أزهار البياتي (الشارقة) يوفر متحف الشارقة للآثار لزواره تجربة استثنائية من الاستكشاف، والدهشة، والمعرفة، إذ يضم بين جدرانه الرخامية أسرار عصور ضاربة في التاريخ، جسدتها قطع أثرية نادرة، تحكي كل منها قصة مكان وتاريخ شعب وحضارة إنسانية لها طابع وخصوصية. رحلة مدهشة عبر الزمن تأخذ الزائر بين أروقة هذا المتحف بأقسامه المتعددة، حيث لا يمكنه مقاومة سحر المكان، ويقف طويلاً أمام كل أثر صنعه الإنسان وصانته الطبيعة لقرون لتأسره تفاصيل جرة فخارية أو حلية معدنية، أو قطعة مجوهرات، كشفها عالم آثار قاد حملة تنقيب غاية في التعقيد والإصرار، متتبعاً مراحل تكوينها ومكتشفاً بيئتها الطبيعية وقارئاً لزمنها، لتصل بعد عمليات طويلة من الدراسة والترميم والإصلاح إلى ركن متميز من المتحف آخذة حقها من التقدير والاهتمام. ويقول خالد حسين باحث أول في متحف الشارقة للآثار إن كل قطعة أثرية هنا ومهما صغر حجمها تعبر عن قيمة وتاريخ، وتشكل موجزاً يختزل حكاية طويلة لقصة الإنسان على الأرض، ورحلته للتكيف مع ظروف بيئته وكفاحه للبقاء مستغلاً عناصر موارده المحيطة وكافة ما توفر له الحياة، حيث تتجمع هذه القطع الأثرية بكل ما تحمله من مدلولات حضارية وإنسانية في هذا الصرح القيّم، لتقدم للجمهور ثقافة متحفية وإثراء معرفياً، تم بجهود فريق متكامل من العاملين في حقل الآثار». ويقول: يقدم متحف الشارقة للآثار للزائرين تجربة رائدة للتعرف على أحدث القطع الأثرية المكتشفة في المنطقة، ويستعرض ذلك معلومات عن لحظة ميلادها وزمن تكوينها وكافة ظروفها المحيطة، من التنقيب عنها إلى رفعها من مواقعها وصولاً إلى استقرارها بين جدران المتحف، لتكون بعد جهد كبير محط أنظار الجمهور، ومحل اهتمام المراقبين والمشرفين. ويصنف العلماء الآثار حسب نوعها إلى مشغولات فنية، وأوان فخارية وأدوات معدنية، وحلي ومجوهرات، وأسلحة وقطع أثرية وخلافه، رتبت جميعاً بشكل علمي مدروس، وعقب بحث واختبار وتوثيق، مع وصف دقيق لكل ملامحها وقيمتها الأثرية. وأوضح أن دراسة علم الآثار ساعدت في التعرف على طبيعة السكان الذين عاشوا في منطقة الشارقة منذ ما يربو على 125,000 سنة، وهو ما يعد أقدم دليل على ملامح الحياة البشرية في الإمارات، إذ تبيّن كيف عاش أهالي المنطقة الأوائل في البيئة الصحراوية الشاقة، وما واجهوه من ظروف مناخية قاسية وعانوه من حرمان وشظف الحياة، فقد تم على سبيل المثال اكتشاف قطع أثرية عمرها نحو 7000 سنة تشير إلى أن السكان القدماء امتهنوا تربية ورعاية قطعان الأغنام والحيوانات البرية، وأخرى أوضحت انتقالهم بين الساحل والمناطق البرية سعياً وراء الأمطار الموسمية التي كانت أغزر من وقتنا الحالي، كما تبين بواسطة هذه الآثار الكشف عن طرق وكيفية استغلال الموارد الطبيعية للبيئة الصحراوية في هذه الأجزاء من الجزيرة العربية، وكيف استثمر الأجداد عناصر المعادن المكتشفة حديثاً في صناعة الأسلحة والأواني المنزلية، وأدوات الصيد، مما فتح أمامهم فيما بعد موارد اقتصادية عززت من التبادل الثقافي والتواصل الحضاري مع المناطق المجاورة الأخرى». وقال: إنه اكتشفت في مناطق محددة من الشارقة أيضاً آثار ثابتة وغير منقولة، مثل الحصون والقلاع والمنازل القديمة، كما تم العثور على أسوار ومدافن وقبور أثرية، ترجع لعدة عصور مضت، رسمت صوراً للحياة في هذه المنطقة، وأعطت ملامح عن التراث الأصيل الذي ميّز سكانها وما عايشوه من خصوصية ثقافية واجتماعية. وقد تم في السنوات الأخيرة الإعلان عن اكتشاف عدد هائل من المواقع الأثرية المهمة ذات القيمة التاريخية في إمارة الشارقة، ليزخر متحف الآثار فيها وبفضل تلك الاكتشافات والحملات التنقيبية، بآلاف القطع الأثرية التي تتنوع بين المشغولات اليدوية والأدوات المصنوعة من المعادن وحجر الصوان والأواني الفخارية والأوعية الزجاجية والمعدنية مع الحلي والمجوهرات والمسكوكات المعدنية وأدوات الصيد والأسلحة. الاتحاد الاماراتية