تعب اليمنيون من كل الذي يجري على الساحة, تعبوا من انطفاءات الكهرباء, الماء غير الموجود, الاحتقان في كل شيء, السماء الملبدة بمكر الساسة, والسياسة التي لا نلعبها على قواعدها الصحيحة, التي من المفترض منها أن تحافظ على كرامة الوطن والمواطن.. وتسعى لإيجاد البدائل والحلول للأزمات المتتابعة, إذ كلما خرجنا من أزمة ولجنا أخرى, وكأننا حقل تجارب لعلماء ومنظري علم إدارة الأزمات.. تعب اليمنيون من المراهقة السياسية التي تطفو على السطح كثيراً تستثير الناس وتصيب آمالهم وطموحاتهم في مقتل, تعبوا من المهاترات والملاسنات والبذاءات, التي لا تغير واقعاً مزرياً وصعباً, ترزح تحت وطأته الغالبية العظمى من الناس, ينتظرون هدأة المراهقين الجدد الذين اتخذوا من الإثارة للشهرة وتمرير أجندة, اليمن أرضاً وإنساناً حاضراً ومستقبلاً في غنى عنها, أو صنع هالات وبريق لأنفسهم على حساب حياة الناس وأمنهم واستقرارهم.. تعبوا ممن يرقص على أوجاعهم ويطير فرحاً كلما جد جديد في الساحة, كأنه لا يهمه إلا أن ينقل الخبر فرحاً به مستبشراً, كأنه من بلاد أخرى أو كوكب آخر لا يحس بما نحس أو يعاني بما نعاني منه نحن جميعاً.. تعب اليمنيون وخاصة البسطاء منهم من الغلاء المعيشي والشائعات, التي تقتلهم يومياً بأنهم قادمون على جرعات سعرية جديدة, ستثقل كاهلهم من جديد بعد أن تنفسوا قليلاً ولم يعايشوا في الفترة الأخيرة أية ارتفاعات تذكر, إلا أن هناك من يخطط لزيادة همومهم الحياتية وينغص عليهم حياتهم ويجعلهم أكثر بؤساً وإشفاقاً على مستقبلهم, الذي ربما يزين لهم البعض بأنه سيكون أسود وتعيساً جداً, كتعس ماضيهم أو أشد تعسا.. تعب اليمنيون من حكايات التخريب والعنف المتعمد والمخطط له والممنهج, الذي يطال الحجر والبشر وكل شيء له نفع وفائدة, ومما ينفع الناس أو يخدمهم.. تعبوا من تفجيرات أنابيب النفط والغاز وتفجير أبراج الكهرباء فلا يتم إصلاح ما فجره تفجير حتى تتوالى التفجيرات التي تحيل كل شيء في هذا البلد كئيباً وحزيناً وتعيساً وكأننا خلقنا لنكون تعساء فقط.. تعب اليمنيون من التهريب, ومن سماع ما يقض أسماعهم من أرقام مهولة, تدمر الاقتصاد وتقضي على الحرث والنسل, فللتهريب مخاطر كثيرة, قد تصل إلى مرحلة الإتجار بالبشر, وذلك حين تغيب المراقبة وتصير المنافذ سهلة لتهريب كل شيء من السلاح والمخدرات والأدوية وأشياء أخرى, محرمة تقضي على شبابنا وعلى حياتنا برمتها, حين نصير مجتمعاً تهرب إليه الأسلحة بمختلف أنواعها وموطن صناعتها, وهاهي لا تمر أسابيع إلا وسمعنا عن سفن محملة بالموت قادمة إلينا أو قد دخلت سواحلنا وأراضينا وهذه, التي يتم المسك بها ناهيك عن تلك التي تصل إلى غايتها الأخيرة.. تعب اليمنيون من الاغتراب والترحيل من الدول المجاورة ومعايشة الموت ببذخ يومياً على الحدود وفي الصحارى بل وفي البحار أحياناً, تعبوا من ترحيلهم جماعات او فرادى, دون رحمة أو شفقة أو اهتمام من قبل حكومتهم, التي يجب أن تسعى لما يحفظ كرامتهم, سواء في البلاد التي يطاردون فيها لا لشيء سوى أنهم يمنيون, أو حين عودتهم فتوفر لهم ما يسد رمقهم ومن يعولون من أعمال أو وظائف وإن كانت عسكرية.. تعبنا من الأزمات التي تضاف إلى حياتنا يومياً كبهارات غير مرغوب فيها, تعبنا من استفحال الفساد واستمرار المحسوبية وضياع الحقوق وعدم وجود الفرص المتساوية, تعبنا من عدم وجود الثقة المتبادلة وغياب كل معاني الحب والاحترام والقداسة لهذا الوطن الذي يجب أن نحبه كل الحب ونرعى مصالحه خير الرعاية, حتى لا يتعب منا التعب نفسه, أو تمل منا الأزمات التي يفرضها علينا البعض فرضاً حتى نظل ندور في حلقة مفرغة لا فكاك منه أبداً حتى نرضى بإملاءاته ونتقبل شروطه ونعيش تحت رحمته, وبالطريقة التي يرضاها لنا عبيداً لا أحراراً, فقراء لا أغنياء بثرواتنا وأرضنا التي تنوء بالخيرات والنعم, التي ما زالت تحتجب عنا ولا نكاد نراها.. رابط المقال على الفيس بوك