كتب - نشأت أمين: انتقد عدد من المواطنين غياب الدور التوعوي لشركات تأمين السيارات مؤكدين أنها رغم كونها المستفيد الأكبر من انخفاض معدلات الحوادث المرورية والوفيات إلا أنها لم تقوم بأي جهود لرفع مستوى الثقافة والوعي المروري لدى السائقين. وأكدوا أن شركات التأمين تركت مهمة التوعية لجهات وشركات ليس لها علاقة بالشأن المروري مثل البنوك وشركات البترول والمقاولات بينما تفرغت هي فقط لتحصيل الأقساط وابتكار الوسائل الجديدة التي تستنزف بها أموال أصحاب السيارات من خلال ما يسمى بالمشاركة في تحمل تكاليف الإصلاح وأشاروا أن شركات تأمين السيارات في الدول الأخرى كانت أكثر حكمة من الكثير من شركات التأمين العاملة في السوق القطري حيث تحرص على تقديم حوافز للسائقين الملتزمين الذين لا يتسببون في حوادث مرورية خلال فترة زمنية معينة تشجيعًا لهم على التزامهم كما تحرص على المساهمة في برامج التوعية التي تنفذها الجهات المعنية في تلك البلدان إدراكا منها أن ارتفاع مستوى الوعي سوف يعود عليها بالفائدة في نهاية المطاف. وأكدوا ل الراية أن زيادة أعداد السيارات في الشارع كان من المفترض أن يؤدي إلى الارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة لأصحاب السيارات من خلال تنافس شركات التأمين لنيل رضا عملائها إلا أن ما حدث هو العكس حيث تدنى مستوى الخدمات التأمينية بما لا يتوافق مع التطور الكبير الذي تشهده الدولة. في البداية يقول محمد خميس جمعان العلي عضو المجلس البلدي السابق: تبذل الجهات المعنية في الدولة جهودًا كبيرة للحد من معدلات الحوادث المرورية وحالات الوفاة والإصابة الناجمة عنها وتحرص العديد من الجهات والشركات سواء الحكومية أو الخاصة على المساهمة مع إدارة المرور في مختلف الأنشطة والبرامج التي تقوم بها للعمل على رفع مستوى الثقافة والوعي المروري لدى السائقين ومن الملاحظ أن الكثير من تلك الجهات والشركات قد لا تكون لها علاقة مباشرة بالشأن المروري مثل البنوك وشركات البترول والمقاولات والمجمعات التجارية والمدارس وغيرها من الجهات وإنما هي تقوم بهذا الدور استشعار منها بالمسؤولية نحو المجتمع الذي تعيش فيه. ويحرص بعضها على رعاية مشروعات وبرامج توعوية تنفذها إدارة المرور بشكل منتظم وبعضها يقوم بصياغة برامج توعية بمعرفته ولكن تحت إشراف إدارة المرور. إحصائيات ويضيف: الجميع يجتهدون من أجل الحد من أعداد الأرواح التي تزهق سنويًّا وتذهب ضحية للحوادث المرورية وقد ساهمت تلك الجهود المشتركة بالفعل في نشر الوعي والثقافة المرورية بين شرائح المجتمع المختلفة مما كان له الأثر الواضح في الحد من حالات الوفيات والإصابة الناجمة عن الحوادث المرورية حيث تؤكد الإحصاءات الصادرة عن مؤسسة حمد الطبية -وفقا لتصريحات مسؤولي إدارة المرور- انخفاض معدلات الإصابات البليغة بنحو 40 % وهو مجهود طيب دون شك لكن الغريب في الأمر أنه على الرغم من أن شركات التأمين هي المستفيد الأكبر من هذا الانخفاض لأنه سوف يوفر عليها مبالغ طائلة كانت سوف تدفعها في تكاليف إصلاح السيارات المتضررة ودفع الديات لأسر المتوفين إلا أن شركات التأمين تكاد تكون غائبة