يخاف العرب أن يهبّ نسيم الربيع العربي فيغير الأنظمة وتتطاير أموالهم، فيسعون جادين إلى شراء عقارات كبيرة وفخمة في باريس على نية الاستثمار وتحقيق الأرباح أولًا، والاستقرار ثانيًا في مستقر بديل إن دخلت دولهم نفق الفوضى. لمواجهة مخاوفهم تجاه عواقب تغيير الأنظمة الحاكمة، ومخاطر اندلاع حرب أهلية في المنطقة، قام عدد كبير من الأسر الكبيرة في الشرقين الأوسط والأدنى بشراء عقارات فخمة في العاصمة الفرنسية، حيث اشترت عائلة مصرية ثرية في الصيف الماضي مبنى في شارع سان فيليب دو رول في حي قصر الإليزية، مساحته ألف متر مربع، بقيمة 10 ملايين يورو تقريبًا. كانت بلا شك عملية رابحة، فبمجرد أن يقوم المالك الجديد بترميم المبنى، يستطيع استرجاع هذا المبلغ بتأجير الشقق الكبيرة التي تبلغ مساحة الواحدة منها 180 متر مربع. المقر البديل يقول نيكولا بيتيكس، الرئيس التنفيذي في شركة فيو للعقارات الفخمة، لصحيفة لو فيجارو الفرنسية: "يبدأ رعايا الدول المشاركة في الربيع العربي أولًا باستطلاع سوق العقارات بأنفسهم، لاستكشاف المباني المتاحة للبيع في باريس". يضيف: "الدوافع التي تجعلهم يقبلون على شراء العقار الباريسي بسيطة جدًا، إنها رغبة جارفة بالاستثمار وبناء ثروة لادخارها للمستقبل الغامض في بلدانهم، حيث يخشون أن يذهب التغيير السياسي بأموالهم". قبل شرائهم العقارات الفخمة، يشتري العرب شققًا كبيرة نوعًا ما في أحياء باريس الراقية، لتكون مقر إقامتهم الرئيسي في حال دخول بلدانهم نفق الفوضى. ويقول جان فيليب روكس، مدير جون تايلور باريس المختص في جميع أنواع العقارات: "في العام 2012، حققنا 50 بالمئة من مجموع مبيعاتنا مع عملاء قادمين من لبنانوسوريا وتونس ومصر". لبنان في المقدمة! يأتي اللبنانيون في مقدمة العملاء العرب من حيث شراء العقارات الباريسية، وذلك بسبب خوفهم من خطورة قيام حرب أهلية في سوريا تمتد نيرانها إلى لبنان، وساعدهم في ذلك إجادتهم اللغة الفرنسية. اشترى عميل لبناني أخيرًا شقة تطل على برج إيفل، في الدائرة السابعة بالعاصمة الفرنسية، تبلغ مساحتها 300 متر مربع، دفع ثمنها سبعة ملايين يورو، بحسب فرانك سيلفر، مدير وكالة العقارات الفخمة غرب باريس. يقول: "كان لدي عميل لبناني اشترى شقة تبلغ مساحتها 100 متر مربع بقيمة 1.3 مليون يورو في حي فيكتور هوجو، من دون أن يقوم بمعاينة الموقع، فقد اقتنع بشرائها ما أن رأى صورها". ميزانيات عالية يبدو أن تدفق الشاري العربي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لن يتوقف قريبًا، فثمة شاريان مصريان يبحثان عن عقار تتراوح مساحته من 600 إلى 700 متر مربع، مؤلف من ست أو سبع غرف، بالقرب من حي فوتش. ولتحقيق حلمهما، لا بد أن تتوافر لديهما ميزانية تتراوح من 30 إلى 45 مليون يورو. وتقوم فرنسا بمحاربة استثمارات غسيل الأموال أو العمليات التي تعود أرباحها لصالح أشخاص غير مرغوب بهم، من خلال منظمة تراكفين التابعة لوزارة المالية والتي مهمتها مكافحة غسيل الأموال.