استقطبت مسرحية "مريوم والسنافر" جمهوراً أكثر لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي تنظمه جمعية المسرحيين برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ وضاقت صالة أكبر المسارح في الشارقة حتى ممراتها بالأطفال الذين تزاحموا مع أسرهم منذ وقت مبكر على مدخل المسرح، واضطر بعضهم للبقاء خارج المسرح من دون أن يفلح في مشاهدة العرض الذي قدمته فرقة "المسرح الحديث". وسبق أن شهدت صالة المسرح المكونة من طابقين توسيعاً لخشبتها، تحتاج إلى توسعة أخرى لصالتها، وفيما لو كان ذلك صعباً من الناحية التقنية يمكن أن تتوجه الشارقة إلى بناء مسرح أكبر لجمهورها، يستوعب أكثر من 4 آلاف مقعد، خاصة مع ما تحقق لها من مكانة متميزة في السنوات الأخيرة، إذ يُنظر إليها الآن باعتبارها مركزاً مهماً لنتاجات المسرح العربي. وبدت عودة المخرج حسن رجب عبر "مريوم والسنافر" إلى مسرح الطفل بعد توقف لوقت ليس بالقصير، قوية فعلاً، إذ قدم جملة من اللوحات المشهدية الثرية بالألوان والتشكيلات الاستعراضية والحوارات المغناة التي وجدت تجاوباً واضحاً من الصغار المزدحمين في الصالة بكاميرات أجهزتهم اللوحية بأشكالها المتنوعة ومتفاوتة الأحجام. المسرحية التي كتبها مرعي الحليان، حكت للأطفال بمزيج من الكلام والأغنيات عن مغالبة "مريوم وسنافرها الطيبة" ل "شرشبيل الشرير"، فالأخير يملك مختبراً كيماوياً ولكنه بدلاً من أن ينتج منه أشياء نافعة ومفيدة، صار يستغله لإنتاج مركب كيماوي يمكنه من استغلال الآخرين وإخضاعهم لرغباته كما فعل مع قطه "هرهور"، ومن ثم مع واحدة من السنافر البريئة؛ وهدفه الأكبر هو أن يمسخ "السنافر" كلها إلى كائنات قوية وشريرة. وتمضي المسرحية لتكشف لنا أن هذه الرغبة التي يكتوي بها "شرشبيل" إنما مصدرها حنقه الشديد على العالم، فهو لم يهنأ بحياة طيبة في صغره. بالمقابل، يظهر لنا العرض كيف تتكاتف السنافر البريئة مع مريوم وتجهد لصياغة حيلة ذكية تمكنها من اختراق مختبر شرشبيل لتقوم بتعطيله. ويمكن لنا أن نرى أن العرض يتبنى الفكرة التي مفادها أن الإنسان لم يخلق شريراً، ولكن الظروف التي تحيط به هي التي تجعله كذلك، إلا أنه من جهة أخرى يمكننا أن نتبين في تعاون السنافر ومريوم على اختراق قلعة شرشبيل الكيماوية ما يدل على أن القوة ليست هي كل شيء في العالم؛ فبالحيلة يمكن أن يتحول مختبر شرشبيل إلى ركام. وعلى الرغم من أن زمن المسرحية بدا طويلاً قياساً إلى كونها مقدمة لأطفال، إلا أن وطأة الوقت كانت تخف مع التنقلات والحركات الانفعالية السريعة التي أفلح في تأديتها فريق العرض، وكذلك المناظر التي عمد رجب إلى تجديد تكويناتها وألوانها وكتلها من وقت لآخر؛ على نحو يدل على حساسيته الإخراجية المتقدمة.