثل عقد المؤتمر احد بنودها، لا تعنيها، عدا فصيل جنوبي مثله في الحوار تكتل "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب"، والذي انسحبت ابرز قياداته محمد علي احمد واحمد بن فريد الصريمه وعدد من اعضائه في نوفمبر الماضي من الحوار، فيما ظل عدد من اعضائه مستمرين في المشاركة بالمؤتمر حتى نهايته، وتماهوا في موقفهم مع صيغة الضمانات الاخيرة المقرة، دون ان يبدوا اي موقف معلن منهم حيال التغييرات المرتقبة. ومن أهم الوزراء والمسئولين العرضة للإطاحة بهم وزراء الداخلية والدفاع والمالية والكهرباء والنفط ورئيسا الامن السياسي والامن القومي، وهم الوزراء والمسئولين الذين تعرضوا الى جانب وزراء ومسئولين آخرين لهجوم اعلامي شرس من قبل الصحف والمواقع الاخبارية الالكترونية، التي حملتهم مسئولية تردي الوضع العام ومنه الامني على وجه الخصوص في وقت تستمر فيه الاغتيالات والهجمات الارهابية، وقصد جزء من تلك الهجمات الى تشويه صورة بعض الوزراء والمسئولين امام الراي العام. ووفقا لمصادر في تكتل اللقاء المشترك فان قيادات فيه وعدد من الشخصيات وممثلي القوى التي التحقت بثورة الشباب في العام 2011م عقدت اجتماعا عاصفا الخميس الماضي بهدف ثني رئيس الوزراء باسندوة عن التمسك باستقالته من منصبه قدمها الى المشترك كونه رُشح من قبل احزابه وقال بيان صُدر بعد ذلك الاجتماع "ان المشترك يجدد الثقة لمحمد سالم باسندوه كرئيس للحكومة، ويرفض استقالته، كي لا يحدث فراغ سياسي"، وهو الموقف الذي لا يعكس بالضرورة موافقة الاغلبية من قيادات وقواعد احزاب المشترك على المستوى المتوسط والادنى. ويصر المشترك وعلى رأسه حزب التجمع اليمني للاصلاح والقائد العسكري علي محسن الاحمر مستشار رئيس الجمهورية والقيادي الاصلاحي رجل الاعمال حميد الاحمر على التمسك بشخص باسندوة في موقعه على رأس الحكومة الى جانب التمسك الشديد بوزير الداخلية د. عبدالقادر قحطان، الذي ينتمي لحزب الاصلاح ويُتهم بوضع وزارته في خدمة اجندة حزب الاصلاح والشخصيات والقوى النافذة المتحالفة معه، ويتردد انهم قد يقبلون التخلي عنه مقابل الاطاحة بوزير الدفاع محمد ناصر احمد المقرب من الرئيس هادي، في ظل حديث عن لقاءات ومشاورات عديدة غير معلنة بين الرئيس وقيادات من الاصلاح بمعية علي محسن الاحمر سادها جدل وخلافات حادة حول التغييرات المرتقبة لم يكن المبعوث الاممي جمال بنعمر بعيدا عنها وقالت مصادر إعلامية انها أفضت الى توافق، الا ان لا تأكيدات رسمية معلنة بذلك. وحسب آخر التسريبات الصحفية فأن التغييرات ستشمل وزارات سيادية أربع، بحيث تتحول إلى وزارات كفاءات، يخول الرئيس اليمني في تعيين الوزراء الجدد فيها، وهي وزارات الدفاع والداخلية والمالية والنفط، فيما تبقى الوزارات الأخرى توافقية بالمناصفة بين احزاب المشترك وشركائه وحزب المؤتمر وحلفائه، فيما ستشمل التغييرات أيضا أجهزة الأمن من مديري أمن ومحافظين ومسؤولي أجهزة مختلفة. ورغم ارتفاع حدة التناولات الاعلامية حيال التغييرات المرتقبة فان المؤشرات توحي بان الرئيس اليمني لجأ الى التريث في إصدار قراراته الموعودة لتحقيق اكبر قدر من التوافق بين كل الاطراف واتاحة المجال لتأثير ضغوطات سفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية، الذين ظلوا حاضرين في المشهد السياسي المحتقن على الدوام لتحقيق انفراجات حقيقة في منعطفات الازمات التي تجددت في السابق وما زالت عُرضة للتجدد في بين فرقاء العمل السياسي بين حين وآخر على خلفية الخطوات التنفيذية المستمرة لبنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. مقابل كل ذلك يأمل قطاع واسع من الرأي العام ان تضم التشكيلة الجديدة للحكومة بغض النظر عن حجم التغيير فيها شخصيات تكنوقراطية مستقلة، ولا ضير ان تُرك الامر للأحزاب فرصة اختيارها وفقا لتوزيع سياسي مشابه للتوزيع السابق، بناء على حالة التوافق التي فرضتها المبادرة الخليجية، لكن على أساس التغيير، وهي الحكومة التي قد يدخل في عضويتها لأول مرة ممثلين عن الحوثيين والحراك الجنوبي الذي قبل الانخراط في الحوار. إشترك الأن في قائمتنا البريدية المزيد من : أخر الاخبار المصير اونلاين