في سباق مع الوقت، كان الموت حاضراً في طريق الخمسيني المواطن " محمد علي البلوشي " من مدينة خورفكان، عندما خرج بشكل مفاجئ من منزله في دعوة استدعاء إلى وجهة غير معلومة. كان القدر يلازمه في رحلة غير مبررة تجاوزت الحدود حتى استقرت به ليتوفى تحت أحضان شجرة سمر برية في منطقة محضة العمانية بعد غياب عن الأنظار دام ثلاثة أيام متواصلة. ربما لا يلف حادثة وفاته الغموض الكبير خصوصاً وأن المسن لا ينتمي للولاية ولا يعلم سبب قدومه إليها رغم وجود أقارب له في مسقط العاصمة. إلا أن رحلته القصيرة إليها ولأول مرة ودون أوراق ثبوتية وأغراض شخصية، حتى تم العثور عليه متوفيا فيها بالقرب من مركبته التي كان يقودها قبل فقدانه على بعد 3.7 كيلومترات هي الأكثر غرابة في خاتمة حياة إنسان. وبهذا الصدد طالب عدد من المغردين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الجهات ذات الاختصاص " وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية " الالتفات إلى مثل هذه الحالات الصحية وأسرهم، تلك التي تعاني من أمراض عضوية لا نفسية أو اضطرابات عصبية والذين قد يثيرون الحيرة والارتباك في سلوكياتهم الغير مبررة وحصر أعدادهم ضمانا لمعافاتهم ومنعا لتفاقم حالاتهم المرضية، إلى جانب تعاون أسرهم في الكشف عن هذه الحالات ومساعدتهم في خلق رعاية مثلى لهم لتجاوز محنتهم. تفاصيل القصة فقد عثرت الجهات الأمنية العمانية اليوم على المفقود متوفى في منطقة سهلية خارج النطاق العمراني للمنطقة، في الوقت الذي سجلت أسرته قناعتها بعرضية مصرع مفقودها، وتأتي قناعتها بالمصير الذي لحق بعائلها بعد4 أيام من تغيبه، حينما استقل سيارته شاقا طريقه إلى جهة غير معروفة. وكانت الجهات المعنية سارعت فور تلقي البلاغ وذلك على مدى 4 أيام متواصلة. ولم تسفر عمليات البحث في حينها عن العثور عليه. وكان أبناء المتوفى قد فقدوا الاتصال مع والدهم -رحمه الله- يوم الجمعة 23 مايو الجاري بعد أن خرج يقود سيارة ولم يعد. كان آخر تحديد له في منطقة " حتا " وهي تقع على حدود سلطنة عمان. وناشدوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي من لديه أي معلومات عنه الاتصال بهم أو إبلاغ أقرب مركز شرطة. توضيح وتفسير وفي هذا الصدد، أوضح زوج ابنته " يوسف النقبي " ل " البيان الالكتروني" والحزن يغالب صوته: أنه لم يتخيل لهم ولو لوهلة بسيطة، أن يكون الموت غيب عمه وبهذه الطريقة التي أشبه ما تكون - بالدراما الحزينة -، مشيراً إلى توجههم ظهر اليوم إلى عمان، حيث تم تسلم جثمان المفقود من جهات الاختصاص في محافظة البريمي بعد صدور التقرير الطبي من مستشفى بمسقط يثبت وفاقه الطبيعية، على يواري جثمانه الثرى في مقبرة الشرق بعد صلاة العشاء من مساء اليوم. وأضاف النقبي إلى أنه عثر على جثمانه، بعدما أبلغ عنه أحد رجال الأمن في المنطقة أثناء العثور على مركبة متوقفة دون وجود قائدها ما يشتبه بأنها تعود للمسن المفقود، فقد باشرت جهات الاختصاص حيث كان برفقتهم شخصيا تمشيط المنطقة ومعاينة الموقع الذي عثر فيه على جثته المتحللة جزئيا، والتي كانت تبعد عن الطريق العام نحو ما يزيد عن 5 أمتار، ما يشير إلى أن الوفاة منذ يومين، ولم تظهر عليه أية دلالات قد تقود إلى وجود شبهة جنائية من وراء وفاته، مرجحا أن سبب الوفاة قد يكون ناتجا عن الإعياء والتعب الذي تعرض له عمه المسن أثناء شقه الطريق لمسافة طويلة، دون أن يتعرف على طريق العودة. لافتا إلى أن أسرة المتوفى سجلت قناعتها رسميا لدى جهة الاختصاص بعرضية الوفاة، غير متهمة أحدا بذلك. إلا أنه عاد واستدرك بأنه مر قريبا من المنطقة بعد آخر اتصال يفيد أنه شوهد قريبا من حتا، مشيرا إلى أنها ساعة فقط فصلت بين العثور عليه حيا، وبين مروره المنفذ الحدودي الذي عبره لولاية محضة دون أوراق ثبوتية تؤكد هويته – دون أن يؤكد ذلك أو الطريقة التي تمكن منها في العبور إلى هناك – كونه مريضا بفقدان الذاكرة. فرضية علمية وبين المشكل والبارز في هذه القصة التي شغلت الناس قبل عدة أيام، وبين عملية البحث عن فرضيات قابلة للتصديق لتكون بين الأسباب الرئيسة خلف حدوث هذه القصة. أوعز دكتور هيثم شبابك استشاري ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى خورفكان - ب " خمسة احتمالات " في حقيقة من يعاني مرض فقدان الذاكرة " الزهايمر أو أمراض الخرف عموما، وتجعل المصاب بها يتصرف بهذه الطريقة: وهي فالبداية، بأن المريض قد يصاب بهلوسات قد تكون بصرية أو سمعية تجذبه إلى زيارة أماكن معينة أو ذات خلفية مشابهة قد زارها سابقا أو قد لا يكون وطئها من قبل. الفرضية الثانية: استدعاء لذكريات قديمة كون المصاب يحافظ على الذاكرة القديمة فقط والتي تأتي منها أماكن زارها أو حنين لأشخاص يعيشون في هذه المناطق يشتاق إليهم، ولعدم إدراك منه لأبعاد الزمان والمكان يأتي ببعض السلوكيات مباشرة أو غير مباشرة كانت والتي قد تكون بصورة غير مفهومة للمحيطين به. ثالثا: قد يكون المريض تاه ولم يستطع تذكر طريق العودة. أما الاحتمال الرابع فهي ( التجول الغير مبرر " " pacing ) هربا من الوحدة والعزلة عن المجتمع. فيما الاحتمال الخامس والأخير هو استدراجه إلى أماكن من قبل أشخاص يعلمون بمدى تطور حالته الصحية بغرض سرقته أو الاعتداء عليه أو التلاعب به وعمدوا إلى تركه هناك. وفي هذا، يشير د.شبايك إلى أهمية أن يكون لهؤلاء المرضى رعاية خاصة من قبل مانحي الرعاية من ذويهم أو من يتم استئجارهم للاهتمام بهم، والفهم الدقيق للمرض والتخصص في علاجه. مبينا إلى أن صاحب القصة ربما وصل إلى مرحلة متقدمة في المرض، هو ما كان يتطلب إحاطته برعاية قصوى قد تتمثل في أقلها وضع سلسلة أو قلادة تتضمن بياناته كاملة. أما في حال وصل المرض إلى مراحله المتأخرة فإنه قد يتطلب الحجر الداخلي للمريض في المستشفيات أو المراكز المتخصصة لمنع أن يتسبب في إيذاء نفسه أو المحيطين به. البيان الاماراتية