تمنى مواطنون مصريون يعارضون الرئيس الاسلامي محمد مرسي لو لم يتكلم في خطاب الخميس، فهو لم يحمل الجديد وصب جام غضبه على المعارضة واتهم كثيرا منهم بكونهم مأجورين. لكن طائفة أخرى ترى في الخطاب دعوة للحوار تنم عن رئيس متزن وحكيم. القاهرة: وصف مصريون خطاب الرئيس محمد مرسي ليل الخميس بأنه يشبه خطاب الرئيس السابق حسني مبارك بعد موقعة الجمل الشهيرة يومي 1 و2 فبراير (شباط) 2011، قبيل إنهيار نظام حكمه بعشرة أيام فقط. وإنتقدوا تبني الرئيس "نظرية المؤامرة" في مواجهة الإحتجاجات المندلعة ضده، بسبب الإعلان الدستوري، وهي الطريقة نفسها التي كان النظام السابق ينتهجها في مواجهة مناوئيه. ليته لم يظهر تمنى بعضهم أن لو لم يخرج مرسي في هذا التوقيت للحديث إلى الأمة، وقالوا "ليته سكت". فيما قال طرف ثالث أن خطابه جيد، لاسيما بعد تخليه عن المادة السادسة التي تحصن قرارته من الطعن عليها، وقبوله بألغاء الإعلان الدستوري، بعد الإستفتاء على الدستور الجديد مهما كانت النتيجة. وقال مصطفى خيري، وهو "مهندس إلكترونيات بإحدي الشركات"، إن خطاب الرئيس محمد مرسي، أمس، يذكره بخطاب الرئيس السابق حسني مبارك بعد موقعة الجمل. أضاف ل"إيلاف" أن مرسي يستخدم اللغة نفسها، بالعبارات ذاتها التي كان مبارك يستخدمها، مثل إتهام معارضيه بأنهم "مأجورين"، وأنهم ممولون من الخارج والداخل، دون أن يقدم دليلاً واحداً على ذلك. أشار خيري إلى أنه لا ينتمي إلى فصيل سياسي معارض ولم يخرج في مظاهرات ضد مرسي، لكن أداء الرئيس وخطاباته لا تسير بمصر إلى الخير، لافتاً إلى أنه يسير على نهج مبارك بحذافيره. وليته سكت، هكذا علقت عبير بدوي، وهي صحافية على خطاب مرسي. أضافت أن الرئيس لم يقل شيئاً جديداً، ولم يكن حاسماً، ولفتت إلى أن خطابه تضمناً كلاماً كثيراً، بدون أن يقدم ما يفيد، وأشارت إلى أنه كالعادة في جميع الأنظمة المستبدة أتهم معارضيه بالحصول على المال، والعمل على هدم الدولة. نبهت بدوي إلى أنّ رئيس الدولة ينبغي أن يقول كلاماً قليلاً، بجمل وعبارات تلغرافية، ويحمل الكثير من المعاني والقرارات المصيرية، مشيرة إلى أنها كلما استمعت إلي مرسي، تشعر أنه يرتدي ثياب الواعظ أكثر من ثياب رئيس الدولة ورجل السياسة. الطرف "الثالث" قال مرسي في خطابه الذي ألقاه من إستديو رئاسة الجمهورية: "إن قوات الأمن ألقت القبض على 80 من مستعملي السلاح ومسببي العنف وما لا يقل عن 40 آخرين، في الأحداث التي وقعت أمس في محيط قصر الاتحادية، وأدت إلى وفاة 6 أشخاص وإصابة العشرات"، مشيراً إلى أنه "من المؤسف أن بعض المقبوض عليهم لديهم روابط اتصال وعمل بمن ينسبون أنفسهم للعمل الوطني، كشفت عن ذلك اعترافاتهم بعد القبض عليهم، بمن أعطى لهم المال، وهيأ لهم السلاح، لكن النيابة العامة ستعلن عن نتيجة التحقيقات في هذه الوقائع مع المرتكبين والمحرضين والممولين بالداخل والخارج". وألمح مرسي إلى أن بعض "ينسبون أنفسهم للعمل الوطني" هم الطرف الثالث في جميع أحداث العنف التي وقعت بالمرحلة الإنتقالية، وقال "إن العديد من أحداث العنف التي لم يتم التوصل فيها للفاعل الحقيقي، كانت تنسب ل"الطرف الثالث". غير أن مرسي، رحب بمعارضته من قبل الرموز الوطنية، دون الرموز الفاسدة التي كونت ثروات من العمل مع النظام السابق، وقال "أميز بكل وضوح بين السياسيين والرموز الوطنية والمعارضين لبعض نصوص الدستور، وهذا مقبول، وبين الذين ينفقون أموالهم الفاسدة التي جمعوها بفسادهم، وبالعمل مع النظام السابق الذي أجرم وأجرم معه هؤلاء لحرق الوطن". نهايته قريبة قال محمد عماد الدين، وهو مهندس بشركة إتصالات، إن خطابات مرسي تقربه من النهاية، رغم أن لم يكد يبدأ عهده، مشيراً إلى أن الرئيس لم يستمع إلى مطالب المتظاهرين، ولم يسمع لصوت العقل من أجل حق الدماء، بل إستمع إلى أصوات جماعته وحزبه، الذين قالوا أنهم هم من تعرضوا للإعتداء من قبل المتظاهرين المعارضين له، وأنهم سقط لديهم ستة قتلى برصاص المعارضة المتحالفة مع النظام السابق ضد المشروع الإسلامي. نبه عماد الدين إلى أن الرئيس مازال يسير في فلك جماعة الإخوان المسلمون، التي تعاني من عقدة الإضطهاد. توقع إنفجار الأوضاع بصورة أكبر اليوم الجمعة، وزيادة الحشود ضد الإعلان الدستوري، وعدم إستجابة المعارضة لدعوته للحوار في القصر الجمهوري يوم السبت المقبل، لأنه تشترط إلغاء الإعلان الدستور والإستفتاء أولاً، في حين يصر هو على الإبقاء عليه. هادئ ومتّزن على الجانب الآخر، يؤيد مصريون ما جاء في خطاب مرسي، وقال حسام محمود، فني جرافيك، ل"إيلاف" أن خطاب الرئيس هاديء ومتزن ويفرق بين المعارضة التي تحمل السلاح والمعارضة التي تبغي العمل من أجل الوطن، مشيراً إلى أن الرئيس أعلن إحترامه للقضاء، وأنه لم يقصد تجميد عمل القضاء بتحصين قراراته ضد الطعن عليها. لفت إلى أن الرئيس دعا الجميع إلى الحوار، وأنّ من سيذهب إلى القصر للحوار سيكون قد أعلى قيمة الوطن، ومن سيرفض ويحتكم للسلاح والمظاهرات يكون هو من يهدف إلى إشاعة الفوضى في مصر. أكد محمود أن المصريين جميعاً بمن فيهم المعارضة تعلم جيداً أن هناك قوى خارجية وداخلية مستعدة لأنفاق ملايين الدولارت من أجل إسقاط الثورة وإدخال مصر في فوضى عارمة، داعياً الجميع إلى ضرورة اليقظة والتعاون مع الرئيس، وإقتصار المعارضة على أفعاله وليس السعي لأسقاط الدولة.