في حادث مروري مأساوي توفي صباح أمس 13 عاملاً آسيوياً، وأصيب 15 آخرون، على شارع الإمارات قبل جسر الروية، بالاتجاه إلى جبل علي، كانوا في طريقهم إلى عملهم عند السادسة و25 دقيقة تقريباً، قادمين من إمارة أم القيوين في حافلة متوسطة في اتجاههم إلى منطقة جبل علي . ووفقاً للواء خبير خميس مطر المزينة القائد العام لشرطة دبي الذي انتقل إلى مكان الحادث فور وقوعه للإشراف على عمليات نقل جثث المتوفين والمصابين فإن الحادث نتج عن اصطدام الحافلة التي تقل العمال، بشاحنة ثقيلة متوقفة على كتف الطريق بسبب عطل، ما أدى إلى تدهور الحافلة ووفاة هذا العدد من العمال في حادث أقل ما يوصف به أنه مأساوي . تغطية: نادية سلطان طارق زياد، إبراهيم الصبح نفى المزينة وفاة سائق الحافلة في الحادث، مشيراً إلى أنه أصيب بإصابات متوسطة، وجار التحقيق معه من قبل نيابة السير والمرور بدبي للوقوف على أسباب وقوع الحادث، لافتاً إلى أن الحادث لم يتسبب في أي عرقلة مرورية، خاصة وأن شارع الإمارات عبارة عن 6 مسارات، بينما قامت دوريات الشرطة والمرور بإغلاق حارتين من الشارع حتى انتهاء نقل المصابين والمتوفين، وإزالة آثار الحادث . وقال اللواء المزينة: إن فضول البعض لمشاهدة الحادث من سائقي المركبات، كاد أن يعطل حركة السير على الطريق إلا أن رجال الشرطة والمرور سيطروا على الأمر، ولم يحدث التكدس المتعارف عليه في مثل هذه الحوادث المرورية . وأضاف أن المعلومات الأولية تشير إلى أن هؤلاء العمال تابعون لإحدى الشركات في إمارة الشارقة، إلا أن سكنهم في أم القيوين، وكانوا في طريقهم إلى دبي للقيام بمهمة عمل في جبل علي . وأشار المزينة إلى أنه سبق لشرطة دبي والمسؤولين فيها التحذير عدة مرات من قيادة مثل هذه الحافلات الصغيرة بسرعات عالية، كما أن بعضها قد لا يكون وسيلة نقل مناسبة لأعداد العمال الكبيرة، لافتاً إلى أنه من خلال الإفادات الأولية فإن السائق خرج لجلب العمال من مقر سكنهم في أم القيوين في حوالي الخامسة والنصف صباحاً، وقد يكون غافله النوم أثناء قيادته المركبة، وهذا ما ستكشف عنه تحقيقات النيابة خاصة وأن الشاحنة المتوقفة حجمها من النوع الثقيل ومن الممكن أن تشاهد من القادمين بشكل واضح . وطالب اللواء المزينة سائقي الحافلات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، بالتيقظ أثناء القيادة، والالتزام بالسرعات المحددة على الطرق حفاظاً على حياتهم وحياة ركابهم، لافتاً إلى أن هذا الحادث سوف يؤدي إلى رفع مؤشر حوادث السير بالإمارة عن الرقم الموضوع في الخطة المرورية لهذا العام، والتي تسعى شرطة دبي جاهدة وبكافة الطرق إلى تخفيض حوادث الوفيات المرورية تمهيداً لتحقيق الاستراتيجية المرورية إلى صفر وفيات بحلول عام 2020 . التفاصيل من جانبه كشف المستشار صلاح بوفروشة الفلاسي، رئيس نيابة أول، رئيس نيابة السير والمرور في دبي، الذي انتقل إلى مكان الحادث فور ورود البلاغ، أن الحافلة التي كانت تقل العمال سعتها 30 راكباً وتحمل أرقام مرور الشارقة، والشاحنة الثقيلة تحمل لوحة أرقام الفجيرة . وقال الفلاسي الذي باشر على الفور التحقيق في الحادث، إنه وفقاً للمعلومات والمعاينة الأولية التي أجرتها النيابة العامة في موقع الحادث وبالتعاون مع الجهات المختصة بشرطة دبي فإن الحادث وقع عندما كانت الشاحنة التي يقودها سائق باكستاني