نبيل سبيع من المسؤول عن أزمة الوقود الحالية؟ هذا السؤال، الذي ظل وما يزال معلقاً في رؤوس أغلب اليمنيين واليمنيات، طوال الأسابيع الماضية، تمت الإجابة عليه في جلسة استجواب البرلمان للحكومة )الاثنين قبل الماضي)، لكن الغريب أن وسائل الإعلام المحلية لم تلتفت له، رغم أنه يشكل -في تقديري- أهم خبر متصل بأزمة الوقود الحالية! وزير النفط خالد بحاح، أشار بإصبعه بوضوح الى المتسبِّب المباشر بهذه الأزمة، والذي كان يجلس على مقعد غير بعيد عن مقعده، تحت قبة البرلمان. في ردوده على استجواب البرلمان له، تحدث بحاح عن جملة من المشاكل التي تواجهها وزارته وقطاع النفط في البلد، كالاعتداءات التخريبية لأنابيب النفط وغيرها، لكنه أجاب بوضوح، وبشكل محدد، على سبب عدم قيام وزارته بتوفير الكمية المطلوبة من المشتقات النفطية للمواطنين. قال إن وزارة المالية لم تقم بدفع المبالغ المخصصة لدعم المشتقات النفطية، وهو ما سبّب الأزمة الحاصلة في السوق اليوم. إجابة واضحة ومحددة، ونقطة على السطر. لكن بحاح وزير "مؤتمري"، وهذا بحد ذاته يمثل، كما يبدو، سبباً كافياً لعدم تصديقه من قبل الإصلاحيين المدافعين عن حكومة باسندوة الفاشلة، ووزير ماليتها المحسوب على حزبهم! لكنْ، لا مشكلة.. لنعتبر كل ما يقوله وزير النفط كلاماً مطعوناً فيه، وغير مقبول، لأنه "مؤتمري"، أو حتى لأن لقبه "بحاح"! لكنْ، ماذا إذا قدمنا لهؤلاء الإصلاحيين شاهداً من أهلهم؟ دعونا مثلاً نستمع لما رد به وزير المالية نفسه على وزير النفط: لم ينكر ولم ينفِ ما قاله الأخير، بل على العكس أكده. لقد أقرَّ الوجيه أن وزارته لم تقم بدفع المبالغ المخصصة لدعم المشتقات النفطية، وبرَّر عدم قيامه بذلك بأن لديه عجزاً! وهذا اعتراف واضح بمسؤوليته عن الأزمة الحالية، والتي بالرغم من أن هناك آخرين لابد يشاركونه المسؤولية فيها، إلا أنه اعترف بمسؤوليته المباشرة عنها، ووضع نقطة على السطر. الإصلاحيون الذين ينفون مسؤولية حكومة باسندوة ووزارة المالية، عن هذه الأزمة، ويلقون المسؤولية في المقابل على "عفاش"، هل يكفيهم اعتراف الوجيه نفسه، أم لا؟ الوجيه لم يعترف، أمس، أنه لم يدفع مخصصات دعم المشتقات النفطية فقط، بل إنه أكد ضمنياً أنه لن يدفعها في قادم الأيام، لأن "لدي عجز"! الوجيه لم يعدنا (...) بانتهاء الأزمة قريباً، بل وعدنا ضمنا بتمديد الأزمة أكثر! الوجيه فعل هذا وأكثر في جلسة (الاثنين)، ومضى: لم يحضر جلسة الاستجواب الثانية (في اليوم التالي)، ولم يحضر الجلسة الثالثة (والأخيرة كما يفترض)، لأنه مسافر الى الخارج. لا أعلم إن كان سفره (الثلاثاء الماضي) الى الخارج على علاقة بمفاوضاته مع البنك الدولي من أجل رفع الدعم عن المشتقات النفطية مقابل الحصول على قروض، لكن هذه المفاوضات جارية على قدم وساق، في الوقت الذي تستمر الأزمة في التفاقم، وتستمر الحكومة الفاسدة والإصلاح المدافع عنها في الكذب على الناس. وقد أبدى الوجيه للبنك الدولي مؤخرا استعداده لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، بشكل جزئي، بل ووعده بأن يبدأ تطبيق الرفع الجزئي للدعم في الشهور القليلة القادمة، في إطار ما يبدو أنها ستكون عملية رفع تدريجي للدعم عن المشتقات النفطية. في 1 أبريل الماضي، وقف صخر الوجيه في المكان الذي وقف فيه (الاثنين قبل الماضي)، تحت قبة البرلمان، واقترح "رفع الدعم عن المشتقات النفطية"، كخيار لمواجهة "العجز" الذي تمر به وزارته وحكومة باسندوة. أثار مقترحه هذا غضب الرأي العام عليه وعلى الحكومة والإصلاح من ورائها، الأمر الذي دفع الحكومة الى نفي ما وصفته ب"الأخبار والشائعات المغرضة التي تروج لها بعض الوسائل الإعلامية، حول اعتزام الحكومة زيادة أسعار المشتقات النفطية". وطمأنت الحكومة المواطنين، على لسان مصدر مسؤول بمكتب رئيس مجلس الوزراء، "بعدم وجود أي نية لديها لزيادة أسعار المشتقات النفطية، وإن هذا الأمر غير وارد مطلقاً في الوقت الراهن". المصدر المسؤول في مكتب رئيس الوزراء" كما يبدو مجرد "اسم دلع" للناطق الرسمي باسم حكومة باسندوة راجح بادي، إذ إن التصريحات المنسوبة له (المصدر المسؤول) يومها تكررت حرفياً على لسان بادي، في تصريحاته اللاحقة والمنسوبة له باسمه. وإلى الصديق راجح بادي، أود أن أتوجه بالتالي: هل ما نزال في "الوقت الراهن"، أم أن "الوقت الراهن" انتهى؟ لقد نفيتم بشدة وجود أية نية لدى حكومتكم في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، لكنك يا راجح تعرف لا شك ما دار بين صخر الوجيه والبنك الدولي، في الأسابيع الأخيرة، ولابد أنك اطلعت على ما قاله أمس في البرلمان، ورأيت وما تزال ترى طوابير البنزين والديزل التي تزداد طولاً ويأساً كل يوم. لقد أكدتم أكثر من مرة أن الحكومة لن ترفع أسعار المشتقات النفطية، وأود أن أسألك: بكم اشتريت آخر دبة بترول عبأت بها سيارتك (إن كنت ما زلت تشتري البترول من المحطات كما في الأيام الخوالي طبعاً)؟ الحكومة لم ترفع أسعار المشتقات النفطية في السوق، لكنها رفعت المشتقات النفطية نفسها من السوق. والنتيجة معروفة لك ولي وللجميع عزيزي الناطق. براقش نت