توجهت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية رئيسة تحرير مجلة المنال بتحية شكر وتقدير إلى جميع من شارك في ملتقى المنال "الإعاقة وأدب الطفل" وأشادت بكل ما قدموه من ورش وجلسات عمل لم تصور الشخص المعاق باعتباره إنساناً خارقاً ولا قللت من قيمته . وقالت خلال ختام أعمال الملتقى إن الدور الآن على الكتاب والرسامين والناشرين للقيام بدورهم بالنسبة لكتب الأشخاص من ذوي الإعاقة، معتبرة أن توجه ملتقى المنال بدورته الحالية خطوة صحيحة في الطريق الصحيح . وكانت جلسات اليوم الثاني من الملتقى قد تواصلت صباح أمس، للتوسع في مضامين شعار الملتقى، التفاحات الثلاث؛ المأخوذ من عبارة للكاتب السوري نورس ملحم: وسقطت من السماء ثلاث تفاحات، واحدة لمن سمع الحكاية، وواحدة لمن رواها، وواحدة لمن تذكرها، فخصصت الجلسة الثانية للملتقى والتي أدارتها الفنانة اللبنانية ثمار الحلواني لتفاحة الكتاب وقدمت فيها 4 أوراق عمل كانت الأولى للكاتبة الفلسطينية اللبنانية نهلة غندور وكانت بعنوان: "أدب الأطفال ودوره في تقريب الأشخاص من ذوي الإعاقة وقضاياهم من مجتمعهم"، وبينت في مستهلها أن القصص المتداولة في أدب الأطفال في الوطن العربي تصور الطفل الذي لديه إعاقة كطفل غريب، وتحدثت عن تجربتها الشخصية كواحدة من الأشخاص المعاقين يتكلم نيابة عنها الأقرباء والأصدقاء وكان صوت الطفل من ذوي الإعاقة غير موجود . وقدمت ورقة العمل الثانية الدكتورة سنا الحاج من لبنان، وكانت بعنوان "الجمال في قصص الأطفال ذوي الإعاقة من خلال نموذجين قصصيين؛ لا شيء يعيقني وعكازة في العيد" . وأكدت فيها أن الطفل نموذج إنساني ذو طبيعة خيّرة وجميلة، وأن الطفل المعاق كغيره يملك كل تلك الطاقة وله أحلامه وطموحاته وخياله، ولا تنقصه إلا البيئة الحاضنة التي تتيح له التعبير عن مشاعره، وتستفزه بالأسئلة فيعطي ويسلك أول طريق الإبداع . وتقول الدكتورة سنا الحاج إن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وعبر ملتقى المنال تستمر في استفزاز أفكارنا ومشاعرنا كأشخاص من ذوي الإعاقة، أو كعاملين في شؤون الإعاقة، وفي كل مرة تثبت لنا أن إرادة الحياة أقوى مما تعكسه الأجواء السلبية الواقعة في بيئاتنا ومجتمعاتنا، وتذكرنا بما نختزنه من أحلام وأمنيات وطاقة لتوظيفها في محاولاتنا للبحث عما هو جميل في نفوس الأشخاص ذوي الإعاقة . وتضيف أن ملتقى المنال "الإعاقة وأدب الطفل" قدم فرصة لكل من يهمه الشأن الإنساني والأدبي، ولكل من يشعر بمسؤولية اتجاه الإنسان كل إنسان، فيقدم عملاً نافعاً في مجاله، يمسح به أثراً سلبياً هنا أو هناك، ويشيع فيه أملا لمستقبل أفضل . الورقة الثالثة في الجلسة ذاتها قدمتها سوزان أبو غيدا وكانت بعنوان: قراءة في كتب الأطفال والإعاقة في الوطن العربي من خلال استعراض نماذج من كتب الأطفال العربية غير المترجمة التي تتحدث عن الأشخاص من ذوي الإعاقة وتحليل صورة الشخص المعاق فيها، مقدمة نظرة نقدية لهذه الكتب التي بلغ مجموعها 36 كتاباً تحدثت في مجملها عن الأشخاص المعاقين . ولاحظت سوزان أبو غيدا أن أكثر الإعاقات التي