يبلغ من العمر 40 عاماً متوقفة على كتف الطريق، حيث شوهد إطار الشاحنة الخلفي الأيسر على الخط الأصفر حيث اصطدمت حافلة متوسطة من جهة مقدمتها اليمنى بمؤخرة الشاحنة اليسرى واندفعت الحافلة من المسرب الأيمن الأول إلى المسرب الثاني الأيسر وتدهورت بقلبة واحدة حيث استقرت على جانبها الأيسر . وأكد الفلاسي، أنه بالمعاينة تبين وجود مخرج قبل جسر الروية، حيث توقفت الشاحنة بعد المخرج بمسافة مترين على كتف الطريق المحاذي لشارع الإمارات، موضحاً أنه بسؤال سائق الشاحنة في موقع الحادث عن سبب توقفه جهة كتف الطريق قرر بأن نظام الفرامل بالشاحنة تعطل فجأة وأنه أوقف الشاحنة بكتف الطريق ووضع طفاية الحريق لتنبيه السائقين القادمين من الخلف . وأضاف أنه ووفقاً لما تمت موافاة النيابة العامة به عن حصيلة الإصابات والوفيات، توفي 13 عاملاً فور وقوع الحادث، وأن النيابة أمرت بتوقيف سائق الشاحنة، وسائق الحافلة لعرضهما على النيابة صباح اليوم، واستكمال إجراءات التحقيق معهما مشيراً إلى أن الحادث آسفر عن وفاة 13 عاملاً في مكان الحادث وإصابة 15 آخرين، نقل 5 منهم إلى مستشفى البراحة، وقد غادروها بعد تلقيهم العلاج، فيما نقل 10 عمال إلى مستشفى راشد وغادرها 8 منهم، وبقي عاملان في حالة حرجة لكنها مستقرة . وأوضح المستشار بوفروشة أنه تم إبلاغ المستشار عصام عيسى الحميدان النائب العام لإمارة دبي بتفاصيل الحادث، والذي وجه بدوره إلى سرعة اتخاذ الإجراءات بالتحقيق والتنسيق والتعاون التام مع الجهات المختصة في شرطة دبي، وإعداد التقارير الفنية اللازمة لمثل هذه الحوادث المرورية ولضمان سرعة ودقة التحقيق والتصرف . كما طلبت النيابة العامة، إجراء فحص فني من قبل خبراء إدارة المشاغل الميكانيكية بشرطة دبي على الشاحنة للتحقق من حالتها الميكانيكية ومدى إمكانية قيادتها على الطريق بصورة آمنة ومن دون أن تشكل خطراً على سلامة مستخدمي الطريق من جهة، كما طلبت النيابة العامة من مركز شرطة الراشدية المختص بتسجيل بلاغ مروري بالحادث وأخذ إفادة ممن تسمح حالتهم الصحية من المصابين وضمها بملف الحادث . وأمرت النيابة بوضع الحراسة على سائق الحافلة المصاب وعرضه على النيابة حال تماثله للشفاء، وإحالة ملف الحادث وسائق الشاحنة إلى النيابة العامة صباح اليوم تمهيداً لاتخاذ ما يلزم قانوناً . وأكد الفلاسي أن هذا الحادث يعد الثاني من نوعه في إمارة دبي من حيث عدد الوفيات، حيث سبق ذلك حادث تدهور حافلة ركاب ثقيلة تابعة لإحدى الشركات الخاصة في عام 2006 على شارع الشيخ زايد، نتج عنه وفاة 10 أشخاص وإصابة آخرين . وأشار إلى أنه من المتصور ارتفاع عدد الوفيات والإصابات في مثل هذا النوع من الحوادث، وفي ظل كثافة مستخدمي هذا النوع من المركبات، مناشداً كافة سائقي المركبات الثقيلة بشكل خاص ضرورة الانتباه والحذر والتقيد بقواعد واشتراطات قوانين السير والمرور والقرارات الوزارية ذات الصلة والابتعاد عن المسائلة القانونية . المصابون يروون ل "الخليج" تفاصيل مرعبة للحادث المأساوي شقيقان حلما بمشروع خاص لكن الموت كان أسرع دبي "الخليج": خوف، وبكاء، وصدمة، كانت الحالة العامة للعمال الآسيويين، الناجين من الموت في حادث تصادم بين حافلة وشاحنة على شارع الإمارات، بعضهم لم يكن مصدقاً ما حدث، فزملاؤهم وأصدقاؤهم الذين كانوا جالسين إلى جانبهم في الحافلة