أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمس أمراً ملكياً بتعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد بتأييدٍ بأغلبية كبيرة من أعضاء هيئة البيعة تجاوزت الثلاثة أرباع، فيما اعتبر معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية القرار خطوة إضافية تعزز مسيرة التنمية والاستقرار في المملكة. وأشار الأمر الملكي الذي بثته وكالة الأنباء السعودية الرسمية أمس إلى أنه «تم اختيار الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد مع استمراره نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء». ولفت الأمر الملكي إلى أن الأمير مقرن (68 عاماً وهو أصغر أبناء الملك عبدالعزيز) «يبايع ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد». وأوضح الأمر الملكي أن «منصب ولي ولي العهد في البيعة يقتصر على الحالتين المنوه عنهما في هذا البند»، مضيفاً: «اختيارنا وتأييد ورغبة أخينا صاحب السمو الملكي ولي عهدنا لأخينا صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد وتأييد وموافقة هيئة البيعة على ذلك يعد نافذاً اعتباراً من صدور هذا الأمر ولا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله أو تبديله بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان أو تسبيب أو تأويل لما جاء في الوثيقة الموقعة منا ومن أخينا سمو ولي العهد رقم 19155 وتاريخ 19-5- 1435هجري. وما جاء في محضر هيئة البيعة رقم 1 /ه ب وتاريخ 26- 5- 1435هجري، المؤيد لاختيارنا واختيار سمو ولي العهد لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز بأغلبية كبيرة تجاوزت ثلاثة أرباع عدد أعضاء هيئة البيعة». ونوه الأمر الملكي إلى انه «ودون إخلال بما نصت عليه البنود أولاً وثانياً وثالثاً من هذا الأمر، للملك، مستقبلاً، في حال رغبته اختيار ولي لولي العهد أن يعرض من يرشحه لذلك على أعضاء هيئة البيعة ويصدر أمر ملكي باختياره بعد موافقة أغلبية أعضاء هيئة البيعة». وشدد البيان المذيل بتوقيع خادم الحرمين على ضرورة أن «يبلغ أمرنا هذا للجهات المختصة لاعتماده وتنفيذه». موقف قرقاش بدوره، اعتبر معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في تغريدة على موقع «تويتر» اختيار الأمير مقرن بن عبدالعزيز «خطوة إضافية تعزز مسيرة التنمية والاستقرار في المملكة العربية السعودية الشقيقة». استقرار وهدوء ويؤكد مراقبون أن قرار خادم الحرمين «يمثل عاملا رئيسيا من عوامل استقرار الدولة و انتقال سلس وهادئ للحكم الى من هم أقرب الى الجيل الثاني من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود». ووفقا لما نصت عليه المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم، تعتمد السعودية في اختيار من يشغل المناصب الدستورية لمن هو اصلح وليس الأكبر سنا من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز. ويقول المحلل السياسي والكاتب السعودي يوسف أبا الخيل أن «مضمون هذه المادة كان مطبقاً بشكل عملي منذ بداية الدولة السعودية الثالثة، حيث اختار الملك فيصل الأمير خالداً لولاية العهد على الرغم من وجود أحد إخوانه ممن كان أكبر منه سناً هو الأمير محمد بن عبدالعزيز. ثم اختار الملك الراحل خالد بن عبد العزيز بعد توليه الحكم على إثر اغتيال الملك فيصل، الأمير فهد لولاية العهد، على الرغم من وجود اثنين من إخوانه أكبر منه سناً، فيما اختار الملك عبدالله بعد توليه الحكم الأميرَ سلطانَ لولاية العهد على الرغم من وجود ثلاثة من أبناء الملك عبدالعزيز أكبر