سقطت مدينة الموصل ومناطق في كركوك أمس في أيدي مسلحي تنظيم «دولة العراق والشام - داعش» بشكل دراماتيكي انهارت خلاله قوى الأمن والجيش في الساعات الأولى من المواجهة التي بدأت فجر أمس وعلى إثرها تفككت كامل أجهزة الدولة الأمنية والسياسية. حيث اختفى 52 ألف منتسب للسلك العسكري والأمني وقام غالبيتهم برمي أسلحتهم وبزاتهم العسكرية في الشوارع لتصبح مخازن الأسلحة في عهدة «داعش»، فيما نجا محافظ الموصل أثيل النجيفي بمساعدة من قوات البيشمركة وتمكن من الفرار. وأمام هذه الانهيار المفاجئ، أعلنت الحكومة العراقية حالة «الإنذار القصوى» مطالبة البرلمان بإعلان حالة الطوارئ خلال جلسة غد وفتحت الباب امام العراقيين للتطوع بهدف التصدي ل«داعش» في اكبر انتكاسة للعملية السياسية العراقية منذ الاحتلال الأميركي في أبريل 2003. وأجرى سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري. وعرض الوزير زيباري على سموه تطورات الوضع في الموصل. وقال سموه لوزير الخارجية العراقي: إننا نتابع بقلق بالغ ما يجري في الموصل ونؤكد استنكارنا الشديد لكل ما يتعرض له الآمنون بالمدينة وما ترتكبه العناصر الإرهابية من ترويع للأهالي والمدنيين وتدمير للممتلكات. وأكد سموه على موقف الإمارات المبدئي برفض الإرهاب بكل صوره وأشكاله ودعمها لاستقرار العراق وحفظ سلامته ووحدته الوطنية. تفاصيل السقوط في تفاصيل سقوط محافظة نينوى، اجتاح آلاف المسلحين على شاحنات مدينة الموصل منتصف ليلة أول من أمس في هجوم استمر حتى الفجر ليتم الاستيلاء على كامل أرجاء المدينة وانهيار مؤسسات الدولة في بقية المحافظة من تلقاء نفسها. وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية ان «مجموعات من المسلحين سيطرت أولا على مبنى المحافظة في الموصل وعلى القنوات الفضائية وبثوا عبر مكبرات الصوت انهم جاؤوا لتحرير الموصل وأنهم سيقاتلون فقط من يقاتلهم». وأضاف أن «افراد الجيش والشرطة نزعوا ملابسهم العسكرية والأمنية وأصبحت مراكز الجيش والشرطة في المدينة فارغة، فيما قام المسلحون بإطلاق سراح سجناء» من السجون في المدينة. وتابع: «مدينة الموصل خارج سيطرة الدولة وتحت رحمة المسلحين». ويبلغ عدد المنتسبين الأمنيين في الموصل بحسب النائب عن كتلة «متحدون» انتصار الجبوري، نحو 52 ألفاً. وفيما لم يحدد المصدر في وزارة الداخلية الجهة التي ينتمي إليها المسلحون، قال ضابط رفيع المستوى في الشرطة برتبة عميد لوكالة «فرانس برس» ان هؤلاء المسلحين ينتمون إلى تنظيم «داعش». وبالفعل، نشر التنظيم صوراً عديدة أظهرت عربات مدرعة أميركية مرفوعاً عليها رايات «داعش». كما أظهرت صورة أخرى القائد العسكري للتنظيم في سوريا، عمر الشيشاني، وهو يتفقد عربة «هامر» أميركية في محافظة دير الزور. وذكر التنظيم أن العربة تم نقلها من نينوى إلى الأراضي السورية. ضرب الأركان وذكرت تقارير أن «داعش» ضربت مقر تجمع قيادة أركان الجيش في محافظة نينوى بسيارة مفخخة نسفت فندق الموصل، فأصابت بذلك العمود الفقري للجيش العراقي، تبع ذلك هجمات شاملة. ويمثل سقوط نينوى في ايدي المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة والتي يشكل الجهاديون وعناصر «داعش» ابرز مكوناتها حدثاً استثنائياً بالنسبة إلى الوضع الأمني في العراق بشكل عام لما تحظى به هذه المحافظة من اهمية استراتيجية نظرا لحجمها ولموقعها القريب من اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. كما أن مدينة الموصل عاصمة الشمال العراقي تقع على بعد كيلومترات فقط من الحدود مع سوريا حيث يفصل بينها وبين معبر اليعربية الفاصل بين العراقوسوريا منطقة تسكنها عائلات سنية لها امتدادات عشائرية وعائلية على الجانب الاخر من الحدود. القطعات العسكرية وقال ضابط عراقي إن «جميع القطعات العسكرية التابعة للفرقة الثانية خرجت من المدينة» وكذلك القيادات العسكرية العليا، مؤكدا أن «الموصل بأكملها باتت تحت سيطرة ارهابيي داعش عبر انتشار وفراغ امني كبير وانتشار لمئات المسلحين». وتابع أن «مقر قيادة عمليات نينوى ومبنى المحافظة ومكافحة الإرهاب وقناتي سما الموصل ونينوى الغد والدوائر والمؤسسات الحكومية والمصارف بيد داعش، وتم اقتحام سجون الدواسة والفيصلية وبادوش وهناك اطلاق سراح لمئات من المعتقلين». وقالت تقارير إن عدداً من تم إطلاقهم من السجون بلغ 2700 معتقل. وقال مصدر أمني إن «المسلحين سيطروا على مطار الموصل بالكامل، بعد إسقاط قيادة عمليات نينوى في حي الطيران جنوبي الموصل، كما