أبوظبي - فدوى إبراهيم: لكل جدار من جدران الصندوق الأسود حكاية، تكتمل مع دخول كل فرد في هذا "الصندوق"، ليستنير بوهج أفلام إماراتية تقدم له المتعة بنكهة محلية، وتأخذه ما بين الماضي والحاضر في رحلة ممتعة مع السينما الإماراتية . للمرة الأولى على مدى دوراته الأربع والعشرين، احتفى معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الأخيرة بالسينما الإماراتية في مشروع "سينما الصندوق الأسود"، الذي قدمت خلاله هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة برنامجاً سينمائياً ثقافياً شاملاً وهدفها منه تحريك عجلة السينما الإماراتية إلى الأمام، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من المشهد الثقافي العام، فكل فيلم يبدأ بفكرة تترجم على الورق لتتحول إلى مادة مرئية تجتذب العقول والقلوب . أسند مشروع سينما الصندوق الأسود السينمائي للكاتب والمخرج الإماراتي نواف الجناحي، الذي عرف بمساهماته المتعددة في مجال السينما بشقيها العملي والنظري، فله من المشاركات المحلية والدولية الكثير، ولديه القدرة الكافية على اجتذاب زوار المعرض وتعريفهم بسينما الإمارات . بعبارة "من هنا بدأت السينما" يرحب الصندوق الأسود على أول جدرانه بزواره ليوضح حكاية سينما بدأت من "المجمع الثقافي" في أبوظبي، حيث انطلقت مسابقة أفلام من الإمارات في العام 2002 . وعلى جداره الثاني وتحت شعار "قلها معنا سينما"، تدور عجلة "السينما الإماراتية" التي يرمز لها بدراجة هوائية تدور مروراً بإمارات الدولة كافة لتعرف بالسينما الإماراتية، أما على الجدار الثالث فيمكن لكل من يرغب في كتابة تعبير بشأن السينما على جدار "اكتبها معنا، سينما"، أن يدوّن ما يشاء . يحتفل مدخل سينما الصندوق الأسود ب 15 فيلماً إماراتياً قصيراً، تم اختيارها من مؤسسات وجهات وأفراد عدة ليتبّين لكل زائر أنه مهما اختلفت المصادر فالسينما واحدة، وهي تجمع الثقافة والمتعة والترفيه، مع برامج موازية يقدمها نخبة من السينمائيين في ورش عمل واكبت مراحل تطور السينما الإماراتية من النقد السينمائي إلى الإخراج والكتابة، السيناريو والصورة، السيناريو والبناء السردي، وورشة "أفلامنا" للتعرف إلى أساسيات التمويل الجماعي . ولأجل التعرف إلى السينما الإماراتية أتاح الصندوق إمكانية مشاهدة أي فيلم من الأفلام المختارة لأي زائر بعد شرائه كتاباً عن السينما، مع انطلاق العروض السينمائية عند تمام كل ساعة، بينما أتيحت المشاركة في ورش العمل اليومية عند الساعة 7 مساء . الكاتب والمخرج نواف الجناحي قال ل"الخليج": "إن الصندوق الأسود شهد إقبالاً من كافة شرائح وفئات المجتمع، وخص طلاب المدارس الذين افترشوا الأرض ليستمتعوا بمشاهدة السينما، فمن بين 42 مقعداً متوفراً للزوار وصل عدد طلاب المدارس لما يقارب 80 زائراً في بعض العروض، ففي كل ساعة كان هناك جمهور مختلف، داخل المعرض عموماً وهذا ما اندرج على زوار الصندوق الأسود . وحول ما إذا كان "الصندوق" قد حقق الهدف منه في التعريف والترويج للسينما الإماراتية، أشار الجناحي إلى أنه أسهم في التعريف بها رغم الاختلاف النسبي بين الزوار في مدى معرفتهم بالسينما الإماراتية، فمنهم من جاء قاصداً مشاهدة أفلام بعينها ومنهم من لم يعرف من قبل السينما الإماراتية وقد أبدى رغبته في اكتشافها، وهذا ما أشاد به الجناحي في أولى ورش العمل المقدمة في الصندوق الاسود، في سرد بدايات السينما الإماراتية وواقع تطورها، واصفاً الواقع بأنه جيد متطرقاً إلى أن مشكلات كثيرة أصبحت قيد الحل ومنها مشكلات تمويل الفيلم القصير بالدرجة الأولى، ولكن ما زالت إشكالية تمويل الفيلم الطويل قائمة، وأضاف: لكن لا ننكر أن صناعة الأفلام في الإمارات بدأت تنشط، من خلال تصوير الأفلام من خارج الدولة، فأصبحت البيئة ملائمة لمن أراد دخول هذا العالم، وهذا ما يميز الجدد عن السابقين، وأقصد هنا العام 2002 حين كانت أعدادنا محدودة في غمرة سكون الساحة، وكنا محركي العجلة الأول، التي دارت بأيدينا واتجهت نحو التقدم . وأشار الجناحي إلى أن تكليفه بسينما الصندوق الأسود يمثل إضافة له في هذا الجانب الذي يحرص على العمل فيه، رغبة منه في تقديم شيء مفيد للمجتمع والدولة ودعم الحراك السينمائي، مشيراً إلى ابتكاره فكرة شراء كتاب من المعرض يختص بالشأن السينمائي مع فرصة مشاهدة فيلم يختاره الزائر بين الساعة الثانية والخامسة مساء، جاء للمساهمة في نشر الثقافة السينمائية، إلا أن الإقبال على هذه الفكرة كان ضعيفاً، لأن الثقافة السينمائية بالأساس شبه معدومة في الوطن العربي، وتابع: من هنا فإن فكرة شراء كتاب عن السينما جاءت لتشجيع الزوار على القراءة عن هذا الفن حتى في ظل قلة الكتب المتخصصة في دور النشر المشاركة في المعرض، إضافة إلى طلب كثير من الزوار أقراصاً مدمجة لأفلام يرغبون بشرائها من دون أن تكون متوافرة لأنها شأن تجاري . أفلام وعروض عرضت سينما الصندوق الأسود 15 فيلماً إماراتياً ما بين الروائي والوثائقي والمتحرك القصيرة، وشهد الصندوق يومياً برنامجاً خاصاً بالأطفال عند أول عرض للصندوق، تضمن أفلام "أبجديات الأبوة، أسطورة، ثلج"، كما واكبت كل العروض ترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وذلك لنشر ثقافة السينما الإماراتية إلى أكبر شريحة ممكنة من زوار المعرض . من بين تلك الأفلام اثنان من أفلام الرسوم المتحركة، وهما "أبجديات الأبوة" لمخرجها حمد العور، و"أسطورة" لمخرجه هاني قيشي، أما الأفلام الروائية فهي "الأركان" لمصطفى زكريا، و"أصغر من السماء" لمحمد حسن أحمد، ولعلي مصطفى فيلم "تحت الشمس"، و"ثلج" لسعيد الظاهري، ولماجد الأنصاري فيلم "الدخيل"، و"الرحلة" لهناء مكي، و"سراب" لمريم فروحي، ولنواف الجناحي فيلم "مرايا الصمت، و"سبيل" لخالد المحمود، ولسماح القاضي فيلم "غيوم وردية"، ولنزار صفير فيلم "وليد"، وأما الأفلام الوثائقية فكانت لأمل العقروبي "نصف إماراتي"، ولرافد الحارثي وري حداد فيلم "إطعام خمسمئة"، ويعد الكثير من هذه الأفلام حائزاً على جوائز في المهرجانات، أو مشاركة فيها، وهي تشكل في مجملها نقاطاً مضيئة في السينما الإماراتية . الخليج الامارتية