جهاد هديب (أبوظبي) افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، مساء أمس الأول معرض «المعلقات» للشاعر أدونيس الذي يقام في صالة عرض سلوى زيدان ويستمر حتى التاسع عشر من الشهر المقبل، بحضور زكي نسيبة المستشار الثقافي في وزارة شؤون الرئاسة، ومديرة عام القاعة سلوى زيدان. بدءا من العنوان والفكرة اللتين ينطوي عليهما المعرض وما هو ظاهر وخفي قابل للتأويل فيهما، يمكن القول: إن المعرض عبارة عن «مسعى» شعري ومثقف إلى إعادة إحياء التفكير بمعلقات الشعر الجاهلي العشر واحتفاء بها في الوقت نفسه، وبالشعر «الجاهلي» كله ومركزيته في الشعرية العربية. وذلك في الوقت نفسه الذي تشغل فيه الطروحات السياسية لأدونيس موقعا خلافيا يتسع ويتقلص، مع أو ضد، بحسب المناخ والمزاج السياسيين في المنطقة العربية وتحديدا تجاه ما يجري في بلده سوريا. وعلى نحو ما عرضت عليه «معلقات» الشعر الجاهلي «الأدونيسية»، يمكن التأويل بأن فيها مخاطبة، أو حتى مطابقة، للكيفية التي عرضت فيها المعلقات على جدران الكعبة عندما اختيرت تلك القصائد من سوق عكاظ لتكون كل واحدة منها «معلقة» سوف يكتب لها «الخلود» في الوعي الشعري العربي التاريخي برمته، وذلك على نحو من الأنحاء أو وفقا لوعي ما، هو تخييلي مثلما أنه يقوم على فكرة قد تكون مسبقة. تشكيليا، بدت «المعلقات» العشر، التي هي لوحات تشكيلية ها هنا، أشبه بالرقاع التي كانت عليها الرسائل في أزمنة الدولة الإسلامية وما سبقها، وكذلك إذ يميل لون البعض منها إلى الأصفر قليلا فإنه يذكر بورق البردى ما يعني حضور فكرة اللفائف التي هي رحم أنجبت الكتاب. وبالتالي من الممكن تعليقها على حائط، هو الآن حائط لصالة عرض تتصل بالفنون التشكيلية تحديدا. هذا الوعي الذي قد يلح على ذهن الناظر إلى أعمال أدونيس ومخيلته، وهو وعي مقسوم إلى قسمين متجاورين معا: الكلاسيكية الصميمية والحداثة الراهنة. ضمّ المعرض أربعين عملا تشكيليا نصفها تقريبا يحمل توقيعه لهذا العام. الأعمال الكولاجية من بينها، تمثل امتدادا تشكليا لمشاغل سابقة لدى أدونيس بالمعنى التقني والأسلوبي للكلمة ووفقا لتحليل خطابه التشكيلي، وما أراد أن يبرزه من بين هذه الأعمال هو «المعلقات». جاءت أشبه برقاع مستطيلة ومعلقة على الحائط بطريقة كلاسيكية عربية في تعليق الصور على الجدران وليس على طريقة تعليق لوحة حديثة كما هي الحال مع الأعمال الأخرى، أي أنها مؤطرة ومزججة ولا يقترب منها الناظر إليها، بل يبقى بعيدا، حيث من الممكن له أن يدرك الملمس الكولاج بالنظر من بعيد. أما «المعلقات» فهي تلك السطوح التصويرية العارية على الجدار بألوانها المتقشفة وملمسها الخشن الذي يمكن لمسه بأطراف الأصابع وكتابتها التي تكاد تكون عفوية من فرط تلقائيتها، إذ لا تتجاوز الثلاثة ألوان أو الأربعة بما فيها لون السطح التصويري، وهو الأبيض، والأسود وهو لون الكتابة وبعض الرسومات التعبيرية أو ما هو أقرب إلى ذلك وكانت بالأحمر. ... المزيد الاتحاد الاماراتية