أسقطوا مبنى مديرية الشرطة في الدواسة وسط الموصل والانتقال إلى الجانب الأيسر والسيطرة عليه بالكامل». وقال ضابطان بالجيش إن قوات الأمن تلقت أوامر بمغادرة المدينة بعد أن استولى المتشددون على قاعدة الغزلاني في جنوب الموصل وأخرجوا أكثر من 200 نزيل من سجن شديد الحراسة. وأضافا أن قوات الجيش والشرطة المتقهقرة أشعلت النار في مخازن للوقود والذخيرة لمنع المتشددين من استخدامها، غير ان المتشددين تمكنوا من اقتحام مقر لواء «صولة الفرسان» غربي المدينة واستولوا على كافة الأسلحة والذخائر فيها. وفي كركوك، تمكن «داعش» من السيطرة على قضاء الحويجة وخمس نواح في محافظة كركوك العراقية، حسبما افاد مسؤول في الشرطة. وجاءت سيطرة هؤلاء المقاتلين على المناطق الواقعة إلى الغرب والجنوب من مدينة كركوك، مركز المحافظة الغنية بالنفط والمتنازع عليها. موقف الحكومة وفي ضوء هذا الحدث المفصلي، دعت الحكومة العراقية البرلمان الذي سيعقد جلسة طارئة غداً إلى اعلان حالة الطوارئ في البلاد، وأعلنت عن وضع قواتها في حالة التأهب القصوى، كما تعهدت بتسليح كل مواطن يتطوع لقتال الإرهاب، مشيرة إلى قرار بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وخططها. وطالب رئيس الوزراء نوري المالكي الذي تلا بيان الحكومة بحشد «كل الطاقات الوطنية من اجل انهاء تنظيم داعش في محافظة نينوى والمحافظات الاخرى». بدوره، قال رئيس البرلمان أسامة النجيفي في مؤتمره الصحافي إن «محافظة نينوى كلها سقطت في ايدي المسلحين»، مضيفا أن «مسلحين يتوجهون إلى محافظة صلاح الدين لاحتلالها»، وهي محافظة تسكنها ايضا غالبية من السنة وتقع إلى الجنوب من نينوى وإلى الشرق من الأنبار. وذكر مصدر امني مطّلع أن «قوات من البيشمركة نقلت محافظ نينوى أثيل النجيفي والمسؤولين المحليين إلى خارج المدينة»، مشيراً إلى «هروب عدد من المسؤولين الحكوميين الذين كانوا يقطنون الجانب الأيمن من الموصل، حيث بدأوا بالفرار برفقة عوائلهم رغم حظر التجوال». نزوح كثيف وتشهد نينوى حاليا حركة نزوح كثيفة باتجاه اقليم كردستان المجاور الذي يتمتع بحكم ذاتي، بحسب ما افاد مراسل «فرانس برس» في الموصل. وقال المراسل انه شاهد سيارات تحمل عائلات تفر من المدينة، وسيارات شرطة وآليات للجيش بعضها محترق واخرى متروكة على الطريق، فيما اغلقت المحلات ابوابها. ويتجمع عشرات الآلاف من العوائل عند مداخل الإقليم في ظل أوضاع إنسانية صعبة للغاية واكتظاظ بشري غير مسبوق بهدف الوصول إلى ملاذات آمنة. قرقاش: المساحة بين «الإخوان» والتطرف ضيقة أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية معالي الدكتور أنور قرقاش في تغريدات له على «تويتر» حول سقوط الموصل، إن المساحة بين تنظيم الإخوان والتطرف والإرهاب ضيقة. وقال معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية، إنه «من التجربة السورية أدركنا أن أولوية داعش لم تكن النظام، ويتفق كل مراقب منصف أن هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة ساعدت في تعزيز موقف النظام». وأضاف: «الإرهاب خطر حقيقي امام دول الخليج العربي وليس تهديداً افتراضياً، واللعب بنار الإرهاب تبعاته خطيرة على دولنا وشعوبنا ومجتمعاتنا». وأردف معالي قرقاش: «الهاربون من التنظيم السري يغردون دعماً لداعش، هل هو الإصلاح الذي أرادوه للإمارات؟ نكرر مجدداً أن المساحة بين الإخوان والتطرف والإرهاب ضيقة». ولفت إلى أن «دعم هؤلاء العلني للجماعات الإرهابية لم يفاجئني وخطابهم المتمسكن والمتأسلم والمتغطي بعبارات جوفاء حول الإصلاح يفضحه توجههم وانتماءاتهم». لقطات استغرب عراقيون تحدثوا لوسائل الإعلام بعد نزوحهم من الموصل إلقاء قوات الجيش سلاحها وكيف أنها غيرت ملابسها وتركت سياراتها ولم يطلق أحد طلقة واحدة للدفاع عن المدينة. شهدت أسواق ومحطات وقود محافظة بابل، إقبالاً واسعاً من الأهالي الذين اشتروا كميات كبيرة من المواد الغذائية والوقود على خلفية أحداث الموصل. نشر تنظيم «داعش» عشرات الصور لآليات عسكرية محترقة وجنود تم اعدامهم، وصوراً اخرى تظهر انتشارهم في الموصل. تهكم ناشطون سوريون على امتناع واشنطن تسليح المعارضة خشية وقوع الأسلحة في أيدي «الإرهابيين» وتداولوا صور لعربات «همر» أميركية عليها رايات «داعش». نشر موالون لتنظيم «داعش» على «تويتر» خرائط توضح حدود «الدولة الإسلامية» الممتدة من نهر الفرات في نقطة دخوله إلى سوريا وحتى الموصل بما فيها الأنبار ودير الزور والرقة والحسكة. البيان الاماراتية