عبدالله الدهمشي وحدها مصالح الجموع الشعبية هي التي تتضرر من صراع شركاء السلطة في حكومة الوفاق، فالذين أضيفت مولدات الكهرباء وما تطلبه من إنفاق إلى تكاليف المصروفات هم أصحاب الأعمال الصغيرة، وهم الذين تضررت أعمالهم بأزمة المشتقات النفطية، أما الكبار فهم يضاعفون أرباحهم في الأزمات. يفسِّر بعض المعنيين بالشأن اليمني من الكُتَّاب وأصحاب الرأي، معاناة الشعب المضاعفة بأزمتي الكهرباء والمشتقات النفطية بأنها نتاج صراع بين أحزاب حكومة الوفاق للنيل من بعضها شعبياً، باعتبار أن الوزراء يمثلون أحزابهم في الحكومة، بينما هذه الحكومة لن تجد من يمثلها، لذلك يُحسب الفشل والنجاح للأحزاب. قد يكون هذا التفسير صحيحاً أو قريباً من المنطق المعقول والمقبول، خصوصاً وأن الأحزاب توقفت عن انتقاد الوزراء المحسوبين عليها في حكومة الوفاق من خلال وسائل إعلامها، ولم تعد تعبِّر عن معاناة الشعب المنهك بإرهاق متجدد ومتزايد، كما أن الحكومة لم تخرج إلى الرأي العام بتوضيح للأوضاع المتدهورة في الجانب الخدمي وبيان ما بمقدورها عمله وما تعجز عنه في مجالات الانفلات الأمني والتوقف الدائم للتيار الكهربائي والأزمة الخانقة للمشتقات النفطية. غير أن الانشطار الحزبي للعمل الحكومي لا يقتصر في الظهور على الجانب الخدمي، بل يتعداه إلى الجانبين الأمني والعسكري، فوزير الداخلية المرضيّ عنه من طرف حزبي في الحكومة مغصوب عليه من الطرف الآخر، وكذلك هو الحال بالنسبة لوزير الدفاع، ولهذا فإن التفكك الحزبي لحكومة الوفاق وعملها يهدد مشروع إعادة بناء الدولة بمخاطر أكبر من تلك التي تأتي من الجماعات المسلحة التي تحارب الدولة القائمة، بدليل أن الدولة اليمنية عاجزة عن تعيين سفراء في أكثر من عشرين دولة لا يمثل اليمن في عاصمتها بسفير، لأن كل حزب يتمسك بأن يكون السفراء في الدول المهمة منه، ويخشى أن يكون تمثيلها من حزب آخر تمثيلاً لهذا الحزب وليس للدولة اليمنية. تأسيساً على هذه الرؤية، نقول إن الأحزاب التي تقاسمت عمل حكومة الوفاق جعلت من هذا التقاسم وسيلة لتصفية حساباتها في صراع كان ضحيته المواطن والوطن، وإذا كان كل حزب يظن أنه قد نال من خصومه فإن هذا الظن صحيح، ولكن بصورة قاطعة في دلالتها على أن الشعب كله يغتلي غضباً وغيظاً من أحزاب جميعها أضافت إلى متاعبه وسعت إلى إرهاقه، فخسرت جميعها تأييد الشعب وكسبت بدلاً من ذلك نفوراً متزايداً بين جماهير تتطلع بشغف وشوق إلى منقذ لها من فساد الأحزاب ومفاسد التقاسم الحزبي للسلطة والثروة، وهي تنتظر يوم الخلاص. *اليمن اليوم براقش نت