فارقوا الحياة، فيما كانت الدماء تغطي أجسامهم . "الخليج" التقت المصابين في مستشفى راشد، حيث رووا تفاصيل مرعبة للحادث "المفاجئ" الذي وقع في "غمضة عين"، فهم لم يشعروا سوى بالاصطدام، وانقلاب الحافلة، وتطاير شظايا الزجاج من حولهم . عند وصولنا إلى المستشفى، لفت نظرنا شاب صغير في السن يبكي بحرارة، ولا يستطيع الوقوف على قدميه، فسألناه عن السبب، ليرد أن شقيقيه لقيا مصرعهما في الحادث . الشقيقان، معصوم دالي، 25 عاماً، والمغير دالي 32 عاماً، وهو أب لطفلتين، جاءا للعمل في الدولة لمدة 3 سنوات، بهدف استثمار المال لفتح مشروع خاص في بلدهما الأم، لكن الموت كان أسرع من مخططاتهما . يقول شقيقهما "منتو دالي"، والذي أحاطته مجموعة من العمال يواسونه، إن شقيقيه وبرفقته هم المعيلون الوحيدون لعائلتهم، وإن حلمهم في بناء مشروع خاص في بلدهم انهار، ولا يعرف ماذا يفعل سوى الجلوس باكياً . إصابات بشظايا وعند مدخل المستشفى، التقينا العامل محسن دلهي، 27 عاماً، الذي أصابته شظايا الزجاج في الوجه واليدين، وأصيب في قدمه اليمنى نتيجة انقلاب الحافلة، حيث تلقى العلاج، وكان يهم بالمغادرة . أكد دلهي، أن ما حدث كان في لمح البصر، وأنه لم يكن يستطيع سوى سماع صوت الصراخ والبكاء من حوله، إلى أن حضرت سيارة الإسعاف والشرطة إلى المكان، مبيناً أن المشهد كان مخيفاً فهم كانوا متدكسين حول بعضهم بعضاً بعد الانقلاب، فيما كان آخرون يحاولون الخروج من الحافلة . إلى ذلك، أشار العامل محمد شاهد، 29 عاماً، إلى أنه تعرض لإصابات في الوجه والقدم، حيث كان ملفوفاً بضمادات، وخرج من المستشفى بعد تلقيه العلاج، فيما أصيب زميله "أبو الكلام روح أمين"، بجروح في أنحاء متفرقة من جسده . وأكد العاملان أنهما لا يستطيعان تصديق ما حدث معهما، وكأنه حلم، مشيرين إلى أنهما لم يشعرا إلا باصطدام الحافلة بالشاحنة بقوة كبيرة هزت جسديهما، ثم بانقلاب . وأكدا أن الزجاج تطاير في وجهيهما، فأغلقا عينيهما خوفاً من رؤية مصيرهما، مبينين أن جسديهما كانا يتقلبان، ويصطدمان ببعضهما بعضاً داخل الحافلة أثناء الانقلاب . معيل لشقيقات دخلنا إلى غرفة العناية، حيث كان هناك عامل يدعى عبد القادر موسى يتلقى العلاج نتيجة إصابته بإصابات خطرة في الوجه واليد، وأكد زملاؤه لنا أنه المعيل الوحيد لخمس شقيقات في بلده الأم، وأن حالتها الصحية ما زالت تتطلب العناية . وعلى السرير المحاذي لعبد القادر موسى كان هناك عامل يدعى "أبو طاهر"، يعاني عدة إصابات في جسده، ويتلقى العلاج، فحاولنا الحديث معه، لكنه لم يستطع الكلام . 600 درهم معدل الرواتب أكد العمال أثناء حديثهم ل"الخليج"، أن معدل الرواتب التي يتقاضونها من الشركة لاتتجاوز ال 600 درهم كحد أعلى، حيث يعملون من الساعة الخامسة فجراً وحتى السابعة مساءً، بشكل مستمر، في محاولة لإنهاء العمل المناط بهم، حيث حضر أثناء ذلك مشرف العمال المسؤول إلى مستشفى راشد وحاولت "الخليج" التحدث إليه حول أبرز ما ستتخذه الشركة بعد هذا الحادث المؤسف، إلا أنه تجنب ذلك على الرغم من المحاولات المتكررة، وأشار إلى العمال بالذهاب إلى حافلة صغيرة حضرت لتقلهم إلى خارج المستشفى، حيث تجاوز عددهم ال 15 عاملاً بين المصاب والسليم، تجمعوا على كراسي حافلة متوسطة الحجم تكاد لا تتسع لهم، على مرأى من الموجودين أمام المستشفى . الخليج الامارتية