د. عبد العزيز حسين الصويغ * أعجبني صورة وضعها الإعلامي القدير الأستاذ سمير مرتضى في صفحته في الفيس بوك تمثل شجرة تنبت بين الصخور، ويمتد جذعها، وأغصانها، وأوراقها في الهواء بعد أن يكسر الصخر. هذه الصورة ذكّرتني بكل مجتهد يحفر بين الصخور ليصل إلى هدفه، فليس فقط أصحاب القوة البدنية هم من يستطيعون أن يتعاملوا مع أقسى الصخور، بل وأيضًا أصحاب القلوب الرقيقة المُحبة. فالحُب يصنع المعجزات. ولقد تحوّل حب فلاح هندي يعيش في قرية صغيرة لزوجته المريضة التي ماتت بين يديه، وهو يحاول قطع مسافة 70كم، كانت تفصل بينه وبين المدينة ليصل إلى المستشفى التي كان أقصر طريق للوصول إليها هو اجتياز جبل طوله 1كم، تحوّل هذا الحب إلى عزيمة، فقرر من لحظتها أنه لا يريد لأحد من سكان القرية أن يعيش المعاناة التي عاناها. فأخذ فأسًا ومعولاً وأخذ يشق طريقًا في هذا الجبل بنفسه وبفأسه حبًّا لزوجته، وخدمة لأبناء القرية التي عاش هو وزوجته بينهم. وقد استمر في العمل طوال 22 عامًا بلا انقطاع حتى تمكّن من وصل قريتهم بالمدينة، وأصبحت المسافة بينهما 1كم فقط بدلاً من 70كم. *** لم يكن الفلاح الهندي (داشرث مانجي) يملك إلاّ المعول والفأس، وإرادة شديدة البأس، وخيال الزوجة التي قضت بين يديه، لكنه استطاع أن يمهّد الطريق لأهل قريته حتى لا يعانوا نفس معاناته بعزيمة لا تعرف الهزيمة، وإرادة تفلق الصخر. إنها قصة حقيقية تزامل فيها الحب والإرادة.. فلم يستأثر الرجل بحبه لزوجته فقط، بل أحب من خلالها الناس جميعًا. وهذا رابط الفيلم الوثائقي لهذه القصة http://youtu.be/RjxXpI6_w9I. ولقد ألهمتني الصورة التي تحدثت عنها عاليه، وقصة الفلاح الهندي داشرت الذي أطلق عليه لقب "رجل الجبل" أن أوجه حديثي إلى ابنتي، وكل ابنة تخوض التحدّي في حياتها، وفي عملها، كي تشق طريقها في هذه الحياة التي جعلها الله تعالى لنا سكنًا ومعاشًا، وأمرنا باستصلاحها بكل ما فيه خير، يقول سبحانه في هذا الصدد: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ) (الأعراف: 10)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها". *** أقول لابنتي ريم التي تواجه اليوم بعض التحديات في مسيرة حياتها.. أنه بك حبيبتي، وبالجهد الذي تبذلينه من أجل تطوير العمل في مركز التأهيل المتطوّر لعلاج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصةAdvanced Rehab Center For Disabled Children الذي أنشأته بجهدك وعلمك تستطيعين أن تشقي طريقك، كما تعوّدت منك، بكل ثقة.. وأنا أدرك حجم التحدّيات التي تواجهك، لكنك استطعت بُنيّتي من خلال عزمك وتصميمك ومبادرتك الشخصية دون عون -إلاّ من الله تعالى- أن تحفري في الصخر لإنشاء مركز يعالج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وأنا واثق من قدرتك -إن شاء الله- على شق طريقك من جديد من أجل إكمال مهمتك المقدسة التي فرّغتِ لها وقتكِ وجهدكِ بهدف تقديم أفضل الخدمات للأطفال. فوحدها الأم هي التي تشعر أن أمومتها ليس فقط لأبنائها، ولكن لكل الأطفال.. خاصة من يحتاجون إلى عنايتها الخاصة. *** إن عزيمة الإنسان تستطيع أيضًا أن تكسر أقسى العقبات، وتقفز فوق كل الجسور.. ولقد كان تعليقي على الصورة التي تمثل شجرة تنبت بين الصخور ويمتد جذعها، وأغصانها، وأوراقها في الهواء هو: "هناك أناس مثل الشجر.. يمدّوا محبتهم حتى بين الصخور"، وأنتِ ابنتي العزيزة بعزمكِ وجهدكِ وإرادتكِ.. وقبلها وبعدها حُبك لعملكِ وللأطفال الذين تتعاملين معهم كأمٍ رؤوم تستطيعين -إن شاء الله- أن تكسري الصخر وتتحدّى المستحيلات. * نافذة صغيرة: (لا تتم الأعمال العظيمة بالقوة، بل بالمثابرة). صموئيل جونسون. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة