الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدولة الملية "الحديثة" ومسارحها الأهلية الإقليمية


الدولة الملية "الحديثة" ومسارحها الأهلية الإقليمية
12-18-2012 05:51
الجنوب الحر - المستقبل
تشد على خناق الدولة الإيرانية الخمينية اليوم، في خريف 2012، أطواق من المنازعات والخلافات تكاد تودي بها الى الشلل التام والاختناق وربما الانفجار. وتستنزف المنازعات الحادة والخلافات، وأصنافها كثيرة ولا تعف عن دائرة من دوائر التصريف والعمل، طاقات الدولة والمجتمع الإيرانيين، وموارد الحلفاء والأنصار في "الولايات" والملحقات والأطراف. ولا تصرف المشكلتان المركزيتان، النووية والسورية، أنظار الداخل ولا أنظار الخارج عن الأزمات الأخرى المتناسلة والمتجددة في إيران وحولها. والمشكلتان المركزيتان استدرجتا، قبل انفجارهما وبعده، أزمات فرعية في جوار إيران القريب والإقليمي. فلا يكاد يبرأ موضع من جسم الخليج المتنازع، أو من حزام شبه جزيرة العرب وسواحله وبحاره، من خلاف كامن أو معلن مع الدولة الإيرانية وطاقم حكمها الخميني.
وتتطاول النزاعات الى مسائل متصلة وعريضة. فتلمّ بالاستقلال والديبلوماسية (شأن نزاع إيران مع أذربيجان)، وبالسيادة على الأرض والسكان والموارد (مع العراق). وتدور على الوحدة والولاء الوطنيين (في أحوال الكويت والسعودية والبحرين)، وعلى وحدة البلد الإقليمية (الإمارات العربية). وتنتهك السياسة الإيرانية ولاية الدول الوطنية في اليمن والسودان وإريتريا ومصر. وهي تطمع في مشاركة السلطات الحكم فعلاً في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق. ويتغلغل نفوذ الأجهزة الأمنية الإيرانية البوليسية والاستخباراتية في جاليات مسلمة كبيرة، لبنانية في معظمها، تستوطن في بعض بلدان إفريقيا ودول أميركا الجنوبية. وينتهك النفوذ وأدواته أمن هذه الدول وحصانتها وتماسكها الوطني الهش غالباً. وتتوّج السياسة الإيرانية الخمينية هذه المنازع مجتمعة، وتسوغها بإعلانها إرادتها "اجتثاث" دولة عضو في الهيئات الدولية ودعوتها الى "إزالتها من الوجود". وتاج السياسة الإيرانية هو مفتاح تشابك خيوطها وتقاطع طرقاتها، على ما تعلن هذه السياسة وتزعم.
[ الدمج والتأليف
ويعود هذا على إيران الدولة، ومن طريقها على الإيرانيين، بالتشكك والتحفظ على أضعف تقدير، وبالعداوة والحصار والمقاطعة في أحيان كثيرة. والطاقم الحاكم ربط، منذ بداياته المضطربة وإرادته "تصدير ثورته"، بسط سلطانه الداخلي الساحق والتام على المحافظات والجماعات والموارد والحدود، وعلى الأفراد و"المواطنين"، بمكانة إقليمية ودولية عالية ونافذة. وعلى نحو ما ناط تمام سلطانه الداخلي بتشيعه الإثني عشري، وفقهه الجعفري وسلك فقهائه، وبولاية فقيهه الأول ورأس دولته الملية المذهبية، حمل مكانته ونفوذه الإقليميين والدوليين المرجوين على دالته الإسلامية الإمامية، الواحدة والمزدوجة معاً.
وتصدى طاقم الحكم الخميني، في أطواره المختلفة، لمعالجة مسألة الفروق الداخلية الكثيرة وهي قومية ومذهبية وبلدية محلية وثقافية ودينية واجتماعية وسياسية طبعاً على مثال إداري وبوليسي. فغلّب الدمج القسري، ونفيَ الخصوصيات والاحتياجات "القومية" (نسبة الى القوم وليس الى الدولة القومية)، على التأليف والتمثيل المركب والنسبي في الهيئات المشتركة. ولم يقتصر على انتهاج سياسة إمبراطورية اتحادية، توالت السلطنات الإيرانية على انتهاجها في العهود المتعاقبة، الصفوي والقاجاري والمشروطي والبهلوي (ويستثنى منها الشطر الأول والتأسيسي من العهد الصفوي وتشييعه الإيرانيين بقوة الإرادة وقوة الاضطرار). فتعدى النهج المتعرج والمعقد الى آخر ملّي وقومي إيديولوجي وإداري صارم و"حديث".
وكانت سياسة التوحيد الإمبراطورية نهضت على إلحاق الأقوام ونخبها الأهلية وبلادها ومواردها ببؤرة السلطة المركزية ومرافق مصالحها ومنافعها وإدارتها. وتوسلت الى غايتها بأجهزة دولة متسلطة وشبكات وطرق وسكة حديد ومرافئ عريضة ومتماسكة، وبتسويق المحاصيل وسوق عمل وطنية. ولم يحد عن هذا النهج عهد من العهود المتعاقبة والمختلفة. ولم يكن العهد البهلوي في ولاية الشاه الأول أقلها تشدداً وتمسكاً بنهج التوحيد. ولكن الميزان الإمبراطوري أو السلطاني التزم، من وجه آخر ومقابل، حد الإقرار للجماعات القومية والمذهبية والدينية والمحلية بكيانات ذاتية تنزل منزلة أدنى من الكيان الغالب. وتولت الجماعات رعاية مقومات كياناتها وعوامل دوامها، على شرط ألا تتخطى الرعاية دائرة الاستقلال الذاتي، وألا تنازع السلطات المركزية على صلاحياتها وامتيازاتها ومرتبتها الغالبة.
[ دائرة الملة
وموازنة الكفتين، كفة غلبة القوم المركزي أو عصبية الدولة، وكفة التحاق أقوام أو جماعات الأطراف وقبولها على مضض مراتب دنيا، هو ما أودت به الولاية الخمينية، وقوضه نظامها السياسي، الملي والقومي الجمهوري. فسعت الولاية الخمينية، ومثال الدولة الذي ولدته وأنشأته، في ترجيح كفة القوم المركزي، وغلبته على الدولة (-الأمة) الواحدة والمتجانسة المفترضة، ترجيحاً ساحقاً لا يترك هامشاً أو متسعاً لكيانات الأقوام الأخرى الذاتية. وعمدت الى تعريف قوم الدولة المركزي تعريفاً ضيقاً. وقدمت العامل الملي والمذهبي على العامل القومي الفارسي، والعاملان يكادان يتطابقان في إيران. وضيقت الدائرة الملية والمذهبية، واختصرتها في مثلث أصفهان وفارس ويزد من أقاليم إيران وبلادها ونواحيها، وفي معمميها وأسر السادة الموسويين من المعممين وعلماء الدين في المرتبة الأولى.
وترتب على تقديم الملة والمذهب، وعلى تضييق تعريف الدولة الدستوري واختصاره، نفي الأقوام والجماعات الأخرى، الملية والمذهبية والقومية والدينية، من المراتب الدنيا التي جرى الترتيب الإمبراطوري أو السلطاني التقليدي على إلحاقها بالقوم المركزي ودولته على النحو المترجح والمقيد الذي مر وصفه سريعاً. ولا شك في أن التقديم المتعصب والنفي القاطع صدرا عن منزع إيديولوجي وثوري حاد ألهم روح الله خميني الموسوي مثال ولايته الإمامية الملية والجمهورية العامية، ودعاه الى إنشاء الدولة الإيرانية إنشاء سياسياً جديداً وحديثاً، مركزياً بيروقراطياً وبوليسياً عسكرياً. ولكن المنزع الإيديولوجي والثوري هذا يمت بروابط وأواصر قوية الى عوامل السياقة التاريخية النواتية التي "حفظت" إيران وحصّنتها من غلبة السلطنة العثمانية وإسلامها السني، وحملتها على التشيع الإمامي والإثني عشري من طريق الأسرة الصفوية، السنية والتركية والصوفية في ابتداء أمرها. ودمجت الحاكم والرعية في كيان قومي وصوفي.
[الميسم الإيراني
والحق أن التراث الصفوي فالقاجاري فالبهلوي، السلطاني أو الإمبراطوري، اتصلت آثاره ومفاعيله الى الدولة الخمينية من طريق تاريخ إيران الحديث والمعاصر، وحوادثه وتحدياته ومعضلاته. فإيران لم تنفك قوة أو كتلة بشرية سياسية وجغرافية راجحة، على منعقد دوائر ودول وجماعات وطرق وأسواق تتعاظم أدوارها في موازين القوة والثروة العالميتين. فهي بوابة "الهند" البرية، والحاجز بوجه التوسع الروسي في آسيا الوسطى، وتوأم تركيا، ونظير شبه جزيرة العرب، ورقيب حوض النفط "العظيم"... أو هي في وسعها، ووسع دولة إيرانية متماسكة أن تكون هذا كله أو بعضه. وهي مركب من قوة حكم وتوحيد واستيلاء مركزية لا شك في طاقتها على الاضطلاع بالحكم والتوحيد والاستيلاء، ومن شعوب وأمم وولايات ترجحت على الدوام بين الانجذاب الى المركز وبين الميل الى "الأخوة" القومية على جهات الحدود الكثيرة الأخرى والانكفاء على "المجتمعات الخاصة" والأهلية.
وجمع تاريخ إيران السياسي والديني، وهذا يتعدى "الجغراسية" (الجيوبوليتيك) واستراتيجياتها الآلية الى الفعل التاريخي، الحافز أو المهماز القومي الخارجي والعاصف، والانقياد الداخلي والقومي الشعبي. وقد تسابق الاستجابة الشعبية والقومية الحافز الفوقي، السلطاني أو النخبوي، وتسبقه. فتجعل التشييع القسري في القرنين السادس والسابع عشر حركة توحيد حميمة ومحمومة، والإصلاح والاستقلال والدستور عند منعطف القرن التاسع عشر الى القرن العشرين برنامجاً خلاصياً، وتأميم النفط في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين بعثاً لتاريخ مجيد من الكرامة والقيام بالنفس.
[ الإمامة السلطانية
ولعل الحركة الخمينية، في مبتدأ أمرها، حلقة من حلقات هذه السلسلة الملتبسة والجذرية. ولكن حركة فقيه خُمين وقم الموسوي لم تلبث تحت وطأة السائق الإيديولوجي والثوري الإمامي، من وجه أول، وجراء دواعي مباني الدولة (-الأمة) الوطنية الحديثة وآلاتها البيروقراطية والتنظيمية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، من وجه ثانٍ، وملابسات حوادث الثورة وخلافاتها، من وجه ثالث لم تلبث أن غلّبت الوجه الفوقي والانقلابي المتسلط على المركّب القومي والشعبي المختلط والمضطرب. فخرج الجسم الاكليركي "الحبري"، أو جهاز العلماء المعممين، من شراكته مع الجماعات والتيارات الأخرى التي ائتلفت الانتفاضة على محمد رضا شاه منها، واجتمعت الثورة الجمهورية الإيرانية من روافدها الكثيرة والمتفرقة. وانفرد الجهاز بالسلطة ومقاليدها، وتولى وحده إنشاء الدولة على مثال إمامي وسلطاني. واستعاد المثال سمات معهودة كررها التاريخ الإيراني في حقبات متفرقة، دعت إليها عوامل تقدم للتو تناولها.
وقدر الجهاز العلمائي والإمامي المستولي على ما قصّرت عنه طواقم الحكم السابقة. فتوسل بمباني الدولة (-الأمة) الوطنية الحديثة وآلاتها النافذة والمتغلغلة في أجسام الجماعات، وألحقها بسياسته وغاياته. ووسع الجهاز استدخال "الجماهير" بواسطة المساجد والحسينيات والمهديات والمصليات وروابط المهن والجمعيات والنوادي (وعلى الخصوص الرياضية)، ومن طريق الشعائر الكثيرة التي يحييها شيعة "أهل البيت". وفي الأثناء كانت "الجماهير" المتشرذمة والمتخلفة عن الهجرة العريضة إلى المدن، والمتساقطة من الطبقات الاجتماعية الريفية، والمولودة من توسع التعليم والوظيفة وسوق العمل الرأسمالية على مرتبتيها (رأسمالية الدولة العالمية والإنتاج السلعي والسوق الضيق وتداوله)، انقلبت قوة اجتماعية وسياسية ضخمة وراجحة. وعلى رأس هذه الجماهير وهي "حررتها" إصلاحات محمد رضا بهلوي، على رغمها، من الروابط والأبنية الاجتماعية المرتبية والمحلية، ونفتها من مسالك التمثيل والمشاركة ومن أقنية التوزيع قاد خميني، وفريقه و"مجتمعه النقيض" المتغلغل في أوردة الجماهير وكتلها الزائغة، حربه على دولة الشاه المتسلطة والنائية.
[البدعة البهلوية
والتسلط والهيمنة من فوق على البلاد وأهلها ليسا سمتين جديدتين ومبتدعتين من سمات السلطة في إيران وتاريخها المديد. ولكن البدعة البهلوية القاتلة هي اقتصار السلطة، هذه المرة، على التسلط والفوقية "الأسيوية". فترك الشاه البهلوي الثاني النفحة الخلاصية والكونية (الامبراطورية) التي حرصت السلالات الحاكمة السابقة على رعايتها وتوليها منذ دارا أوداريوس، ومنذ اسماعيل شاه، وبينهما "شاهنامة" الفردوسي و"فيروزشاه" القصص الشعبي البطولي المعرّب إلى محمد مصدق تركها وتخلى عنها إلى "المخلص الإسلامي" والداعية الإمامي.
فنصب هذا نفسه، وقد استبطن جماهيره والتهمها، على ما صوره سلمان رشدي في "الآيات الشيطانية"، "مهدي هذه الأمة"، وعلامة على وشك قدوم صاحب الزمان وملئه الأرض (الكون المعمور على امتداده) عدلاً واستخلافه المستضعفين على ميراث الأرض وإمامتها.
ولكن استحواذ الإمام العدل والمرشد وولي أمر المسلمين، وهي ألقابه وأسماؤه، على الشق الخلاصي الكوني، والعامي البطولي من الملحمة الامبراطورية الإيرانية لم يدعه، خلافاً للبهلوي الخجول "الأعرج" والمتكبر معاً، إلى التخلي عن الشق السلطاني والفوق والمهيمن. فعلى قدر غلوها العامي والشعبي، وطعنها على انسلاخ النظام البهلوي ودولته وجمهرته الاجتماعية من "الإسلام" وعلى تأمركه وتشيطنه واستكباره، غلت الولاية الخمينية في طلب السلطة واحتكار مقاليدها، والانفراد بمواردها الرمزية المعنوية وآلاتها المادية والإجرائية. ولم يكن روح الله خميني شاهاً متديناً، أو طاغية متسلطاً وقانعاً بجهاز السلطان الزمني والدنيوي وثقله. وهو لم يشبّه على من زعموا تظليل "روحانية سياسية" قسمات ولايته وحكمه، تشبيهاً خالصاً. ف"جمهوريته الإسلامية" هي صيغة إرادته جمع السلطان الإمامي المطلق والملهم، الإلهي أو المتأله على قول إثني عشري دار جو سائر، إلى انقياد العامة والجمهور، في حلتي "الرعية" السياسية والرعية المؤمنة، وذوبانهما في جسد السلطان وحلوله فيهما.
[المساومة الجمهورية والمثال الكولونيالي
فأوسعت إرادة الجمع هذه محلاً ثانوياً وملحقاً لتيارات سياسية واجتماعية وقومية ومذهبية "جمهورية"، ليس في مستطاع الولاية "الإسلامية" أي الخمينية الإمامية الخالصة، استيعابها أو تمثلها وتمثيلها تمثلاً وتمثيلاً مباشرين ومن غير وسيط أو مواربة. والإقرار بهذه التيارات، على مرتبتها الثانوية، لم يبلغ مبلغ الإقرار بحقيقة كياناتها ومصالحها وحاجاتها ومطامحها، ولو في إطار الدولة الوطنية الإيرانية. فدعيت، هي وأقوامها ومللها، إلى تحقيق "جمهورية" الدولة الملية والبرهان على اتساع قاعدتها، وإلى التمثيل الظاهر على شعبيتها أو جماهيريتها. وهذا شرطه، على ما أدرك الفقيه، المنازعة والمنافسة على التمثيل، وأقل كثيراً على النفوذ. وألزم النظام "الجمهوري الإسلامي" المتنافسين والمتنازعين التمسك بالإطار الإمامي الخميني، والبقاء داخل جدرانه، والاحتكام إلى معاييره وموازينه و"مصطلحه". وولد هذا ما سماه أحد الباحثين الإيرانيين "السراب الإصلاحي"، المستمر والمتجدد من علي أكبر هاشمي رفسنجاني إلى محمد خاتمي فحسين موسوي. وهو قد يستأنفه ويجدده أحدهم عاجلاً، على حافة الهاوية النووية والانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي.
وصحب المساومة الجمهورية المقيّدة والمحدودة تطرف مذهبي وقومي لا توسط فيه. فتسلطت النواة الإمامية والخمينية الملية على الدولة والمجتمع والجماعات، ونُصّبت مرتبة ومكانة نأتا بالنواة من المحاسبة والمراقبة والتقييد. فأعملت هذه سلطتها المطلقة، على خلاف العقد السلطاني أو الامبراطوري وعلى مثال كولونيالي وأمبريالي بائد، في تدمير الجماعات المذهبية والقومية، غير الإمامية الشيعية وغير الفارسية، وتقويض مقوماتها التي تقوم بها هوياتها التاريخية المنفصلة من لغة (ومدرسين وكتب وطباعة) وتعليم (ومدارس ومقررات وجهاز) وأماكن عبادة (وشعائر وإدارة وعلماء) وإدارة إقليمية (وموظفين و"سياسيين" ومناصب ونفقات). فصنعت الدولة الجديدة حركات عصبية مذهبية ملية وقومية عشائرية، لا خيرة لها في تمردها وثورتها على المركز المذهبي والقومي. وقد أسفر هذا عن إدارة أمنية و"حرسية" (نسبة إلى الحرس الثوري أو الباسدران) قاهرة. ولا يسعها، من وجه آخر لازم الوجه الأول، صرم روابطها القوية بنظيرها المذهبي، والقومي غالباً، على جهات الحدود الأخرى. ويغذي إحياء الروابط الإقليمية، والرعاية الأجنبية التي يبعثها لا محالة، ضغينة المركز وتهمته وإفراطه في القمع والقهر. وهذا، على ما اختبرت القوى الاستعمارية جميعاً، دور يدور.
[تخطيط الكتاب
ويتعقب الفصلان الأول والثاني من "طوق العمامة" سياسات الدولة الملية الخمينية في المسألة المذهبية، وهي مسألة سنية خالصة، والمسألة القومية، وهي مسائل بعدد الأقوام والجماعات القومية التي تضويها إيران. وتغلب المسألة المذهبية على المسألة القومية حين لا تتحد المسألتان في واحدة، على ما هي الحال بإيران في بلوش سيستان بلوشستان وحدهم. ويتناول الفصل الأول، وأقسامه الأربعة، بنية دولة إيران المذهبية والعصبية القومية، وترسخها في سياق الأعوام العشرة الأخيرة، إما جراء المنازعات والأزمات الداخلية، وإما جواباً عن أطوار إقليمية ودولية اضطلعت فيها السياسة الإيرانية، على مقدار أو آخر، بدور سياسي أو أمني، راجح أو ثانوي.
ويتناول الفصل الثاني "منازعات الداخل الإيراني"، في ست فقرات طويلة، أي وقائع الخلافات التي جرت إما بين كتل السلطة في أطوار أحلافها المتعاقبة والمتغيّرة بين 2005 و2012، أو بين كتل السلطة وبين جماعات الإيرانيين وحركاتهم السياسية الانتخابية والاجتماعية. فالداخل الإيراني لم ينفك مسرحاً يعج بالمنازعات المتخلفة عن محاولة جمع مؤسس الدولة الملية الإمامية أضداداً تعصى الجمع، وعن صوغ خالفيه صيغ توفيق بين المنازع بعثت مسائل جديدة وعويصة، لعل الصيغة النووية أشدها ظهوراً وجدة. وعلى هذا، لا يحيل تعقب حوادث النظام المراقب إلى صورة ساكنة وخادعة، على ما تبدو عليه حالها في الأنظمة الاستبدادية الأخرى. فالحوادث أو المنعطفات كبيرة أو حادة، وترتبت عليها تداعيات خطيرة، شأن تلك التي نجمت عن نهاية ولايتي خاتمي وابتداء ولايتي محمود أحمدي نجاد، و2009 إلى اليوم ذروتها.
ويقتفي الفصلان الثالث والرابع، وهما موسومان بعنوان واحد، "آلة الحروب الأهلية الوطنية" كناية عن السياسة الإيرانية في المسارح الشرق أوسطية، ووصلها هذه المسارح بعضها ببعض، وسعيها في إدارة المنازعات المتضافرة على المسألة الفلسطينية الإسرائيلية ومقاومة المحور الصهيوني الأميركي، وقيادتها ووكلائها المحليين، معسكر "المقاومة" الإقليمي وفروعه الوطنية أو المحلية. ويقتفّي الفصل الخامس، "دوائر الحرب والأمن"، والسادس، "أقاليم شرق أوسط إيراني"، على الفصلين الثالث والرابع، ويبسطان ما غمض ربما بعض الغموض في هذين. وموضوع الفصول الأربعة، وهي تتدرج من العام، الايديولوجي الاعتقادي والمشهدي والمجمل الاستراتيجي وإطار المواجهة "المشترك" إلى المسارح الفرعية، الفلسطيني واللبناني والعراقي الخليجي، وامتداداتها في الجوار القريب، المصري والشرق إفريقي والتركي، والبعيد (قياساً على الشرق الأوسط)، الأفغاني والباكستاني.
والفصول الأربعة هذه، وفقراتها ال27 (3 + 8 + 8 +8)، تعالج الحوادث البارزة في سياسة طهران الإقليمية من باب مسألة الدولة المحلية الإمامية والخمينية في إيران نفسها. فبعض وجوه النزاعات الداخلية، الأهلية والمذهبية والطائفية في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا، وبعض فصول الأعمال الحربية التي انفجرت في 2006 و2008 2009 والاصطفافات التي رافقتها وتبعتها وبعضها لا يزال قائماً وبعضها انحل وتصدع هذه كلها رددت أصداء السياسات الإيرانية وإرادتها المحمومة بسط نفوذها الثقيل والمباشر على دول "الطوق" و"الحاجز" (الإيراني العربي) الوطنية. ويتناول الفصل السابع اليمن والمسرح الحوثي، على حدة. وهو قرينة على جواز استقلال مسرح محلي عن السياسة الإيرانية المباشرة قبل التقائه بها وبمصالحها. ومعظم الفصول كتب في الأعوام الأخيرة، وعاصر الحوادث التي يتناولها، ونشر في صحيفتين هما الحياة اللندنية والمستقبل اللبنانية.
[ الردع النووي والولايات الأهلية
فما حملته سياسة روح الله خميني على طوق نجاة الثورة ودولتها وطاقم حكمها، من حصار "الاستكبار" و"الرجعية" الإسلامية والعربية الخليجية، ورأت إليه حصنها من تحالف هذين، هو تجنيدها تحت رايتها الملية القومية والإسلامية العامة (أي العربية كذلك بهذه الحال) بعد جلائها راية الثورة على "الأميركي الصهيوني"، جماهير المسلمين والإسلاميين والعروبيين والقوميين ومناهضي العولمة على مذاهبهم المتفرقة. واحتسبت قيادة "الثورة" الميدانية، التنظيمية والأمنية والاستخباراتية والعسكرية والمالية، أن الراية الكبيرة والعريضة، مهما خفقت، وعظم ظلها وطال، لا تغني عن الجماعات المرصوصة والمنتخبة، المدربة والمنضبطة والموالية حتى الموت، والمؤتمرة بأمر القيادة الميدانية المركزية "مكتب حركات التحرر" أو "فيلق القدس" لا فرق.
ف"الحرب" على إيران الخمينية، وهذا ما لم ينفك أفقاً ماثلاً ومخيماً على الشرق الأوسط وتتعمد القيادة الإيرانية التلويح باحتماله، كانت ولا تزال ذريعة تعبئة عامة، شرق أوسطية. وجبهتها القيادة، على ما يردد عسكريوها الحرسيون ومراجع علمائها والمعممين، بالإعداد لحرب عامة ساحقة تتولاها، على الجبهة الإيرانية، المنظمات "الإسلامية" العسكرية والأهلية المنتشرة على المسرح الإقليمي، وفي ثنايا دول "الطوق" و"الحاجز" الوطنية، وذلك على قدر ما تتولاها القوات العسكرية الإيرانية، ونخبتها النووية والصاروخية و"العلمية".
وإذا وسع خميني وفريقه حسم مسألة الدولة الملية الإمامية في إيران نفسها على الشاكلة المواربة والعنيفة التي يصفها الفصلان الأولان من "طوق العمامة" وبعض فقرات الفصل الثالث، فمسألة القيادة الإقليمية مختلفة. والفرق الجوهري، في ميزان هوية الدولة الملية ومرجعها المعياري والتشريعي ومثال علاقات المحكومين والحكّام، هو مذاهب الجماعات، ونِسَب جمهراتها وأعدادها بعضها من بعض (على ما يذكر شيعة لبنان مواطنيها في الصباح والعشية من كل يوم، وعلى ما لا ينسى "إخوانهم" بالعراق والبحرين الإلماع)، إلى الدور التاريخي الذي اضطلعت به الجماعات في أوقات مختلفة من سياقة التوحيد السياسي والوطني، إذا كان قيض حصول مثل هذه السياقة. ولم يحل توافر الشرطين للشيعة الاثني عشريين بإيران بينهم وبين سوس الدولة، حين استولى عليها معمموهم، بسياسة كولونيالية ثقيلة اليد والوطأة. وهما لا يتوافران، حكماً، في إطار الإقليم العربي الإسلامي لأي جماعة من الجماعات، وبالأحرى للجماعات الإمامية الاثني عشرية.
[اعتقاد السياسة
فعمد الفريق الخميني الحاكم إلى ابتكار سياسة خارجية، إقليمية ودولية، على مثال بعض سياسته الداخلية، الملية المذهبية والقومية. وخال أنها تناسب مجتمعات ودولاً مركّبة، متعددة الأقوام والملل، يغلب عليها أهل السنّة، ويستحيل على الشيعة الإماميين الاثني عشريين الغلبة عليها. فأحل محل التشيّع الاثني عشري والجعفري، وهو دين إيران في الدستور الخميني، أركان السياسة الإيرانية في صيغتها السياسية والخطابية "الشعبية": الحرب على "أميركا الصهيونية" ومحورها الإقليمي ودوله ومجتمعات هذه الدول، من غير تمييز ولا ترتيب في الخطابة إن لم يكن في الإجراءات. والبراءة منها جميعاً، وتلبية "الخارج" على ظلمها. وسعى الفريق الخميني في إدخال هذه في صلب الاعتقاد على نحو ما أدخل في رفع الأذان بعض معتقده وعوّل الفريق الخميني، وهو ما يعوّل عليه الفريق الحرسي اليوم، على توحيده "إسلامه" القومي والملي في "سياسته"، أو جمعه الدين والسياسة أو الدين والدنيا في واحد، على ما ردد ترديداً مرهقاً في العقد الأول من استيلائه.
وتوسل إلى تحقيق مقالته وهي حلقة من حلقات نشأة إسلام سياسي واجتماعي وإيديولوجي حديث تعود بوادره أو إرهاصاته إلى أواخر القرن التاسع عشر والعقود الثلاثة الأول من القرن العشرين قبل أن تتبلور ملامحه الحادة في المراجعات الباكستانية والمصرية بحوادث معاصرة "كبيرة": توقيع كمب ديفيد، والحرب الإيرانية العراقية، ونهاية الحرب السوفياتية بأفغانستان وولادة الجماعات "الجهادية"، واغتيال الرئيس المصري أنور السادات والحملة الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية والمنظمات الفلسطينية المسلحة والمخيمات وقوات الردع السورية... وحقق الفريق الخميني الحاكم مقالته الملية السياسية من طريق إنشاء منظمات أهلية مسلحة وأمنية، أو التحالف مع منظمات قائمة وفاعلة. فحَمَلَ على قتال الدولة العبرية، وعسكرة المعارضة السياسية والسيطرة عليها. ودعاها إلى تعليق الخلافات السياسية والأهلية والطائفية على "خط" الحرب على "أميركا الصهيونية" ومحورها الإقليمي المفترض الذي يتصدره العراق أو السعودية أو مصر، مداورة ومن غير تمييز أو ترتيب. وخاض الفريق الخميني، في الأثناء، حرب استيلاء على "الإسلام" السنّي في بعض معاقله مثل الحج أو القدس، أو في فقهه مثل فتوى إهدار دم صاحب "الآيات شيطانية".
ولا شك في أن الحملة الأميركية على العراق، واختبار الفوضى الأهلية و"الجهادية"، انعطفت بالسياسة الإيرانية، بعد حربها الوطنية والملية والثورية هي على الأراضي العراقية، صوب تقديم الخيار النووي ودمجه في الخيار الفلسطيني الإسرائيلي. فالغزو الأميركي كشف تداعي أبنية الدولة الوطنية، وفي مقدمها البنية الدفاعية العسكرية. فثبت قصور أبنية الدولة عن حماية النظام "الوطني".
ولكن ثبت أن في وسع المنظمات الأهلية "الجهادية" والإرهابية نشر الفوضى، ولبننة "الحروب" المحلية، وتشتيت القوات التقليدية وتكبيدها خسائر عسكرية بشرية ومعنوية عظيمة الأصداء والمفاعيل.
فخلص الفريق الخيمي والحرسي، في أثناء 2003 2005، إلى أن السلاح النووي وحده رادع عن مهاجمة الدولة الإيرانية. وكان خلص في ضوء اختبار الجماعة الشيعية والخمينية المسلحة في لبنان إلى إنشاء بؤرة أهلية حصينة، راسخة القدم الأولى في المجتمع والأخرى في أبنية الدولة، على شاكلة ولاية حرسية، في مستطاعها مناوشة الدولة العبرية، ودول الخليج، وتهديد الشرق الأوسط كله بجره إلى حافة حرب إقليمية هذا الإنشاء حلقة ثمينة من حلقات الردع المتدرج، وتقي غائلة الجموح إلى أقاصي العنف والدمار الشاملين.
ونحن، اليوم، وإلى أجل غير معلوم، على هذا واحتمالاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.