بدأت وسائل الاعلام الاوروبية تصويب سهامها وكشف المستور من ناحية الانفاق المبالغ به من قبل عدد من الاندية، وذلك قبل ان يصدر الاتحاد الاوروبي لكرة القدم عقوباته بحق الاندية المخالفة لقاعدة اللعب المالي النظيف، مصنفة الاندية بين "التلميذ المجتهد" مثل ارسنال الانكليزي و"التلميذ السيء" مثل مواطن الاخير مانشستر سيتي او باريس سان جرمان الفرنسي او انتر ميلان الايطالي. وتسلط الاضواء على المخالفات الهائلة في بطولات انكلترا واسبانياوايطالياوفرنسا، وذلك خلافا لالمانيا التي لطالما عرفت انديتها الكبرى باحجامها عن الصفقات الخيالية التي تثقل الكاهل وتتسبب باختلال التوازن بين النفقات والايرادات. ويجد الدوري الانكليزي الممتاز في عين عاصفة العجز المالي بسبب الانفاق المبالغ به دون الحصول على الايرادات التي تؤمن التوازن المالي من قبل اندية تشلسي، ليفربول وبشكل اكبر مانشستر سيتي الذي لمع نجمه في الاعوام الاخيرة مع ادارته الاماراتية اذ انفق 7ر94 مليون يورو في صيف 2011 ثم 9ر81 يورو في الصيف التالي من اجل ضم لاعبين جدد قام بالتخلي عنهم لاحقا دون مقابل في الكثير من الاحيان من اجل افساح المجال امام وافدين جدد اخرين الى الفريق. واشارت وسائل الاعلام البريطانية الى ان الخبراء المستقلين الذين يتولون التدقيق في تطبيق اللعب المالي النظيف الذي تم تبنيه في ايلول/سبتمبر 2009 وسيدخل حيز التنفيذ اعتبارا من العام الحالي، يتساءلون حول العقد الذي يربط سيتي بطيران الاتحاد، الشركة الاماراتية التي وقعت عقد رعاية مع ال"سيتيزينس" لمدة 10 اعوام مقابل 485 مليون يورو. ويتحدث الكثيرون عن تضارب في المصالح كون مالك مانشستر سيتي الشيخ منصور بن زائد آل نهيان يملك ايضا طيران الاتحاد. ويمكن القول ان ليفربول في وضع مشابه لسيتي لان فريق "الحمر" الذي يبحث عن الفوز بلقب الدوري للمرة الاولى منذ 1990 اجرى تعاقدات كثيرة من اجل تحقيق هذه الغاية لكنه لم يسترد الاموال التي انفقها بعد تخليه عن اللاعبين الذين لم يرتقوا الى مستوى الامال التي عقدها عليهم. وبعد اعوام من "النزيف المالي" الحاد، يدعي تشلسي الان انه اصبح "تلميذا مجتهدا" من خلال تخفيض حجم انفاقه على الرواتب، مؤكدا ان هناك مبلغا قدره 4ر19 مليون يورو من اصل حجم الخسائر المقدرة ب60 مليون يورو الموسم الماضي، لا يدخل في حسابات اللعب المالي النظيف، لكن حسم هذا الموضوع في يد خبراء اللجنة المستقلة. اما بالنسبة لمانشستر يونايتد، ففريق "الشياطين الحمر" اصبح في وضع مالي افضل بعد ان توسع تسويقيا عبر البحار وخصوصا في الاسواق الاسيوية، في حين ان ارسنال يعتبر مثال "التلميذ المجتهد" كونه التزم دائما بسياسة الانفاق الحذر والاعتماد على المواهب الشابة غير المكلفة. اما في فرنسا، فالاضواء مسلطة تماما على باريس سان جرمان بادارته القطرية التي انفقت اكثر من 380 مليون يورو على التعاقدات منذ شرائها النادي الباريسي في صيف 2011. والنقطة الاساسية التي ستدخل سان جرمان في جدل واسع مع لجنة الخبراء المستقلين، هي ان النادي الباريسي يغطي انفاقه بالاموال التي يحصل عليها من عقد الرعاية الذي يجمعه بالهيئة العامة للسياحة في قطر والذي يؤمن له 200 مليون يورو سنويا. وتبرر الهيئة القطرية للسياحة انفاقها لمبلغ 200 مليون سنويا على عقد الرعاية مع سان جرمان بان النادي الباريسي يروج للامارة الخليجية، لكن بطل الدوري الفرنسي سيجد نفسه في مشكلة كبيرة اذا ما رأت لجنة الخبراء المستقلين بان مبلغ ال200 مليون يورو سنويا لا يعكس القيمة السوقية الحقيقية، اي ان المبلغ مبالغ به كثيرا. اما بالنسبة للقوة المالية الثانية في الدوري الفرنسي، اي موناكو العائد مجددا الى دوري الاضواء مع مالكه الملياردير الروسي دميتري ريبولوفليف، فليس معنيا حاليا بعقوبات الاتحاد الاوروبي في حال كان مخالفا لمبدأ اللعب المالي النظيف، وذلك لان السلطة الكروية العليا في القارة العجوز لا تدقق في حساباته كونه لا يشارك في احدى المسابقتين الاوروبيتين، لكن وبما انه ضمن مشاركته القارية الموسم المقبل فستتولى