كسب التأمين أهمية كبرى في حياة المجتمعات البشرية، وتطور إلى ضرورة اجتماعية وحاجة اقتصادية كبيرة، وذلك باعتباره مظلة أمان لتغطية الخسائر الناتجة عن المخاطر والحوادث التي قد تقع على الأفراد أو المؤسسات داخل المجتمع، ولأهميته وضعفه الكبير في اليمن التقت (الجمهورية) بأحد أبرز الشخصيات الرائدة في مجال التامين, مدير عام شركة المتحدة للتأمين الأستاذ طارق عبدالواسع هائل، وناقشت معه الكثير من الأمور المتعلقة بأهمية التأمين، وكيفية تطويره ليشمل كافة شرائح المجتمع اليمني، وإبراز أسباب ضعفه وحلولها في سياق اللقاء التالي: كيف تقيمون الأداء الاستثماري التأميني خلال العام الماضي وما تطلعاتكم في العام الحالي؟ الحقيقة إن المناخ الاستثماري ما زال صعباً جراء التغيرات التي تشهدها البلاد، وهذا بالتأكيد أثر على أدائنا، ونأمل خلال العام الحالي أن تشهد البلاد انفراجاً حقيقياً وتحسناً في كل شيء. شكل الدولة الجديد هل سيدعم الاستثمار برأيك؟ متفائلون بأن يكون الوضع الاستثماري أفضل على اعتبار أن الأقاليم ستخلق تنافسا فيما بينها، ما ينعكس إيجاباً على أداء الاستثمار في هذه الأقاليم, وبالتالي نمواً وتطوراً في مختلف المجالات. هل تغطي شركات التامين الاحتياجات التأمينية في البلاد؟ للأسف الشديد حجم سوق التأمين في اليمن ما زال ضعيفاً، والتأمين بات مقتصراً على جزء من الشركات التجارية وخاصة الأجنبية، فضلاً عن بعض القطاعات والأفراد فكل أقساط سوق التأمين اليمنية لا تتجاوز 90 مليون دولار في كل شركات التأمين في البلاد البالغ عددها 15 شركة تأمين، وهو رقم بسيط جداً وأعتبره بمثابة قسط تأميني في شركة تأمين صغيرة في دولة من دول الجوار مثلاً. برأيك ما مشكلة ضعف الوعي التأميني في اليمن؟ بدرجة رئيسية ضعف الوعي بأهمية التأمين في حياة الناس فضلاً عن مستوى الدخل المتدني للمواطن اليمني، وكذا عدم إلزامية التأمين من قبل الجهات المعنية في البلاد. لماذا لا تطالبون الجهات الرسمية بتطبيق فكرة إلزامية التأمين حتى تتجاوز ضعف الوعي التأميني في البلاد؟ كانت لدينا الكثير من الأفكار التي كنا بصدد طرحها على الدولة لكن ما شهدته البلاد من تحولات سياسية خلال الفترة الماضية أدت إلى توقف متابعة هذه الأفكار, وهي ما زالت قائمة وسنقوم على متابعتها حالما تستقر الأوضاع, وللعلم استطعنا إقناع الدولة بفكرة التأمين الهندسي قبل خمس سنوات ونجحنا في تأمين مشاريع وزارة الأشغال مع المقاولين. كيف استطعتم حصد ثلاث جوائز لمجلة الاستثمار كأفضل شركة تأمين يمنية؟ حصدنا جائزة الاستثمار ثلاث مرات بفضل ثقة عملائنا ومصداقية تعاملنا معهم ونحن دائماً ما نحرص على تقديم خدمات متميزة, سرعة تسديدنا للتعويضات, فضلاً عن التأهيل والتدريب لموظفينا وحصتنا في سوق التامين 43 % مقارنة بثاني شركة تأمين تأتي بعد شركتنا والتي لديها حصة سوقية حوالي 12 %. إلى أين وصلتم في إلزامية التأمين البحري؟ كان في السابق يفرض تأمين محلي على أي بضاعة تأتي إلى اليمن ما لم يغرم 2 % تقريباً، لكن الأمر أصبح عكس ذلك الآن، ما يعني خسارة البلاد للكثير من العملة الصعبة وتقليل فرص العمل، وطالبنا الدولة بإعادة تطبيق ذلك وفرض عقوبات صارمة على المخالفين. كيف تقيمون القوانين والتشريعات المتعلقة بالتأمين؟ للأسف لا توجد قوانين إلى الآن وهناك تأمين إلزامي على المركبات لكنه لم ير النور إلى الآن نتيجة شروط حددتها الجهات المسئولة في البلاد ونحن وجدناها مجحفة في حقنا, دون وجود ضوابط كنا قد وضعناها. ما هذه الشروط؟ أن يكون سقف التأمين مفتوحا وبلا أسقف وهذا يناقض التأمين المعمول به في كل دول العالم حيث لا توجد شركة تأمين تؤمن بسقف مفتوح, كما أننا طالبنا بضوابط شديدة تنفذها الداخلية والمرور على سائقي السيارات والمركبات تتمثل بضرورة امتلاكهم رخصة قيادة, وسيارات ومركبات ما زالت في إطار العمر الافتراضي وليست كالتي نراها الآن, ولا نزال نأمل بحل هذه المشكلة كي نقدم خدمتنا للمجتمع الذي يتكبد خسائر كبيرة تصل حد سجن الأشخاص الذي يرتكبون حوادث مرورية أو فقدانهم سياراتهم ومركباتهم جراء تلك الحوادث وبالتالي مستقبلهم المعيشي وهي حالات كثيرة للأسف. ما أنواع التأمينات التي تقدمونها؟ كل التأمينات وهذا عائد لمتطلبات العميل أو المؤمن عليه فنحن نقدم كل ما يريد. بدأتم بالتأمين الصحي لكن نشطتم بالتأمين التكافلي؟ الفترة الأخيرة بدأ ينشط التأمين الصحي, بالذات للشركات الأجنبية وكذلك التامين التكافلي وتقريباً كل أعمالنا تعتمد على التامين التكافلي وبنسبة 95 % لأن الناس تشعر بالأمان من الشبهة وعلى اعتبار أنه تأمين إسلامي كما أنها تستفيد من الأرباح السنوية المسترجعة لهم. كيف يمكن أن نحل مشكلة ضعف الوعي التأميني لدى المواطن ونطمئنه بشرعية التأمين كفكرة انتهجتها الدولة الإسلامية منذ القدم؟ نحن بحاجة إلى حملات تثقيفية وتوعية بأهمية التأمين ولكي نوصل مفهوم التأمين للناس وهو باختصار نظام تكافلي بين الناس كما كان معمول به منذ تأسيس الدولة الإسلامية, فمثلاً أحدنا تعرض لكارثة فوجد من يقف معه ويسانده ويعيده إلى وضعه السابق. العملية التأمينية بشكل عام هل تلبي طموحات الناس في بلادنا؟ الكثير من أعمالنا إلى الآن تعتمد على الربحية البسيطة جدا كتشجيع للناس وأيضاً بهدف الانتشار الأوسع وسط المجتمع المؤمن عليه حتى يستطيع أن يقف على قدميه مستقبلاً ثم نبدأ بتغيير المعادلة باتجاه الربحية المعقولة. كيف تقيمون دور الاتحاد؟ الاتحاد ما زال دوره ضعيفاً لأنه لا يستطيع فرض شروطه على العملية التأمينية في البلاد كونه جهة منظمة فقط, وهناك دور آخر يجب أن تلعبه شركات التأمين ويتمثل في التوعية والتثقيف الإعلامي بأهمية التأمين للمجتمع اليمني، وكذا دور الدولة في تطبيق إلزامية التأمين أقل شيء بالحد الأدنى. كيف سيؤثر انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية على قطاع التامين التجاري في البلاد سلباً أو إيجاباً؟ من الصعب الآن الحكم على ذلك التأثير أو قياسه لكن الأهم من ذلك هو فرز العملية التأمينية في السوق المحلية على قاعدة البقاء للأفضل, وحال قدمت الشركة المحلية خدمة ترتقي لمستوى التنافس الذي ستجلبه الشركات الأجنبية فهذا يعني أنها تمنع ذهاب العملاء المحليين للشركات الأجنبية وتنال ثقتهم. ما ينقص البيئة الاستثمارية اليمنية بشكل عام؟ الأمن والأمان والحكم الرشيد وتفعيل دور القضاء. كلمة أخيرة؟ نتمنى تخصيص صفحة أسبوعية أو شهرية في صحيفة الجمهورية أو أي صحيفة رسمية تهتم بقضايا التأمين وتعمل على نشر الثقافة التأمينية في المجتمع اليمني لأهميته الكبيرة في حياة الناس.