بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن السلطات الشرعية في القرم تقوم بخطوات على أساس قواعد القانون الدولي من أجل ضمان المصالح المشروعة لسكان الإقليم. وبعد أن ذكر الكرملين أن بوتين لفت الانتباه، أثناء مكالمة هاتفية مع كل من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أن السلطات الحالية في كييف لا تفعل شيئاً من أجل وقف نشاط القوى المتطرفة في العاصمة كييف وغيرها من مقاطعات أوكرانيا .. بعد كل ذلك لم يعد هناك شك في أن تغييرات جذرية جيوجغرافية وجيوأمنية سوف تجري في المجال السوفييتي السابق عموماً، وفي شرق وجنوب أوكرانيا على وجه التحديد. وإذا كانت شبه جزيرة القرم قد شكَّلت اللجنة المركزية للانتخابات وطبعت استمارات التصويت وأعدت قوائم الناخبين وجهزت مراكز الاقتراع وقامت بتأمينها وأعلنت استعدادها لاستقبال المراقبين الأجانب في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 16 مارس الحالي، فقد قامت قائمة مدن ومقاطعات دانيتسك ولوجانسك وسيفاستوبل وأوديسا وأعلنت هي الأخرى نيتها لإجراء استفتاءات ليس فقط بهدف الاستقلال، بل وأيضاً من أجل الانضمام إلى روسيا الاتحادية. لقد أخطأ الحلف الأوروأطلسي مجدداً، وبالغ حلف الناتو مرة أخرى في تقييماته وتراجع عن وعوده الشفهية للرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين عندما تنازل الأخير عن كل شيء مقابل وعود وتصريحات بأن يلتزم حلف الناتو وأوريكا وأوروبا بعدم التوسع شرقاً نحو حدود روسيا. وهذا بالضبط ما قاله الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين بأن نظام يلتسين أخطأ عندما وثق في الوعود الشفهية التي قدمها له الغرب، ومن الضروري أن تكون هناك اتفاقيات موقعة. لقد تمكنت الولاياتالمتحدة من تمرير سيناريو تمكين التيارات والقوى اليمينية الدينية المتطرفة جزئياً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب عوامل معروفة جيداً تتعلق بتركيبة المنطقة وصراعاتها البينية وقصر نظر خططها الجيوسياسية والجيوجغرافية. ولكن يبدو أنه من الصعب تمرير هذا السيناريو بتمكين القوى القومية المتطرفة والنازية الجديدة للحكم في المجال السوفييتي السابق، ووضع شعوب تلك المنطقة أمام خيارات من قبيل «روسيا أو الاتحاد الأوروبي» أو «الليبراليين الجدد أبناء واشنطن وبروكسل أو القوى القومية المتطرفة والنازيين الجدد». موسكو تؤكد أنها تدافع عن مصالحها وفق الاتفاقيات الدولية الموقعة سواء مع كييف أو مع الأطراف الأخرى. والمعروف أن أسطول البحر الأسود الروسي يوجد في مدينة سيفاستوبل الأوكرانية وفق اتفاقيات طويلة الأمد، كما أن محطة دنيبر الرادارية في سيفاستوبول وموكاتشيوفا (غرب أوكرانيا) تدخل ضمن منظومة الإنذار المبكر عن خطر الهجوم الصاروخي. وبموجب الاتفاقية الموقعة بين موسكو وكييف فإن كل البيانات والمعلومات الواردة من هاتين المحطتين اللتين تقومان برصد المجال الفضائي في وسط وجنوب أوروبا وحوض البحر الأبيض المتوسط، ترسل إلى مركز القيادة قرب مدينة سولنيتشنوجورسك بضواحي موسكو التابع للقوات الفضائية الروسية. إضافة ما يتعلق بعوامل الطاقة وطرق نقلها، وبالعوامل الجيوأمنية والجيواقتصادية والجيوسياسية. وبالتالي، فالمحور الأوروأطلسي يحاول طوال 20 عاماً اجتذاب أوكرانيا، لا لكونها أوكرانيا، بل لتحجيم دور روسيا في موضوع الغاز، ووضع شوكة دائمة في خاصرتها، وتحويل أوكرانيا إلى رأس حربة اقتصادية لتصريف المنتجات الأوروبية إلى الجمهوريات السوفييتية السابقة، ونصب صواريخ الناتو في نقاط تبعد عن الميدان الأحمر والكرملين في وسط موسكو مسافة لا تزيد عن 600 كلم فقط. [email protected] The post روسيا والمحور الأوروأطلسي في أوكرانيا appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية