حان لنا أن نيأس من أن النعناع الدافئ من الممكن أن يشفينا أو منقوع البابونج أو حبة البركة أو ملعقة عسل ،نحن بحاجة لخمر غير محرم يذهب ببقايا عقولنا و ينسينا الفشل! آن الآوان أن ندرك أن أوجاعنا سببها أحزان مزمنة في الروح و متجلطة في الدماغ! آن الأوان أن نقلع عن الكذب و الطلاء ،النفخ ، الشد و الأصباغ! آن الآوان أن نعرف ان بامكاننا أن ننكت لا بل و نضحك. بامكاننا أن نتثقف و نتحاور. بامكاننا أن نتقاتل و ننتصر أو نخسر. بإمكاننا أن نستحم، نلبس ،نتعطر نتزين نتجمل. بإمكاننا أن نكد و نشقى لنستلم رواتبنا. بإمكاننا أن نحب و لا نتزوج، بإمكاننا أن نتزوج فنحب،أو نحب و نتزوج فنفشل، بإمكاننا أن ننجب! بإمكاننا أن ندرس و نرتفع في مراتب العلم و نعلق الشهادات فوق الجدران.بإمكاننا أن نحاط بالأصدقاء المنافقين منهم و الأوفياء.بإمكاننا أن نصلي ، نعبد و نعشق الله. بإمكان البعض التعس منا أن يكفر بالله و يعربد ويزني و يستهزئ. بإمكاننا ندعو الله فيستجيب الدعاء ، بإمكاننا الدعاء فتتأجل الاستجابة. بإمكاننا أن ُنغني و نصفق و نطرب. بإمكاننا أن ندخل غرفة العناية المركزة لنموت.بإمكاننا أن نلتقط الصور التذكارية و ندمع حين تذكرنا بذكريات حلوة مضت و لن تعود. بإمكاننا أن نحب و نسهر، بإمكاننا أن نحقد فلا ننام، بإمكاننا أن نجمع المال الحلال أو ببساطة نسرق، بإمكاننا أن نشاهد في التلفاز البحيرات الكبرى تتجمد أو غابات أوروبا تحرق!بإمكاننا أن نخطو على أقدامنا أو نطير داخل طائرة فنصبح بين الأرض و السماء. من الممكن أن يسرق منا عند أبواب المساجد ألف حذاء. بإمكاننا أن نخسر أحبتنا الغاليين.بإمكاننا أن نأكل و نشرب متلذذين بالطعم و النكهة. بإمكاننا أن نموت جوعا و منا من يموت من التخمة. باختصار بإمكاننا أن نفعل أي شيء و كل شيء، لكن الحقيقة التي ليس منها مهرب أننا منذ تاريخ ميلادنا حتى يوم مماتنا لم نعش يوما بكرامة حقيقية ، أو كبرياء حقيقي ، بل عشنا مثل عيشة أي كلب شريد أجرب! أتدري يا روحي الذاوية لماذا؟ لأننا منذ كبرنا و نضجنا أدركنا أننا لا نفعل ما نريد بل ما يريدونه هم، لا نختار تصرفاتنا بل يملوها علينا هم، لا نتخذ قراراتنا بل يتخذونها لنا هم، ندرس و نتعلم و نحفظ عن ظهرقلب ما لا يقنعنا و لكن يخدم مصلحتهم هم، تعلمنا مناهجهم أن السؤال غير مستحب و الاعتراض لا يجوز و أن الجن منتظرنا في الحمام و كشف وجه المرأة محرم! أدركنا أن سلسلة خيبتنا بدأت منذ أجدادنا بل من قبل الأجداد. منذ أدركنا أن المؤامرة ممتدة منذ أجيال مضت ،و هي بحق مؤامرة كبيرة. في كل العصور دائما المتآمر علينا أجنبي و ُينجح مخططه الاستعماري أناس مننا و فينا عبارة عن مجموعات من الجرذ المتلصصة ،الحقيرة. يموت أجدادنا حزانى. يموت أبائنا حزانى. سنموت نحن حزانى. سيكبر أبنائنا، صغارنا فإن لم يفهموا تاريخ الحكاية، و لا سمعوا أصل الرواية قد يعيشوا سعداء،أما و إن فهموا و استوعبوا حقيقة التاريخ فإنهم سيموتون مثلنا حزانى في النهاية. كيف كانت قصة العبيد في غابر الزمان؟ ما أصل الحكاية؟ أما كانوا خدم بسبب لونهم الأسود فخدموا سادتهم من أجل الماء و الزاد؟ أليست نفسها الحكاية مكررة، مملة، نعيشها بتأقلم و اعتياد. مع اختلاف لون العبيد في الزمن الحاضر، فنجدهم سود و سمر و ناصعي البياض لكن جميعهم عبيد. ليس من اجل القوت لكن من أجل المال أو السلم و خوفا من دماء و حرب. و أحيانا برغم الإذعان لا نسلم. حان الوقت أن ندرك أننا دمى خشبية مربوطة أطرافها بخيوط و تحركها أياد سوانا. أما المتفرجين علينا و هم اجانب فلا يتعاطفون معنا ، لأنهم بشر من دم و لحم و نحن مسامير و قطع خشبية. المتفرجين على المسرحية هم جمهور الغرب الذي يتم تعبئته عن طريق الإعلام بما شاء رؤساء الغرب الاستعماريين أن يعبئونه لكي يقتنع ، يؤمن ،يشجع و يدعم! قلة فقط من هؤلاء المتفرجين الغربيين يخرج من تحت الغطاء و يمعن النظر في السماء و يصرخ" لا"! أما بقية المتفرجين و هم أغلبية فهي شعوب أجنبية تتطور، تترفه، تزدهر،و بطبيعة الحال تتفرج. أما نحن فدمى خشبية تمثل ،تنطق و تقوم بدور المهرج! أما آن الآوان لنسر الوحدة العربية أن ٌيقتل ؟ لكن و لله الحمد فمن غريزة النسر اذا ما أشتم رائحة المرض او الموت فإنه لا ينتظر أن تقتلونه بل بنفسه سيطير إلى أعلى جبل و يلقي بنفسه من قمته فيموت و لا يقبل أن ٌينحر. أي وحدة عربية شاملة و أي أكاذيب تحشون بها عقولنا و أي دجل؟ نحن لم نر من حكامنا إلا تقطيعهم للبلد الواحد إلى شمال و جنوب أو أو أوصال من صلة رحم ُتستأصل؟ أما آن الآوان .... ليس لأن نثور، حاشى و كلا.... فقد أثبتت لنا الأحداث و الوقائع أن حتى ثورتنا كانت مؤامرة كبرى! أما آن الآوان أن نعلم أن أحزاننا لا يوجد من يرحمنا عليها و لا من يسمع، فلما سردنا أحزاننا للجبال وجدنا الجبال تدمع.أبكينا الجبال و لم يرحمنا أبنائنا المرتزقة العملاء. عابدين المال ، اللاهثين وراء الثراء. ألا لعنتي عليكم يا عملاء، و لعنة كل المظلومين المغلوبين في الليالي السوداء. يا جماعة الخير أما آن لنا أن نفهم...أنا هكذا نولد، هكذا نحيا و هكذا سُندفن! فلا داعي للثورات ، فنحن لا نليق بها و لا نحن يليق بنا أن نتحرر! لسنا بحاجة لمزيد من مدن تدمر و لا أنفس ُتقتل. لا داعي لأوضاعنا السيئة نزيدها سوءا. و لا داعي لأجيال ركيكة يسيل لعابها للمحرم فتضيع و نخسر. فلنسكن في الزوايا، محاذيين للجدار...فهناك ناس مثلنا و مثلي ُخلقت لسرد الحكايا. زهرة اليمن