بعد أن ارتبطت بإنتاجه الكثير من أهم الأعمال التراثية المحلية في العقد الأخير، أصبح الفنان والمنتج الإماراتي، سلطان النيادي، أكثر ميلاً للدراما الاجتماعية الكوميدية، خصوصاً تلك التي جمعته، كاتباً أو ممثلاً، برفيق دربه الفنان جابر نغموش، بعد توقف المسلسل متعدد الأجزاء «حاير طاير»، وهو ما اعتبره البعض تخلياً من النيادي عن الخط الدرامي التراثي، لمصلحة أعمال أصبحت أكثر طلباً، سواء من إدارات التلفزيونات المحلية أو الجمهور، رغم أن أحد أحدث أعماله هذا العام تراثي أيضاً، وهو مسلسل «بحر الليل» الذي صور في إمارة الفجيرة. «دراما» بلا بوق طالب الفنان سلطان النيادي رئيس مجلس إدارة شركة ظبيان للإنتاج الفني، التي تولت إنتاج مسلسل طماشة، باعتباره كاتباً لمعظم حلقات العمل هذا العام، بالتفرقة بين إنصاف الكاتب حينما يتعرض لقضايا شائكة، وأن يكون قد تحول إلى بوق دعاية، يعالج القضايا الاجتماعية الملحة، بعيداً عن الاصطدام مع المؤسسات المختلفة. وأضاف: «النقد اللاذع قد يكون مقبولاً إبداعياً وأدبياً، لكن هناك فاصلاً دقيقاً يفصله عن النقد الجارح، الذي يهدم ولا يبني، وحينما يجد الكاتب نفسه في معضلة ليبحث عن قضية سلبية لطرحها، فأولى به ألا يلفق قضايا ومشكلات غير موجودة، لمجرد نسج حلقة أكثر إثارة، وهذا ما نرفضه في (طماشة)». وكشف النيادي عن أنه يتعرض في الجزء الجديد من المسلسل لجملة من القضايا الحقيقية التي تهم المجتمع، من خلال سحر الكوميدي، في مسعى لمزج البسمة بالفكرة، في عمل أصبح طقساً رمضانياً إماراتياً خالصاً. ضارة نافعة وصف الفنان سلطان النيادي غياب إطلالة «طماشة» على المشاهدين في الموسم الرمضاني الماضي ب«الضارة النافعة»، مضيفاً: «هذا الغياب أكد لنا موقعنا لدى المشاهدين، وأهمية أن نكون جاهزين دوماً لنقدم لهم ما يتوقعونه، كي لا يتكرر الغياب الذي كان قسرياً بسبب عدم توافر النص المناسب». وتابع: «أخذنا وقتاً أطول هذا العام في الإعداد للجزء الخامس، الذي طبخت حلقاته على نار هادئة، إن جاز التعبير، فجاءت أقرب إلى نبض الشارع، وأشبه بروح بطلها جابر نغموش في تلقائيته وعفويته وخفة ظله». ورفض النيادي وصف العلاقة بينه وبين نغموش بالشراكة التجارية، مضيفاً: «نغموش رفيق درب، وفنان يصعب أن يختلف عليه اثنان، وعبر إطلالته المرتبطة بالموسم الرمضاني، أصبح حضوره بمثابة طلب ألح عليه، باعتباري مشاهداً يستمتع بما يقدمه، وقدرته على نزع الابتسامة من شتى المواقف على تباينها، لتكون (طماشة) وجبة اجتماعية كوميدية، تجمع الأسرة الإماراتية بعد الإفطار». النيادي الذي صور هذا العام مسلسل «صمت البوح»، وعرض على شاشة تلفزيون دبي، ويتوجه إلى العاصمة التايلاندية بانكوك من أجل تصوير حلقتين ضمن حلقات الجزء الخامس من مسلسل طماشة، الذي يعرض حصرياً خلال شهر رمضان المقبل على تلفزيون دبي، أعرب عن إحباطه لواقع الأعمال التراثية المحلية التي اعتبرها «ملاحم درامية لا تستوعبها الشاشة الصغيرة»، مشيراً إلى أن «فترة ما قبل ظهور النفط، وما تلاها، التي يرى البعض أنها استهلكت دراما، لاتزال بالأساس بكراً»، واصفاً إياها ب«المنجم الدرامي الذي يصعب استنفاد مخزونه». وطالب النيادي دعاة اتجاه إدارة الظهر للأعمال التراثية، بحثاً عن المعاصرة والتمدن الدرامي، بالتمعن في تجارب مدارس كثيرة، استطاعت أن تتميز في إطار الدراما التلفزيونية، منطلقة بالأساس من أعمال تستوعب المورث، جنباً