يرد ذكرها في هذه الكتب هي الإعاقة الحركية والبصرية ليس لأن هاتين الإعاقتين الأكثر انتشاراً وإنما لوجود نظرة عامة ونمطية في المجتمع تصور الشخص المعاق إما على كرسي متحرك أو فاقداً للبصر لكن هذا لا يمنع أن عدداً من الكتب الأخرى تطرقت للحديث عن الإعاقات الأخرى كالسمعية ومتلازمة داون وصعوبات التعلم إلخ . . وأكدت ضرورة أن يقوم كاتب القصة الذي يتناول شخصية المعاق بالتركيز على إنسانية الشخص أولاً وعلى إعاقته ثانياً وأن يأخذ الكاتب بعين الاعتبار أن يتوجه بفكرته للشخص المعاق كما يتوجه بها لغير المعاقين . وقدمت الورقة الرابعة في الجلسة الثانية الدكتورة صباح عبد الكريم العيسوي وكانت بعنوان "أدب الطفل والإعاقة من منظور نقدي"، تحدثت فيها عن تطور الدراسات النقدية المتعلقة بأدب الإعاقة، مع تسليط الضوء على كون العلوم الاجتماعية لاتزال تحظى بالسبق في دراسة الإعاقة لافتة إلى أهمية بروز مصطلح "أدب الإعاقة" و"الدراسات النقدية لأدب الإعاقة" كمصطلحين مستقلين منفصلين عن العلوم الاجتماعية، وكمجالين أدبيين يقعان تحت تصنيف الدراسات الأدبية والنقدية . ولفتت إلى أهمية تسليط الضوء على ضرورة تأصيل مصطلح "أدب الإعاقة" و"الدراسات النقدية الأدبية المختصة بالإعاقة"، من خلال عرض وتقييم تطور النظريات الخاصة بالإعاقة والإشارة إلى الدراسات الحديثة التي أجريت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بهدف فسح المجال أمام النقاد لبلورة نظرية الإعاقة في الأدب . الجلسة الثالثة للملتقى أدارها الفنان الإماراتي ناصر نصر الله وخصصت لتفاحة كتب الأشخاص من ذوي الإعاقة عرضت فيها أنماط مختلفة من هذه الكتب وقدمت فيها 3 أوراق عمل كانت الأولى لأستاذ الفنون ورسام كتب الأطفال الفنان رؤوف كراي من تونس وكانت بعنوان: الكتب المرسومة الموجهة للطفل الكفيف؛ كتب لمتعة اللمس والقراءة، يتساءل في بدايتها عن حقوق الأطفال من ذوي الإعاقة وماذا قدمنا لهم، ويقول إن المدارس والمكتبات ودور النشر المختصة بكتاب الطفل تتنافس فيما بينها لتوفير أجمل وأفضل الكتب للمبصرين . . وعلى العكس من ذلك عندما يتعلق الأمر بالأشخاص المكفوفين وضعاف البصر . ويوضح الباحث أهمية الكتب اللمسية المرسومة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص التي تمكنهم من الاكتشاف والتعرف إلى أشياء من محيطهم القريب ومن العالم بصفة عامة حتى ينالوا حقهم من المعرفة . الورقة الثانية في الجلسة الثالثة قدمتها إيمان الملحم وكانت بعنوان "نموذج مقترح لقصة للأطفال الصم بطريقة ثنائية اللغة/ ثنائية الثقافة"، أشارت إلى أن قصص الأطفال تعد عنصراً مهماً في تكوين شخصية الطفل فهي وسيلة لتهذيب النفس وتنمية الأخلاق في الإطار الديني والاجتماعي للطفل، كما أن القصة مصدر مهم لتعليم اللغة من خلال تطوير مهارة القراءة وزيادة الحصيلة اللغوية من المفردات . وأوضحت في حديثها إلى أهمية القصة لجميع الأطفال وضرورة تعديل طرق تقديمها بما يتناسب مع احتياجاتهم . وقدمت الملحم نموذجاً لقصة للأطفال ممن لديهم إعاقة سمعية (الصم وضعاف السمع) بطريقة ثنائية