كانت غرفتي في منزل والدي متراً في متر، لدرجة أنني كنت أفتح باب الغرفة وأنا على السرير، لكن كان المكيف من طن أو أكثر ويكفي لتبريد الربع الخالي. وفي إحدى ليالي النوم في الثلاجة شعرت بالحاجة إلى الذهاب إلى الحمام، وما إن وضعت قدمي على الأرض حتى سقطت مثل قتيل بالرصاص وارتطمت رأسي بخزانة الثياب، وبقيت للحظات أفكّر: ألست صغيراً على التقاعد عن المشي؟ ورحت أبكي على حالي وأنا أحبو نحو الحمام متخيلاً أن الإجراء الذي يلي الحبو هو ارتداء «الحفاظة». استطعت بصعوبة الوقوف في الحمام، وكنت لا أزال أشعر بثقل رهيب في قدمي حين عدت إلى السرير وأطفأت المكيف، وفسّرت الأمر بأن الدم تجمّد في عروقي، وأنه لولا لطف الله وانتباهي من النوم، لذهبت إلى عملي في الصباح على كرسي متحرك. وحين أفقت من النوم على جرس المنبّه، كنت أشعر بأن بوادر الشلل خرجت من جسمي مع العرق الغزير الذي كنت غارقاً فيه، وفي مساء اليوم نفسه، فتحت نافذة الغرفة المطلّة على فناء البيت ونمت هكذا بلا مكيف، وبقيت لفترة ألقي بنفسي على السرير ثم أنهض في الصباح مبللاً من قمة رأسي إلى أخمص قدمي، خصوصاً أن الوقت كان صيفاً والرطوبة تفتك حتى بالحديد. وفي إحدى التجمعات العائلية، جلس شقيقي الأكبر إلى جانبي وأخذ يسألني عن أحوالي، ثم فجأة نظر إلى ذراعي وأدهشني بقوله إنه يرغب في قراءة كفي، فأعطيته يدي وقلت في نفسي لعله قرأ البارحة كتاباً عن قراءة الكف ويريد اليوم تجربة ما قرأه، لكن شقيقي كان يضع ظاهر كفي بين يديه، بينما يسدد نظرات فاحصة إلى ذراعي، وبعد قليل من الكلام الذي لا معنى له طلب قراءة كفي الأخرى، ثم لم يتمالك نفسه وقال إنه يرغب في محادثتي في غرفتي. مضيت خلفه وأنا أفكّر في الأسرار التي توصل إليها بعد قراءة كفي، وحين دخل وجدته يمسح المكان بنظراته كأنه رجل مباحث، ثم فوجئت به يستدير ويقف في مواجهتي ويسألني بلا مقدمات: هل تتعاطى المخدرات؟ لم أجد على ذراعيك آثار حقن الإبر، لكن هل تتعاطى شيئاً غير الهيروين؟ ... المزيد الاتحاد الاماراتية