يتأخر الشباب الإماراتي في الزواج الى ما بعد الأربعين، اي إلى ما بعد التمتع بمباهج حياة العزوبية، ومتى أرادوا الزواج، صدمتهم المهور العالية والأعراس المكلفة، فيعزفون ثانية أو يلتفتون إلى قريبات لا يطلبن مهرًا عاليًا، فيسكنون في منزل العائلة. أحمد قنديل من دبي: لا يتزوج الشاب الاماراتي قبل بلوغه الأربعين، بالرغم من قدراته المادية العالية، ووظيفته المستقرة التي تمكنه من الزواج والانفاق على تكاليف المعيشة بعد الزواج. ومتى تزوج، يقبل على اختيار زوجة من أقربائه، بحسب آخر الاحصاءات. فما الذي يؤخر زواج الشبان الاماراتيين؟ هروب من المسؤولية أوضح الخبير الاجتماعي عبدالله الحمادي ل"إيلاف" أن تاخر سن زواج الشباب الاماراتي يعود إلى عوامل عدة، من اهمها غياب ثقافة الاستقرار الاجتماعي وتكوين الاسرة لدى معظم الشباب، الذي يفضل الهروب من تحمّل المسؤولية الأسرية قبل سن الاربعين، ومن الانجاب بسبب رغبتهم في التمتع بمباهج الحياة من دون الالتزام بما تترتب عليه تربية الاطفال. واضاف أن غلاء المهور وارتفاع تكاليف حفلات الزواج وشروط أهل العروس اسباب رئيسية لعزوف الشباب الإماراتي عن الزواج من المواطنات، ولتأخرهم في الزواج. وما يدفع الشباب إلى الزواج من قريباتهم هو عدم مغالات أهلهن في المهور وتكاليف الاعراس بنفس القدر الذي يطالب به الغرباء. كما قد يؤدي في النهاية ايضا بالبعض من الإماراتيات إلى الزواج من وافدين غير إماراتيين. أعراس باهظة لفت الحمادي إلى أن معوقات الزواج بالنسبة لمعظم الاماراتيين ليست مادية بالاساس، ولكنها تمثل بالطبع جزءًا من المشكلة. قال: "بالرغم من أن الدولة توفر للشباب وظائف مستقرة برواتب ممتازة تمكن الشباب من الزواج من امراتين دفعة واحدة وليس من امراة واحدة فقط، الا أن الشاب يصطدم بأكلاف العرس التي قد تصل إلى نصف مليون درهم على الاقل، فيتراجع عن الفكرة أو يؤجلها لأجل غير مسمى، في ضوء توافر مغريات الاستمتاع بعيدًا عن الاطار الشرعي للزواج، وعن تحمل مسؤولية تكوين اسرة ورعاية اطفال، من خلال علاقات غير شرعية مع فتيات اجنبيات". واشار الحمادي إلى ان الشباب الاماراتي لا يواجه ازمة سكن، "لأن الدولة تقدم منحًا سكنية متواصلة للشباب المواطنين، ولأن أغلب الشباب يتزوج في مسكن عائلته، ولا يفكر في تكوين مسكن منفصل". أما غلاء المعيشة فيؤخر زواج بعض الشباب غير الجامعي والذي لا يعمل في وظيفة حكومية، والذي يحمل شهادة ثانوية عامة او دبلوم، ويعمل براتب منخفض في القطاع الخاص. تهديد الكيان الاسري بين الحمادي أن تاخر سن الزواج يهدد الكيان الاسري الاماراتي المتماسك، "إذ يؤدي عزوف الشباب عن الزواج لفترات طويلة إلى حدوث خلل كبير في التركيبة السكانية في غير صالح المواطنين الاماراتيين، نتيجة تأخر الانجاب وانخفاض أعداد المواليد من المواطنين في مقابل زيادة اعداد المواليد من ابناء العمالة الوافدة، ما قد يؤدي إلى اضطراب المجتمع وعدم استقراره وتفكك تماسكه". واشار الحمادي إلى أن الدولة تحث الشباب على الزواج في سن مبكرة، كما تقدم الدعم والعون المادي والتثقيفي والتوعوي لهم عبر صندوق الزواج وهيئات تنمية المجتمع، وعبر تنظيم دورات إعداد وتأهيل للمقبلين على الزواج بالمهارات والمعارف، من أجل المساهمة في تكوين أسرة إماراتية متماسكة ومستقرة لتحقيق الإستقرارالأسري في المجتمع. أضاف: "تكمن المشكلة في عدم قناعة معظم الشباب بفكرة الزواج المبكر، نتيجة سعيهم إلى حياة الحرية وعدم التقيد بمسؤوليات مجتمعية واسرية". آثار صحية ونفسية سيئة من جهته، دلّ الدكتور خالد محمود، المختص في جراحة الجهاز التناسلي، "إيلاف" على الآثار الصحية والنفسية السيئة والسلبية التي تنجم عن تأخر سن الزواج، ويعاني منها الجنسان، مثل اضطراب الهرمونات والعقد النفسية والتوتر والقلق الدائم وضعف الشخصية، والإكتئاب والإنطوائية وفقدان الشهية والإضطرابات. أضاف: "قد يؤدي تأخر الرجل في الزواج إلى ضعف النسل في المستقبل، ويؤثر تأخر المرأة كذلك في فرص انجابها وإنجاب أطفال أصحاء، نظرًا لاضطراب هرموناتها. كما أن الفتيات معرضات للاصابة بأمراض عصبية كالصرع والإضطرابات في الدورة الدموية والجهاز العصبي والقلب والرئتين والكبد، وعادة ما تكون ولادتها عسيرة بسبب عدم استقرار وضع الجنين في الرحم". وكشف استطلاع أجرته هيئة تنمية المجتمع في دبي عن وجود 10 عوامل اساسية وراء تأخر سن زواج الإماراتيين. وتصدر غلاء المعيشة قائمة الأسباب بنسبة 67.2 بالمئة، وحل عدم توافر المسكن في المرتبة الثانية بنسبة 66.1 بالمئة، بينما احتل غلاء المهور المرتبة الثالثة في القائمة بنسبة 63.3 بالمئة. وفي المرتبة الرابعة، جاءت عدم الرغبة في تحمل الأعباء المالية للزواج التي بلغت نسبتها 53.3 بالمئة، وجاءت العادات والتقاليد التي تفرض التزامات كبيرة على الازواج في المرتبة الخامسة بنسبة 49.4 بالمئة، ثم خلت الصورة السلبية التي يعكسها الإعلام عن الزواج سادسةً بنسبة 40.3 بالمئة، فضلًا عن عدم الرغبة في تحمل مسؤولية الابناء التي جاءت بالنسبة نفسها، والخوف من الفشل، وتدخل الوالدين، والانشغال بالتعليم.