أزهار البياتي (الشارقة) - يشكل متحف الشارقة للحضارة الإسلامية صرحاً ثقافياً وتاريخياً فريداً من نوعه بكافة المقاييس، حيث يحتضن بين جدرانه الدافئة عقوداً وأحقاباً من الحضارة والتراث العربي والإسلامي على حد سواء، وتحكي أركانه وزواياه فصولاً مضيئة من المنجزات والفنون والثقافات التي ستعيش وتبقى مرجعاً وسجلاً في ذاكرة المنطقة. ولعل أهم ما يقوم به هذا المعلم الحضاري البارز هو تقديم رسالة ثقافية وتنويرية للأجيال الحاضرة والقادمة، ليعرفهم بها على جوانب مضيئة من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية، وكيف أن لفنوننا، تاريخنا، وآثارنا مع ديننا الحنيف أثراً بليغاً ومهماً سجّل نقاطاً من نور على صفحات كافة الحضارات الأخرى. وتشير نورة أحمد المغني، مساعد أمين متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، قائلة: «يجمع هذا المتحف بين الطراز البديع لهندسة العمارة الإسلامية بزخارفها وأقواسها الحانية، وبين جماليات الفسيفساء ولجة الذهب الذي يغلف كامل قبته المشعة، كما يضم مقتنيات وتحفاً وآثاراً ضاربة في القدم تعود لأحقاب بعيدة من تاريخ الجزيرة العربية والعالم الإسلامي، من ضمنها مخطوطات قرآنية ومصاحف ومشغولات فنية مع قطع أثرية قيّمة تجاوزت حدود ال 5000 قطعة ونموذج، سطرت جميعاً أرقى وأهم إنجازات نخبة من علماء المسلمين، مسلطة الضوء على مراحل مختلفة من مسيرة الإسلام وبصماته التي طبعت كل مجريات الحياة على مدى التاريخ». وتضيف المغني: «من خلال هذا الصرح الحضاري الواعد نقدم وباستمرار جملة من البرامج والفعاليات والأنشطة الثقافية والتعليمية على مدار العام، لنوجهها للجمهور والزوار ومن كافة الفئات العمرية من الصغار والكبار، ونتعاون فيها مع العديد من الجامعات والمدارس الحكومية والخاصة، منها على سبيل المثال مجموعة من الورش العملية الحية وحلقات البحث والدراسة التاريخية التي تفيد الشباب والنشء، كما نهتم بتنظيم واستضافة سلسلة من المعارض المحلية والدولية، والتي نتعاون فيها مع بقية متاحف العالم، منها متحف «فيكتوريا وآلبرت» البريطاني الشهير، والمتحف الإسلامي في مدينة «برلين»، مع «دار الآثار» في الكويت.. إلخ، بالإضافة إلى العديد من المحافل والصروح العلمية والحضارية والعالمية». وفي إطار الاحتفاء باختيار إمارة الشارقة كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014، وبتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، سيتم خلال شهر مارس المقبل الاحتفال بهذه المناسبة الاستثنائية بعدة أشكال وصور، لتنفرد هذه المدينة الخلابة باستضافة معرضين دوليين يعدان من أهم المعارض العالمية على الإطلاق، حيث ستعرض في أولهما وللمرة الأولى مقتنيات متحف «الفاتيكان الإثنولوجي»، تحت عنوان هادف وملهم، يرفع شعار «لتتعارفوا: العالم الإسلامي من شمال أفريقيا إلى الصين وما بعدها»، كما ستحتفل الشارقة بمعرضها العالمي الثاني خلال سبتمبر المقبل ضمن هذا الإطار، والذي سيأتي تحت عنوان «عواصم الثقافة الإسلامية الأولى: فن وثقافة دمشق الأموية وبغداد العباسية (650-950)». يذكر أن متحف الشارقة للحضارة الإسلامية أعيد افتتاحه في عام 2008، ليصبح معلماً حضارياً مهماً للسياحة في المنطقة، وهو يعد الأول من نوعه في دولة الإمارات، ويتمركز في موقع استراتيجي في قلب الشارقة التاريخية بمنطقة المجرة، وقد ظهر مبنى المتحف في نشأته كسوق تقليدي شرق أوسطي أو سوق داخلي. الاتحاد الاماراتية