محمد إسماعيل زاهر "الأسلوب هو تقاطيع الذهن وملامحه، وهو منفذ إلى الشخصية أكثر صدقاً ودلالة من ملامح الوجه"، يقول الفيلسوف الألماني شوبنهاور في مقالة بعنوان "عن الأسلوب"، رأي ينفتح على تداعيات عدة لا تبدأ بالسؤال عمن يتوافر له الآن مثل هذا "الأسلوب" ولا تنتهي بالتفكير في طبيعة وخصائص ومكونات الأسلوب نفسه، مروراً بعلاقته بالشخصية إلى الدرجة التي تجعلنا نتعرف إلى الكاتب أو المبدع في أي مجال بمجرد تلقي العمل الأدبي أو الفني حتى من دون أن ننظر إلى توقيع صاحبه، ولا فارق هنا بين المكتوب والمسموع والمرئي، فللصورة أسلوب يداعب البصر وربما تنفذ إلى البصيرة، وللصوت السمة نفسها . من يتوافر له مثل هذا "الأسلوب" في الكتابة أو الفنون المرئية أو الغناء؟ وفي الأدب على سبيل المثال: ماذا نعني بالأسلوب؟ ومن نحرص على متابعة إصداراته أولاً بأول ونتلهف للحصول عليها؟ وإذا عزمنا النية على الاقتناء وأفسحنا في الوقت للقراءة، فهل يدفعنا إلى ذلك التوقع بالاستمتاع ب"الأسلوب"؟ وما التعريف الدقيق لمفردة "الأسلوب"؟ وهل تأتي اللغة في مقدمة العوامل التي نحكم من خلالها على أسلوب أحدهم بالجودة أو الرداءة؟ وما هي طبيعة تلك اللغة؟ هل هي المترعة بالصور أم المقتصدة الدالة أم المتأملة أم العنيفة أم المتمردة . .إلخ ؟ وماذا عن منطق اللغة الداخلي، أي أن تمكن الموهبة صاحبها من رسم الشخصيات والأمكنة من خلال لغة منسالة، لا عمد فيها أو تكلف؟ وهل اكتفى كل ضجيجنا عن اللغة العربية بدراسة السبل المثلى للارتقاء بطرائق تعلمها والبحث عن خطأ نحوي في هذه الرواية أو كسر في الوزن في هذا الديوان، وهو حديث أصبح يقال جهراً، بعد أن ردد طويلاً في الجلسات الخاصة، حديث يتم التوقف عنده طويلاً، وهو على أهميته وما يؤشر عليه من تراجع ثقافي، فإنه في النهاية لا يخدم الأدب، ولا علاقة له بالتفكير في الأسلوب . وماذا عن عناصر العمل الأدبي الأخرى؟ والأفكار التي يتضمنها، فللأفكار في الأدب مذاقها الخاص أيضا، والمميز جداً في الكتابة الذهنية، حيث هناك متعة الجذب من خلال المنطق المرتب والقدرة على البرهنة وحشد المرجعيات وغيرها من آليات افتقدناها مع غياب الكتابة الفكرية عن الساحة الثقافية العربية مؤخراً . ولماذا لا نقرأ لأحدهم منظراً للأسلوب محدداً لأبعاده، مكتشفاً لتلك "الأساليب" التي تشبه تقاطيع الوجه؟ والإجابة عن هذا السؤال تشدنا إلى أسئلة أخرى: من هو هذا المنظر الذي يستطيع أن يمنحنا مجموعة من المفاتيح التي تمكننا من الولوج إلى عالم "الأسلوب"؟ والأهم من ذلك هل يؤشر هذا الصمت على طرح هذه المسألة إلى عدم تفكيرنا فيها أصلاً أم إلى مناخ يتساوى فيه الجيد مع الرديء أم إلى ثقافة يتسيدها الآن ما لا يمكث في الذاكرة ويرتقي بالذائقة؟ . الخليج الامارتية