العليمي يتراجع عن عنترياته أمام صلابة الجنوب والإصلاح يطالب بعودة هادي في مشهد تخبط وفشل الشرعية شبوة برس – خاص تكشف قراءة متأنية لبيان رشاد العليمي الأخير حجم الضعف والتخبط الذي تعيشه ما تُسمى بالشرعية اليمنية، وتعرّي في الوقت ذاته ازدواجية الخطاب السياسي الذي بات سمة ملازمة لإدارتها. فالعليمي، الذي أمضى قرابة عشرين يومًا في إطلاق التهديدات العلنية والتلويح بحشد "العرب والعجم" ضد شعب الجنوب العربي وقواته المسلحة، واشترط انسحابها من حضرموت والمهرة، مهددًا بحرب اقتصادية وخنق ميناء عدن ووقف الغذاء والدواء، يعود اليوم بلغة مهادنة مغلّفة بمصطلحات القانون والدستور.
هذا التحول الشكلي كما لاحظه محرر "شبوة برس" لا يعكس مراجعة حقيقية للموقف، بقدر ما يمثل تراجعًا اضطراريًا بعد أن اصطدم بصلابة الموقف الجنوبي، والزخم الشعبي الواسع المؤيد له في عموم محافظات الجنوب، وفي العاصمة عدن على وجه الخصوص. كما جاء هذا التراجع بعد اتضاح حالة الرضا الضمني من الإقليم والمجتمع الدولي تجاه الفعل الجنوبي على الأرض، في ظل اليأس المتزايد من قدرة العليمي وشرعيته على خوض أي مواجهة جدية مع مليشيات الحوثي.
في المقابل، تبرز حالة الفشل الميداني للسياسيين اليمنيين في مواجهة الحوثي، مقابل نجاحهم اللافت في إدارة المؤامرات السياسية والإعلامية ضد الجنوب. فقد تزامن بيان العليمي مع تصريحات صادرة عن قيادات إخوانية متشددة، من بينها نواب في برلمان (محمد الحزمي وعلي عشال) منتهي الصلاحية منذ قرابة عقدين، دعت إلى إعادة عبدربه منصور هادي، متناسية اتهامات سابقة بالخيانة، ومتجاهلة رموزًا عسكرية يمنية (علي محسن الأحمر) فرّت من مواقعها أمام الحوثي في مشاهد باتت معروفة للرأي العام.
ويرى مراقبون، اطّلع محرر "شبوة برس" على آرائهم، أن ما يجري يؤكد إفلاس المشروع السياسي اليمني، وعجزه عن إنتاج دولة أو حماية مجتمع، مقابل إصراره على استهداف الجنوب عبر حملات إعلامية تقودها قوى حزبية إخوانية عُرفت بولائها العقائدي وتلقيها التعليمات من خارج الحدود. وفي ظل هذا المشهد، يفرض الفعل الجنوبي نفسه كحقيقة قائمة على الأرض، مدعومًا بإرادة شعبية متماسكة، تسعى لحماية أمنها وملء الفراغ، في وقت يتهاوى فيه خصومها سياسيًا وأخلاقيًا.