لجنة الخبراء ملفه في ربيع 2015. وفي ما يخص اسبانيا، فاللعب المالي النظيف لا يقلق فعلا ريال مدريد وبرشلونة لانهما الناديان الاكثر دخلا في العالم بمبلغ 518 مليون يورو للاول و482 مليون للثاني بحسب شركة "ديلويت" للتدقيق والاستشارات الضريبية والمالية، ما يعني، على الورق اقله، ان العملاقين لا يواجهان اي مشكلة في تحقيق التوازن المالي. لكن الوضع يختلف بالنسبة لاتلتيكو مدريد، متصدر الدوري حاليا والذي ضمن مشاركته في دوري ابطال اوروبا، اذ انه مدين للخزينة العامة بعشرات الملايين بحسب تقديرات الصحافة المحلية رغم انه اتبع سياسة عصر النفقات. وهذا الامر يعني انه قد يواجه نفسه في مشكلة مع الاتحاد القاري. وفي ايطاليا، يبقى نابولي "التلميذ المجتهد" الوحيد بين كبار "سيري آ" بوجود رئيسه المحنك المنتج السينمائي اوريليو دي لورنتيس الذي تمكن ناديه وبفضل حكمته من تحقيق ارباح بقيمة 8 ملايين يورو وبتوازن ايجابي بين الانفاق والايرادات للموسم السابع على التوالي. اما بالنسبة للكبار الاخرين، فالجميع يعاني من الديون وابرزهم انتر ميلان الذي تتجاوز خسائره الستين مليون يورو، ما يجعله الاكثر عرضة لعقوبات الاتحاد القاري بحسب وسائل الاعلام المحلية. ورغم فوزه باللقب المحلي في الموسمين الماضيين وتوجهه في الايام القليلة المقبلة للتتويج الثالث على التوالي، يجد يوفنتوس نفسه ايضا في المنطقة الحمراء حيث تتراوح خسائره بين 35 و45 مليون يورو، خصوصا بعد خروجه من الدور الاول لمسابقة دوري ابطال اوروبا. ويتوجه يوفنتوس على الارجح الى تحقيق التوازن في ميزانيته من خلال بيع الفرنسي بول بوغبا مقابل 70 مليون يورو بعد ان تعاقد معه من مانشستر يونايتد دون مقابل. وفي الخلاصة، سيكون مانشستر سيتي وباريس سان جرمان الاكثر عرضة للعقوبات بحسب ما تؤكد صحيفة "دايلي تيليغراف" البريطانية. ومن الركائز الاساسية في قاعدة اللعب المالي النظيف ان لا تخسر الاندية اكثر من 45 مليون يورو خلال موسمي 2011-2012 و2012-2013، مع وجود استثناءات لبعض اشكال الانفاق. وتواجه الاندية التي تخالف قاعدة اللعب المالي النظيف احتمال معاقبتها بحرمانها من المشاركة في دوري ابطال اوروبا او "يوروبا ليغ" اضافة الى امكانية تجريدها من الالقاب التي حصلت عليها خلال فترة المخالفة. لكن الصحيفة البريطانية اشارت، دون ان تذكر اي مصدر لمعلوماتها، بانه من المرجح معاقبة سيتي وسان جرمان ماليا او بحرمانهما من اجراء تعاقدات جديدة. واشارت الصحيفة الى ان هناك "اقل من 20" ناديا معرض للعقوبات، فيما اكتفى الاتحاد الاوروبي في بيان ارسله ل"تلغراف" بالقول: "لن يصدر الاتحاد الاوروبي لكرة القدم اي بيان الا عندما تصدر القرارات عن غرفة التحقيق في هيئة الرقابة المالية، ونحن نتوقع ان يحصل هذا الامر في اوائل ايار/مايو". ويبدو التوجه في الفترة الحالية الى عدم حرمان الاندية المخالفة من المشاركة القارية بحسب ما المح رئيس الاتحاد الاوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الذي اشار الى انه ليس "متأكدا من احترام باريس سان جرمان قواعد اللعب المالي النظيف"، مضيفا في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية: "النتائج الاولية ستعلن مطلع ايار/مايو المقبل. اذا كنتم تنتظرون الدماء والدموع سيخيب املكم. ستحصل امور قاسية لكن لن نحرم اي فريق من المشاركة الاوروبية". وعبر بلاتيني عن رضاه من النتائج الملموسة لقاعدة اللعب المالي النظيف: "تقلصت خسائر الفرق الاوروبية من 7ر1 مليار يورو الى مليار يورو هذه السنة. نحن على الطريق الصحيح للنجاح في رهاننا. حتى ولو ان بعض الاندية لا تزال على الحدود". وعما اذا كان باريس سان جرمان بين تلك الاندية، قال: "لن اتحدث بالتحديد عن فريق معين. هذا ليس دوري. فلنقل ان النموذج الاقتصادي لباريس سان جرمان فريد من نوعه وليس نمطيا. عقد الصورة مع الهيئة العامة للسياحة في قطر مبتكر، هذا اقل شيء يمكن قوله". وسأل بلاتيني: "هل هو صالح؟ قيمة المبلغ هل هي صحيحة؟ هناك عدة اسئلة ينبغي ان يجيب عليها الخبراء". ايلاف