اللغة ثنائية الثقافة حيث تم إعداد النموذج حسب المعايير التي تم الاتفاق عليها في المراجع والدراسات العربية . وقدمت الورقة الثالثة في الجلسة الثالثة روان بركات من المملكة الأردنية الهاشمية، استعرضت فيها تجربة مؤسسة رنين والقصة المسموعة وأكدت أن القصة المسموعة ضرورة ملحة للأطفال المكفوفين واحتياج أساسي، كون جميع الأطفال المكفوفين يمكنهم الاستفادة من القصة المسموعة بشكل متساو، لأن الكثير منهم لا يجيدون قراءة خط بريل . كما تكمن أهمية القصة المسموعة بإمكانية استخدامها من قبل الأطفال غير المكفوفين وبالتالي يمكن للإخوة في نفس العائلة الاستماع إليها معا وكذلك في الصف المدرسي . أوضحت بعدها الشكل الأنسب للقصة المسموعة كأن تروى بأصوات ممثلين محترفين، وأن تحتوي على موسيقى ومؤثرات صوتية لفائدتها في إيجاد الجو العام للقصة وإمكانية أن تحل محل الصورة البصرية . أما المحتوى فتوضح روان بركات أن احتياجات الطفل الكفيف النفسية لا تختلف عن احتياجات الأطفال الآخرين . الجلسة الرابعة والأخيرة للملتقى أدارتها شيخة المطيري من الإمارات وخصصت لتفاحة المكتبات وقدمت فيها 3 أوراق عمل كانت الأولى لشيخة المهيري من الإمارات تحت عنوان "نموذج المكتبة الدامجة"، أشارت في بدايتها إلى أن المكتبات بشكل عام توجد في كل مكان (في الريف والحضر، في الجامعات وفي أماكن العمل) وتخدم الجميع بغض النظر عن أي اعتبار . ولفتت المهيري إلى أن المكتبة العامة تحمل أنبل الرسائل المجتمعية فهي مؤسسة ديمقراطية مفتوحة لكافة شرائح المجتمع من دون تمييز وتسخر إمكاناتها المادية والبشرية لتوعية المجتمع وتنميته بتمكينه من اختيار طرق التعلم والتثقيف الملائمة لكل شخص حسب قدراته وشخصيته . واقترحت المهيري أن يتم تدريس مساق خاص بالمكتبات المهيأة للأشخاص من ذوي الإعاقة في الجامعات . بعد ذلك تحدثت هايدي بايسون من النرويج في ورقتها "معرفة جيرانك من ذوي الإعاقة كتب الأطفال من ذوي الإعاقة" عن التمييز الذي تعرضت له هذه الشريحة من المجتمع طوال سنين عديدة إلى أن بدأت الأمور تتحسن شيئاً فشيئاً في الوقت الراهن . ولفتت إلى دور الأدب في تقديم الصورة الصادقة والموضوعية عن الأشخاص المعاقين كونهم أشخاصاً لهم حقوقهم وقادرون على المشاركة بفاعلية في تقدم المجتمع بناء على المساواة في الحقوق بينهم وبين أقرانهم من غير المعاقين . الورقة الثالثة والأخيرة في الملتقى قدمتها فوشين دوكزك من تركيا عرفت فيها بتجربة مكتبة توروك للمكفوفين وقالت إنها مؤسسة غير ربحية يمكن الاستفاضة بالحديث عنها من خلال كتاب مشروع الرحلة العمياء وهي سيرة ذاتية كتبها غولتكين يوزغين لنجاحه هو كرجل كفيف فقد بصره عندما كان في الحادية عشرة من عمره، واستطاع أن يتكيف مع كف البصر ويواصل تعليمه ولكنه وجد نقصاً في الكتب التركية المطبوعة بطريقة بريل فاضطر إلى تعلم الإنجليزية وواصل تعليمه حتى غدا محامياً . واختتمت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أعمال الملتقى بتوزيع شهادات الشكر والتقدير على أصحاب أوراق العمل ومديري الجلسات . الخليج الامارتية