بشكل شبه تام عن المساهمة في نشر الوعي والثقافة المرورية بين فئات المجتمع مكتفية فقط بتحصيل الأقساط من العملاء وابتكار ما يكفي من الوسائل والحيل التي ترفع من حصيلة مواردها دون أن تتحمل أية أعباء. ويشير العلي إلى أن هذا التصرف من جانب شركات تأمين السيارات يتسم بالأنانية التي تتنافى مع مبدأ المسؤولية الإجتماعية الذي يتعين عليها أن تتحلى به أسوة بالشركات والمؤسسات الأخرى في الدولة. نشر الوعي ويقول ناصر درويش النعيمي: شركات تأمين السيارات في الدول الأخرى تدرك تماما الدور الذي يتعين عليها القيام به لذا فإنها تساهم بشتى الطرق مع الجهات المعنية بالشأن المروري في تلك البلدان من أجل نشر الوعي بين شرائح المجتمع المختلفة وهو ما نلحظه من خلال حرصها على المشاركة في الفعاليات والبرامج التوعوية التي تساهم في تحقيق هذا الهدف ومن بينها أسابيع المرور الخليجية بل إن شركات تأمين السيارات في تلك الدول تمنح حوافز للسائقين المتميزين الذين لم يرتكبوا حوادث مرورية لمدة 5 سنوات أو يتسببوا في مشاكل لشركة التأمين من خلال إعطائهم بطاقة تسمى بطاقة التميّز وبموجب هذه البطاقة فإن السائق لو تعرض لحادث بعد تلك السنوات الخمس فإنه يحق له الحصول على إعفاء من نسبة ال 50% من قيمة تكاليف الإصلاح إذا كانت قطع الغيار المطلوبة لسيارته "أصلية" بينما تتحمل الشركة التكاليف كاملة إذا تم تركيب قطع غيار صناعة "صينية". ليس ذلك فقط بل إنها تقوم أيضًا بتكريم السائقين المثاليين الذين أمضوا فترة دون حوادث وذلك من خلال منحهم وثائق تأمين مجانية لمدة عام كامل ويأتي ذلك انطلاقًا من حرص تلك الشركات الدائم على رفع مستوى الوعي التأميني وتعزيز الثقافة بالسلامة المرورية بين فئات المجتمع والتوعية بأهمية الالتزام بقواعد المرور وإجراءات السلامة على الطرق والتقليل من حوادث السير إدراكا منها للعلاقة المباشرة بين التأمين والسلامة المرورية. أما عندنا في قطر فإن المال بالنسبة لشركات التأمين هو وارد فقط بدون صادر بمعنى أنها لا تعرف سوى التحصيل فقط ولا يعنيها أن تقوم بتخصيص مبالغ زهيدة مما تتحصل عليه من أموال ضخمة من أجل رفع الوعي المروري بين قائدي السيارات. وما دامت هناك جهات أخرى تقوم بهذا الدور بدلا منها فإنه يجب عليها أن تركز جهودها من أجل التحصيل وحسب ويقول: أي مؤسسة تقدم خدمة للجمهور تسعى لإرضاء عملائها لكن الغريب أن معظم شركات التأمين الموجودة عندنا على الساحة حاليا تتعامل من منطلق أن الزبون الذي يتعامل معها مضمون وبالتالي فهي ليست في حاجة إلى أن تبذل جهداً لإرضائه. بل على العكس من ذلك فإنها تتفنن في كيفية الحصول على المال منه من خلال اختراع أي بنود تحصيل تراها ومن هذا القبيل إلزام أصحاب السيارات المتضررة بسداد 50% من تكاليف الإصلاح وإرغامهم على التصليح في كراجات معينة. قصور واضح ويقول خليفة غيث الكواري: هناك قصور واضح من جانب شركات التأمين في جهود التوعية المرورية، رغم أنها المستفيد الأول من ارتفاع مستوى الثقافة والوعي المروري بين قائدي السيارات لأنه سوف يؤدي إلى انخفاض الأعباء التي تتحملها لإصلاح السيارات وهذا موقف غير مفهوم من جانب تلك الشركات، فإذا كان انتشار الوعي بين السائقين يؤدي إلى تخفيف الأعباء التي تتحملها فلماذا لا تساهم ولو بجزء يسير مما تتحصل عليه من أموال لتحقيق هذا الغرض؟ ويضيف: نحن ندرك تماما أن أموال شركات التأمين هي ملك للمساهمين فيها وهؤلاء المساهمون يعنيهم بالدرجة الأولى الربح الذي سوف يحصلون عليه، لذا يجب على شركات التأمين أن تتحلى ببعد النظر فإذا كانت سوف تنفق اليوم مبلغًا معينا من أجل رفع مستوى الوعي لدى السائقين فإن هذا المبلغ سوف تعود عليها وربما أضعافًا، بطريقة أخرى عندما تنخفض أعداد الوفيات والحوادث المرورية. ويشير إلى أنه يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية بين شركات التأمين وكافة الجهات المهتمة بالشأن المروري في البلاد ويجب عليها أن تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية في هذا الشأن إذا كانت بالفعل حريصة على أموال المساهمين فيها ويتساءل الكواري: ما هو موقف شركات التأمين إذا استمر ارتفاع معدلات الوفيات والإصابات البليغة على النحو الذي كان سائدا عام 2006؟ لاشك أنها كانت سوف تتحمل أعباءً كبيرة لو صدقت التوقعات التي قدرت تلك الأعداد بنحو 400 حالة وفاة خلال سنوات قليلة. وقال الكواري: شركات التأمين يجب أن تتحمل 60% من تكاليف برامج التوعية المرورية لأنها هي المستفيد المباشر من انخفاض أعداد الحوادث المرورية وما يترتب عليها من خسائر في الأرواح والممتلكات. إرضاء العميل ويقول سعد مبارك النابت: لقد ارتفعت أعداد عملاء شركات التأمين بشكل كبير نتيجة لزيادة أعداد السيارات وكان من المفترض أن يحدث تنافس بين هذه الشركات من أجل إرضاء العميل ومحاولة جذبه إلا أن ما يحدث الآن هو العكس فعلى الرغم من زيادة أعداد العملاء إلا أن مستوى الخدمات التأمينية لا يتوافق مع التطور الكبير الذي تشهده الدولة وبسبب ذلك التدني في مستوى الخدمات فقد وصلنا حاليا إلى مرحلة الهرب من شركات التأمين. ويقول النابت: التأمين الشامل أصبح غير واضح المعالم، فالعميل عندما يذهب لعمل تأمين شامل لا تقوم الشركة بإعطائه صورة واضحة عن القيود الموجودة على التأمين ولا يكتشف تلك الأمور إلا عندما يتعرض لحادث ويجد نفسه أمام الأمر الواقع. ويشير إلى أن بعض شركات التأمين صارت الآن تتنافس فيما بينها من أجل رفع الأسعار، ولأن المواطن أو صاحب السيارة ليس أمامه خيار آخر فإنه يضطر مجبرًا لدفع الرسوم التي تفرضها شركة التأمين. ويضيف: على الرغم من أن أسعار التأمين واضحة ولا لبس فيها إلا أن العميل يفاجأ عندما يذهب لتجديد وثيقة التأمين بقيام موظفي الشركة بإضافة مبالغ أخرى تحت مسميات مختلفة للمبلغ الأساسي المطلوب دفعه وتختلف قيمة هذه المبالغ من شركة إلى أخرى الأمر الذي يعد تحايلا والتفافا على القانون من جانب تلك الشركات. ويشير إلى ضرورة أن تقوم الجهات المعنية في الدولة بمراقبة أداء شركات التأمين لاسيما فيما يتعلق بقضية الأسعار التي ترتفع بين الحين والآخر، مؤكدًا أهمية إصدار قانون يحمي أصحاب وثائق تأمين السيارات سواء كانوا من المواطنين أو المقيمين من تجاوزات شركات التأمين. جريدة الراية القطرية