هناء الحمادي (أبوظبي) - عبر رحلة بحث طويلة ومتعبة للكثير من مكاتب جلب الأيدي العاملة، وخلال الكشف عن الكثير من طلبات العاملات، حسبت فاطمة حسين «ربة بيت» منذ الوهلة الأولى أن العاملة التي أحسنت اختيارها ستتحمل جانباً من معاناتها اليومية، ففي بادى الأمر اعتبرت فاطمة أن تلك العاملة أحد أفراد المنزل، تعاملها بالحسنى، ولا تثقل عليها أعباء المنزل، لكن مع مرور الوقت تغير الحال، حيث أصبحت الطفلة هزيلة الجسد، دائمة النوم وجهها شاحب، هنا شعرت الأم حسب ما تقوله بوجود أمر ما تعاني ابنتها الصغيرة منه. وتسرد فاطمة معاناتها: قررت أنا وزوجي مراقبة الخادمة عبر «كاميرات في المنزل» من دون علمها، وفي اليوم التالي ذهبنا إلى العمل، ولم تساورني الشكوك في العاملة، لكن ليطمئن قلبي، وبعد عودتي من الدوام ذهبت بسرعة إلى مشاهدة كاميرا المراقبة، وهنا كانت الصدمة التي لم أتوقعها، وهي قيام العاملة بإدخال رجل غريب إلى غرفتها واستمر بها ساعات عدة، بينما طفلتي ملقاة على الأرض طول الفترة الذي قضاها الغريب في منزلنا من دون شراب أو طعام أو تنظيف وهي تبكي بحرقة. لم تتمالك فاطمة نفسها، واتجهت إلى العاملة وواجهتها بأفعالها، وما كان بعد هذا الموقف غير «أزمة ثقة» نتج عنها حجز تذكرة سفر في اليوم نفسه للعاملة لتغادر إلى بلادها، ومن بعدها تم تريب الأمور بشكل مختلف، حيث تولت الجدة رعاية الطفلة. مشاكل العمالة المنزلية أصبحت في كل بيت رغم الاختلاف النسبي وتخرج من البيت إلى مراكز الشرطة، ونراها بأعيننا في مكاتب ترحيل العمالة «مربية، طباخة، سائق، خادمة، حارس» وغير ذلك ممن يؤودون الخدمات المنزلية، وتنوعت شكاوى المخدومة من سرقة المال وأحيانا الزوج، بالإضافة إلى المعاملة السيئة للأبناء إلى حد التعذيب والقتل، في المقابل تتركز شكاوى تلك العمالة من سوء المعاملة، لكن هناك مجموعة من عمال المنازل كان الوفاء والأمانة والاحترام عنوانهم لدى الأسر التي عملوا فيها سنوات عدة، وهو ما دعا اللجنة العليا لحماية المستهلك إلى بحث إقرار العقد الموحد لاستقدام الخدم، تهميداً لتطبيقه للمرة الأولى، حيث تم صياغة عقد موحد «من خلال لجنة مشتركة من وزارات الداخلية، الصحة، العمل، الاقتصاد، الدوائر الاقتصادية» يوفر الضمانات للطرفين، ويضع التزامات على مكاتب جلب العمالة المنزلية. وحتى يتم إقرار العقد الموحد يتواصل سيناريو عنف بعض العاملات في المنازل، وكان الضحية هذه المرة طفلاً يبلغ من العمر سنتين، حيث شوهت جسد الطفل «حميد علي» ذات الثلاث سنوات، عندما قامت برش ماء ساخن على جسده بدافع الانتقام من الأم التي دخلت معها في خلاف، وانتهت تفاصيل هذه الحادثة المأساوية بهروب العاملة. ويقول عنها رب الأسرة علي حسن: لم تكن زوجتي تدرك ما تضمر لنا الخادمة، فكانت ترتكب بعض التصرفات الخاطئة في المنزل من حيث معاملة أطفالي والصراخ في وجوههم، و عدم تلبية متطلباتهم، فبدأ الخلاف مع الزوجة التي بدأت تحاسبها على هذه الأمور، وهذا الحال لم يعجب العاملة، وكانت تتمتم بكلمات غير مفهومة مع ملامح وجهها التي تتغير إلى غضب وانزعاج، وفي نهاية المطاف تعد بأنها ستفعل ما نطلبه منها، ولم تتوقع منها أن تقوم في اليوم التالي بارتكابها جريمة بحق ابننا، ثم لاذت بالفرار وغابت عن الأنظار، وتم نقل طفلي إلى المستشفى لتلقي العلاج، وسجلت قضية بالواقعة لإجراء اللازم بحقها. أحاديث مطولة ورواية إهمال أخرى، ترويها أسماء سعيد، أم لأربعة أبناء، عن طفلتها التي لم تتجاوز عامها الثالث: ذهبت مع أسرتي للتنزه في أحد المراكز التجارية الكبيرة، وكلفت العاملة باصطحاب طفلتي إلى صالة الألعاب الموجودة، لكنها أهملتها الخادمة تماماً، وتشاغلت بأحاديث جانبية مع هذه أو تلك، إلى أن فوجئت بي أمامها، عندما ذهبت للاطمئنان على الطفلة، فوجدت طفلتي جالسة تبكي بشدة على إحدى الألعاب الإلكترونية، لم أدر وقتها ماذا أفعل سوى لوم نفسي أولاً، وقطع العلاقة مع العاملة. ... المزيد الاتحاد الاماراتية