دعا رئيس المحكمة الاتحادية العليا القاضي الدكتور عبدالوهاب عبدول، إلى إعداد قانون اتحادي بإنشاء محاكم اتحادية متخصصة، مؤكداً أن النظام القضائي الإماراتي الاتحادي، لم ينشئ حتى الآن محاكم متخصصة بالمفهوم الاصطلاحي الصحيح، لكنه أنشأ دوائر متخصصة تابعة لمحاكم اتحادية ابتدائية أو اتحادية استئنافية، كوسيلة للارتقاء والعدالة. وبين في دراسة أعدها حول «المحاكم المتخصصة في القضاء الاتحادي»، أنه في علم القانون والقضاء، من الخطأ إطلاق مسمى المحكمة المتخصصة على الدوائر المتخصصة الحالية، إذ إن إنشاء هذه المحكمة، لابد أن يستند إلى قانون أو تفويض قانوني، لتنظيم كل ما يتعلق بها من حيث بيان ولايتها ودرجاتها ودوائرها واختصاصها المكاني، والإجراءات التي تتبع أمامها، وشروط تعيين قضاتها وبيان حقوقهم وواجباتهم وطرق حالات مساءلتهم وتأديبهم، وكذلك تنظيم شؤون أعوان القضاء وموظفي المحكمة. ولفت عبدول إلى أن الخدمة القضائية التي تقدمها المحاكم المتخصصة تنقصها حتى الآن البساطة في الإجراءات، وهذا لا يتحقق إلا بإحداث منظومة جديدة من النصوص الإجرائية، مشيراً إلى أن غياب وجود قانون اتحادي ينظم عمل المحاكم المتخصصة، أسهم في بطء إجراءات التقاضي في الدوائر المتخصصة المقامة حالياً، بحكم أنها مقيدة بقواعد وإجراءات عامة تحكم في سائر القضايا أيا كان نوعها، ما لم يفرد القانون إجراء خاصاً بنوع معين من القضايا والمنازعات. وأكد أنه ما لم يصدر قانون خاص يبسَّط وييسَّر الإجراءات أمام المحاكم المتخصصة، فإن هذه المحاكم لا تستطيع أن تُبسَّط من إجراءاتها إلا في نطاق ضيق ومحدود، قد لا يتحقق الهدف المنشود من وراء إنشائها. وعرف عبدول مفهوم المحكمة المتخصصة، بأنها هيئة قضائية تنشأ بقانون أو بناء على قانون، بدرجة محكمة ابتدائية، وهي تدخل في اطار تشكيلات المحاكم العادية، ويقتصر نطاق ولايتها القضائية على نوع أو أنواع معينة ومحددة من القضايا والمنازعات، التي غالباً ما تكون ذات طبيعة فنية تقنية، وقد يتسع نطاق ولايتها المكانية لتشمل مساحة أوسع من دائرة اختصاص المحكمة الابتدائية العادية. ويقوم على المحكمة المتخصصة قضاة متخصصون في مسائل تختص المحكمة بنظرها، وقد تطبق المحكمة قواعد إجرائية خاصة تتوافق مع طبيعتها التخصصية. ولفت إلى أن النظام القضائي الاتحادي في الإمارات عرف الدوائر المتخصصة منذ ثمانينات القرن الماضي، لكنها برزت بتشكيل أوسع منذ عام 2009، مبيناً أنها ظهرت بداية على شكل دوائر متخصصة في النظر والفصل في مخالفات وجنح المرور، تلتها دوائر جنح الأحداث، ثم دوائر المخالفات البلدية، وفي المجال المدني ظهرت الدوائر المدنية والدوائر التجارية والدوائر العمالية، ثم الدوائر الإدارية، ودوائر الأحوال الشخصية ودوائر التنفيذ وغيرها. ومنذ النصف الثاني من عام 2000، بدأت الدوائر المتخصصة تزداد عدداً ونوعاً نتيجة عوامل عدة من أبرزها استحداث تجريمات جديدة مثل جرائم غسل الأموال، والجرائم الإرهابية، والجرائم الإلكترونية، وغيرها، وصدور قوانين الملكية الفكرية مثل قانون العلامات التجارية وقانون حقوق المؤلف والحقوق المحاورة، وقانون الملكية الصناعية، وظهرت أنماط جديدة من القضايا العقارية كقضايا التطوير العقاري، والمضاربات الدولية في السلع والخدمات، والشركات العابرة، والمناطق المالية والتجارية الحرة، وجميعها تحتاج إلى قضاة متخصصين ومؤهلين في مجال هذه الموضوعات تأهيلاً جيداً. وأشار إلى أنه على وقع هذه التطورات ومتطلبات رؤية حكومة الإمارات واستراتيجيتها، عرفت المحاكم الاتحادية، وكذلك المحلية ازدياداً ملحوظاً في أعداد الدوائر المتخصصة التي يطلق عليها خطأ المحاكم المتخصصة، فأضحى القضاء الاتحادي وحده يعرف 17 محكمة متخصصة (دائرة نوعية متخصصة). وأكد أهمية المحاكم المتخصصة كوسيلة للارتقاء بكفاءة تقديم الخدمة القضائية، ومنها اختصار الوقت إذ يؤخذ على المحاكم العادية والمحاكم العامة، البطء في نظر الدعاوى وطول إجراءات سيرها ونظرها، وهو ما يؤدي إلى إطالة أمد النزاع. الامارات اليوم