منه سناً». وأردف أبا الخيل: «وبعد وفاة الأمير سلطان، عاد الملك عبد الله فاختار الأميرَ الراحل نايف بن عبد العزيز لولاية العهد، على الرغم من وجود ستة من أبناء المؤسس أكبر منه سنا.» واضاف أبا الخيل أن «الانتقال الدستوري الهادئ للسلطة في السعودية أعطاها ويعطيها على الدوام ثقلاً على ما تتمتع به من ثقل، إن كان على المستوى السياسي بوصفها لاعباً رئيسياً على المسرح السياسي الدولي، أو على المستوى الاقتصادي وما يستتبع ذلك من ثقة كبيرة في استقرار اقتصادها وأمنها». هيئة البيعة تضم هيئة البيعة 34 أميراً. وينوب عن المتوفين والمرضى أحد أبنائهم يضاف اليهم اثنان من ابناء كل من ابناء الملك المؤسس يعينهما الملك وولي العهد. ويقترح الملك على هيئة البيعة اسماً او اسمين او ثلاثة لمنصب ولي العهد. ويمكن للجنة ان ترفض هذه الأسماء وتعين مرشحاً لم يقترحه الملك. وإذا لم يحظ مرشح الهيئة بموافقة الملك، فإن الهيئة تحسم الأمر بالأغلبية في عملية تصويت. حياة مهنية حافلة بالمناصب والمهام الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود هو الابن الخامس والثلاثون للملك عبدالعزيز وأصغر أنجاله. وُلد في سبتمبر 1945. وتلقى علومه الأولى في معهد العاصمة النموذجي. وبدأ حياته المهنية ضابطاً في القوات الجوية الملكية السعودية حتى تقاعده العام 1980. وقضى القسم الأكبر من مسيرته متخصصاً في الطيران العسكري، والتحق بالقوات الجوية الملكية السعودية، وهو حائز إجازة في علوم الطيران في بريطانيا العام 1968، وتخرج برتبة ملازم طيار. والتحق العام 1974 بدورة أركان حرب في الولاياتالمتحدة وحصل على درجة الدبلوم، وعيّن مساعداً لمدير العمليات الجوية ورئيساً لقسم الخطط والعمليات في القوات الجوية الملكية السعودية. وبعد تقاعده منها، صار أميراً لمنطقة حائل العام 1980 وبقي في هذا المنصب حتى 2000، ثم أميراً لمنطقة المدينةالمنورة حتى 2005، عندما عيِّن رئيساً للاستخبارات العامة خلفاً للأمير نواف بن عبدالعزيز. وفي 19 يوليو 2012 عين مستشاراً للملك عبدالله بن عبدالعزيز ومبعوثاً خاصاً له، وفي الأول من فبراير 2013 صار نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء. واضطلع بدور الوسيط أكثر من مرة في باكستان.وهيئة البيعة مؤسسة أنشأها خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في ديسمبر 2007، وينص نظامها على أن بنودها لا تشمل الملك الحالي وولي عهده آنذاك الأمير سلطان بن عبدالعزيز. جمع المناصب وبهذا التعيين كولي لولي العهد، يصبح الأمير مقرن أول من يتسمى بهذا المنصب المستحدث في المملكة. وبذلك، يجمع الأمير مقرن المنصب الجديد مع منصبه السابق مستشاراً ومبعوثاً خاصاً للملك بعد تعيينه في يوليو قبل عامين، وكذلك منصبه كنائب ثانٍ لرئيس مجلس الوزراء. وفي عهد خادم الحرمين، تنقل الأمير مقرن في غير منصب مهم في الدولة، إذ أخذ على عاتقه أولاً رئاسة الاستخبارات العامة لمدة قاربت سبعة أعوام، ثم مستشاراً ومبعوثاً خاصاً للملك، قبل أن يصعد إلى منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. والأمير مقرن خامس أمير يسمى نائباً لرئيس المجلس بعد أن استحدث المنصب في عهد الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز وحينها كان الملك فهد بن عبدالعزيز نائباً ثانياً، ثم تولى المنصب الملك الحالي عبدالله بن عبدالعزيز في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، تلاه الأمير سلطان، ثم الأمير نايف اللذان رحلا قبل أن يتجاوزا منصب ولاية العهد. البيان الاماراتية