إلى جنب سائر الاتجاهات الأخرى. وأضاف: «إذا كان البعض يفرق بين أعمال تراجيدية واجتماعية وكوميدية وغيرها، فإن الأعمال التراثية تستوعب هذا كله، وتضيف عليه بعداً تاريخياً مرتبطاً بالهوية، وأصل النسيج الاجتماعي للوطن، وهي قيمة تمنح حتى الأعمال الأكثر حداثة منطقية أحداثها». وكشف النيادي في حواره مع «الإمارات اليوم» أنه يرى نفسه بشكل أكبر في مجال الأعمال التراثية، سواء على صعيد الإنتاج أو الكتابة أو التمثيل، مستدركاً: «الإشكالية لا تتوقف فقط على الكلفة الباهظة لتلك العمال، بل أيضاً على أنها تبقى غير مقدرة في كثير من الأحيان، لدرجة أن تسويقها يجابه بمشكلات عديدة، رغم أنها الأكثر تطلباً للمجهود والدقة والحرفية». وأشار النيادي إلى أنه رغم ذلك، إلا أنه بصدد الإعداد لمشروع تراثي ضخم، سيبدأ تصويره قريباً، بعد نهاية الموسم الرمضاني بشكل مبدئي. وقال النيادي إنه كتب معظم حلقات الجزء الخامس من مسلسل «طماشة»، إضافة إلى نحو سبع حلقات كتبها الفنان محمد العامري، فيما ضمت قائمة الكتاب عدداً من الكتاب الخليجيين، مؤكداً أنه لم ينشغل رغم الجدلية المعتادة لهذا النمط من المسلسلات، بما أسماه «سقف المسموح الرقابي»، مضيفاً: «في حقيقة الأمر إننا على مدار تعاملنا مع مؤسسة دبي للإعلام لم نلمس حدوداً لهذا السقف، ولم نر خطوطاً حمراء». وتابع: «الرقابة مع تراكم هذه الثقة بين شركة ظبيان للإنتاج الفني التي أمثلها، ومؤسسة دبي للإعلام، أضحت ذاتية في المقام الأول، فنحن في مقابل هذه الثقة، نبقى على رقابة ذاتية إبداعية، لا تسعى إلى الاصطدام بالنسق القيمي والاجتماعي السائد، بقدر ما تهدف إلى خلق عمل إبداعي ملهم، وهادف، ويعالج بعض القضايا الاجتماعية الملحة». ووعد النيادي بأن يشاهد الجمهور الفنان جابر نغموش بتجدد ملحوظ، بعد غياب إطلالته عبر «طماشة» العام الماضي، مضيفاً: «تابعنا ردة فعل الجمهور والإعلام على هذا الغياب عن الموسم الرمضاني العام الماضي، وهي ردة فعل أكدت الفراغ الذي تركه هذا الغياب، الأمر الذي أكد شعور أسرة العمل، وفي مقدمتها نغموش، بالمسؤولية في تقديم عمل يليق بتوقعات الجمهور من جهة، ويعكس الطاقات الإبداعية الحقيقية لأسرة العمل مجتمعة من جهة أخرى». وحول أهم القضايا التي تنتظر الجمهور في الجزء الجديد من «طماشة»، أشار النيادي إلى أن أبرز ما يميز «طماشة» «تلك الخلطة السحرية بين الفكرة والبسمة»، مضيفاً «اعتدنا أن نقدم الانتقاد الهادف بعفوية تستند إلى طاقة الممثل الكبير، جابر نغموش، لكننا لا نتردد أيضاً في أن نكون منصفين في نقدنا، في ظل قيادة رشيدة تحرص دوماً على أن يكون شعب الإمارات أسعد شعب، لذلك فإن الحيلة الدرامية تتطلب أيضاً الابتعاد عن النقد المجاني، الذي ربما يهدم أكثر من كونه إشارة ذكية إلى موضع خلل ما». وكشف النيادي عن أنه اضطر لاستبعاد نص حلقة قام بكتابتها، تنتقد الاستخدام المفرط للغة الإنجليزية على حساب العربية في مؤسسات مختلفة، مركزاً على المطاعم التجارية، مشيراً إلى أنه اندهش حينما وجد بعد أيام من الانتهاء من كتابتها، وقبل أن يبوح بفكرتها لأي من مقربيه، أن مرسوماً صدر بتغليظ العقوبة على المطاعم التي لا تلتزم بتوفير قائمة منتجاتها لزبائنها باللغة العربية، مضيفاً: «شعرت بغصة لخسارة الحلقة، لكنني في المقابل شعرت بالانتصار والزهو بقيادة رشيدة، تدرك مواطن الخلل، فتكون يدها هي الأسرع لتقويمه». الامارات اليوم